في إثبات ذلک من الکتاب
و ذلک من وجوه دلت علي وجوده و إمامته و ثبوت عصمته الأول وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ روي صاحب الکشاف في کتابه أن بني إسرائيل لما عبدوا العجل تبرأ سبط منهم و لم يدخل فيما صنعوا و سأل الله أن يفرق بينهم و بين قومهم ففتح الله لهم نقبا في الأرض فساروا فيه و فارقوا قومهم فلما بعث النبي ص و عرج به إلي السماء أقدمه جبرئيل (ع) عليهم فأسلموا علي يده و علمهم الحدود و الأحکام و عرفهم شرائع الإسلام و هم باقون يعبدون الله تعالي علي الملة الإسلامية و الشريعة المحمدية.
[ صفحه 16]
و لا شک في أن النبي ص قال تحذو أمتي حذو بني إسرائيل النعل بالنعل و القذة بالقذة فلا بد أن يکون في هذه الأمة من هو کذلک. و لم ينقل أحد خاف من الظالمين ففتح له نفق في الأرض فسار فيه و فارق الطاغين غير الإمام الحجة (ع) و هو کما وردت الأخبار في قطر من الأقطار بين ولده و أصحابه و خواصه يعبد الله إلي حين ظهوره و الإذن في حضوره فيملأها عدلا و قسطا کما ملئت جورا و ظلما. الثاني وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضي لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِکُونَ بِي شَيْئاً وعده سبحانه حق و صدق و قد وعد المؤمنين الصالحين الخائفين في کتابه المبين بالاستخلاف علي المکلفين و وصفهم بحصول الخوف بعد کونهم مؤمنين و أن يجعلهم بعد ذلک آمنين. و هذه خاصة لم تحصل لأحد ممن تولي أمور المسلمين و إنما هو صفة للقائم خاتم الأئمة المعصومين و لذا وصفهم بأنهم عن الشرک منزهين و هذا لا يکون إلا للأئمة الطاهرين أ ليس قد صح عن النبي ص أنه قال دبيب الشرک في أمتي کدبيب النملة السوداء علي الصخرة الصماء في
[ صفحه 17]
الليلة الظلماء و العصمة تمنع من ذلک و لا معصوم سواهم فلا يراد بهذا الوصف إلا هم ثم وصفهم بأنه إذا استخلفهم في أرضه لا يکون فيها من يشرک بعبادته و هذا لا يتأتي إلا مع وجود الإمام الحجة (ع) إذا ملأها عدلا و قسطا کما ملئت جورا و ظلما فتکون هو المراد بهذه الأحکام و هو المطلوب. الثالث لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَ لَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ وعد الله في کتابه المکنون أن يظهر دين الإسلام علي أديان الأنام و وعده حق لا بد من حصوله و صدق لا بد من حلوله و هذا أمر لا تحصل في عهد خاتم النبيين و لا أحد ممن تولي أمور المسلمين. و قد ثبت أن قائم آل محمد يملأ الأرض عدلا و قسطا کما ملئت جورا و ظلما و لا عدل أعظم من إظهار الشريعة المحمدية و الملة الإسلامية فيکون الإمام الحجة (ع) هو الموعود به في الکتاب و هو نص في الباب. الرابع وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ مما صح لي روايته عن محمد بن أحمد الأيادي رحمه الله يرفعه إلي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) المستضعفون في الأرض المذکورون في الکتاب الذين يجعلهم الله أئمة نحن أهل البيت يبعث الله مهديهم فيعزهم و يذل عدوهم
[ صفحه 18]
الخامس وَ فِي السَّماءِ رِزْقُکُمْ وَ ما تُوعَدُونَ بالطريق المذکور يرفعه إلي ابن عباس الرزق الموعود في السماء هو خروج المهدي (ع) السادس اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها
بالطريق المذکور يرفعه إلي ابن عباس أيضا قال يصلح الله الأرض بقائم آل محمد بعد موتها يعني بعد جور أهل مملکتها قَدْ بَيَّنَّا لَکُمُ الْآياتِ بالحجة من آل محمد لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ. السابع أَيْنَ ما تَکُونُوا يَأْتِ بِکُمُ اللَّهُ جَمِيعاً بالطريق المذکور و الذين وعد الله بالإتيان بهم جميعا في الکتاب هم أصحاب الإمام القائم (ع) يجمعهم الله في يوم واحد بعد التشتت و الذهاب فإذا قام صلي الله عليه وصلوا في ذلک اليوم إليه الثامن إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ بالطريق المذکور يرفعه إلي الحسن بن زياد الصيقل قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إن القائم منا لا يقوم حتي ينادي مناد من السماء تخشع له الرقاب تسمع الفتاة في خدرها و يسمع به أهل المشرق و المغرب فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْکُضُونَ تموج أعداؤه عند ذلک کما يموج السمک في
[ صفحه 19]
قليل الماء حتي يأتيهم النداء لا تَرْکُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلي ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساکِنِکُمْ لَعَلَّکُمْ تُسْئَلُونَ فإذا حلت بهم الندامة علي ما أسلفوا و نظروا ما خلفوا قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا کُنَّا ظالِمِينَ فَما زاَلَتْ تِلْکَ دَعْواهُمْ حَتَّي جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ عند الکشف و ظهور صاحب الأمر بالسيف لا ينفعهم الإيمان و لا يغني عنهم الإذعان فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ کَفَرْنا بِما کُنَّا بِهِ مُشْرِکِينَ فَلَمْ يَکُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِکَ الْکافِرُونَ و کيف ينفع إيمان المنافقين عند حلول العذاب المهين. و أني لهم بالإيمان المنجي من العذاب و سوء الانقلاب عند ظهور اليأس و حلول البأس بل يحل بهم الويل و الثبور و الحسرة و الندامة مع ما يعجل لهم من العذاب في الحياة الدنيا و لعذاب الآخرة أخزي و هم لا ينصرون و في الآخرة يصلون الجحيم و العذاب المقيم. التاسع قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُکُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيکُمْ بِماءٍ مَعِينٍ کني سبحانه عن الإمام القائم (ع) في کتابه المبين بالماء المعين لأنه يحيي به النفوس في هذه الدنيا و في تلک الدار کما يحيي بالماء الحيوان و النبات و الثمار. و يعضده ما صح لي روايته بالطريق المذکور يرفعه إلي أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال معني الآية إِنْ أَصْبَحَ إمامکم غَوْراً غائبا عنکم فَمَنْ يَأْتِيکُمْ بإمام ظاهر يأتيکم بأخبار السماء و الأرض و بحلال الله و حرامه
[ صفحه 20]
العاشر فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْکُنَّسِ بالطريق المذکور يرفعه إلي أبي جعفر (ع) قال الراوي سألته عن معني الخنس الذي ذکره الله في کتابه فقال إمام يختنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين و مائتين ثم يبدو کالشهاب الوقاد في ظلمة الليل فإن أدرکت ذلک قرت عينک الحادي عشر وَ أَسْبَغَ عَلَيْکُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً کني سبحانه عن الإمام الحجة (ع) في الکتاب بالنعمة الباطنة و هو نص في الباب. و يعضده ما جاز لي روايته عن السيد هبة الله الراوندي رحمه الله يرفعه إلي الإمام موسي بن جعفر (ع) فإنه سئل عن نعم الله الظاهرة و الباطنة التي أسبغها الله علي عباده و ذکر ذلک في کتابه فقال النعمة الظاهرة الإمام الظاهر و الباطنة الإمام الغائب يغيب عن أبصار الناس شخصه و يظهر له کنوز الأرض و يقرب عليه کل بعيد الثاني عشر وَ لا يَکُونُوا کَالَّذِينَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ کَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ نهي الله عباده المؤمنين أن يکونوا لطول غيبة إمامهم قانطين و لتعميره بهذه المدة المتطاولة مستبعدين فيکونوا کالقوم المتقدمين فينحطوا عن درجة المتقين.
[ صفحه 21]
و يعضده ما صح لي روايته عن الشيخ محمد بن بابويه رحمه الله يرفعه إلي أمير المؤمنين (ع) أن النهي عن کون المسلمين مثل الذين قست قلوبهم من أهل الکتاب المتقدمين إنما هو في أمر الإمام القائم (ع) فيجب أن لا يتعجل المؤمن أمرا لم يحصل أوانه و لم يحضر زمانه بل يکون علي يقين من حصوله و يجزم بحلوله فيکون حينئذ کامل الإيمان بالله و رسوله و الأئمة و صاحب الزمان و هذا هو الإيمان المنجي من العذاب إذ بدونه يموت الإنسان ميتة جاهلية فيحصل سوء الانقلاب نعوذ بالله من النار و غضب الجبار و بالله العصمة و التوفيق
[ صفحه 22]