بازگشت

في ذکر توقيعاته علي يد رسله و أصحابه و علي يد سفرائه إلي وکل


فمن ذلک ما جاز لي روايته عن أحمد بن محمد الأيادي رحمه الله يرفعه إلي علي بن إبراهيم الرازي قال تشاجر ابن أبي غانم القزويني و جماعة من الشيعة في الخلف فذکر ابن أبي غانم أن أبا محمد (ع) مضي و لا خلف له ثم إنهم کتبوا في ذلک کتابا إلي الناحية و أعلموه ما تشاجروا فيه فورد جواب کتابهم بخطه ص بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله و إياکم من الضلال و الفتن و وهب لنا و لکم روح اليقين و أجارنا و إياکم من سوء المنقلب إنه أنهي إلينا ارتياب جماعة منکم في الدين



[ صفحه 119]



و ما دخلهم من الشک و الحيرة في ولاة أمورکم فغمنا ذلک لکم لا لنا و ساءنا فيکم لا فينا لأن الله معنا فلا حاجة بنا إلي غيره و الحق معنا فلم يوحشنا من قعد عنا و نحن صنائع ربنا و الخلق بعد صنائعنا يا هؤلاء ما لکم في الريب تترددون في الحيرة تنعکثون أ و لم يکفکم ما ذکر الله في کتابه حيث أمر بطاعة ولاة أمره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ أ و ما علمتم ما جاءت به الآثار مما يکون و يحدث في أئمتکم علي الماضي و الباقي منهم السلام أ و ما رأيتم کيف جعل الله فيکم معاقل تأوون إليها و أعلاما تهتدون بها من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (ع) کلما غاب علم بدا علم و کلما أفل نجم طلع نجم فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله تبارک و تعالي أبطل دينه و قطع السبب بينه و بين خلقه کلا ما کان ذلک و لا يکون حتي تقوم الساعة و يظهر أمر الله و هم کارهون و إن الماضي (ع) مضي سعيدا فقيدا علي منهاج آبائه حذو النعل بالنعل و فينا وصيته و علمه و منه خلفه و من يسد مسده لا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم و لا يدعيه دوننا إلا جاحد کافر و لو لا أن أمر الله لا يغلب و سره لا يظهر و لا يعکس لظهر لکم من حقنا ما تتنز منه عقولکم و يزيل شکوککم لکنه



[ صفحه 120]



ما شاء الله کان و لکل أجل کتاب فاتقوا الله و سلموا لنا و ردوا الأمر إلينا فعلينا الإصدار کما کان منا الإيراد و لا تحاولوا کشف ما غطي عنکم و لا تميلوا عن اليمين إلي الشمال و اجعلوا وصولکم إلينا بالمودة و علي السنة الواضحة فقد نصحت لکم و الله شاهد علي و عليکم و لکنا عن مخاطبتکم في شغل فيما امتحنا به من منازعة الظالم العتل الضال المتتابع في غيه المضاد لربه الداعي ما ليس له الجاحد حق من افترض الله طاعته الظالم الغاصب و في ابنة رسول الله ص لي أسوة حسنة و سيرد الجاهل رداءة عمله و سيعلم الکفار لمن عقبي الدار عافانا الله و إياکم من المهالک و الأسواء و الآفات و العاهات کلها برحمته فإنه ولي ذلک و القادر علي ما يشاء و کان لنا و لکم وليا و حافظا و السلام علي جميع الأوصياء و الأولياء و المؤمنين و رحمة الله و برکاته و صلي الله علي محمد النبي و آله و سلم تسليما و مما صح لي روايته عن الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد المفيد عليه الرحمة يرفعه إلي علي بن محمد قال أوصل رجل من أهل السواد مالا فرد عليه و قيل له أخرج حق ولد عمک منه و هو أربعمائة درهم و کان الرجل في يده ضيعة لولد عمه فيها شرکة و قد حبسها عنهم فنظر فإذا الذي لولد عمه أربعمائة



[ صفحه 121]



درهم من ذلک المال فردها عليهم و أنفذ المال فقبل. و بالطريق المذکور يرفعه إلي الحسن بن الفضل قال وردت العراق و علمت علي أني لا أخرج إلا عن بينة من أمري و نجاح من حوائجي و لو احتجت أن أقيم فيها حتي أتصدق قال و في خلال ذلک تضيق صدري بالمقام و أخاف أن يفوتني الحج قال فجئت يوما إلي محمد بن أحمد و هو السفير يومئذ أتقاضاه فقال لي صر إلي مسجد کذا و کذا فإنه يلقاک رجل قال فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحک و قال لي لا تغتم فإنک ستحج في هذه السنة و تنصرف إلي أهلک و ولدک سالما قال فاطمأنت و سکن قلبي و قلت هذا مصداق ذلک ثم وردت العسکر فخرجت إلي صرة فيها دنانير و ثوب فاغتممت و قلت في نفسي حدي عند القوم هذا و استعملت الجهل فرددتها ثم ندمت بعد ذلک ندامة شديدة فقلت في نفسي کفرت بردي علي مولاي و کتبت رقعة أعتذر من فعلي و أبوء بالذنب و الإثم و أستغفر من زللي و أنفذتها و قمت أتطهر للصلاة و أنا إذ ذاک أفکر في نفسي و أقول إن ردت علي الدنانير لم أحل شدها و لم أحدث فيها شيئا حتي أحملها إلي أبي فإنه أعلم مني فخرج إلي الرسول الذي حمل الصرة و قال لي أسأت إذ لم يعلم الرجل أنا ربما فعلنا ذلک بموالينا ابتداء و ربما سألونا ذلک يتبرکون به و خرج إلي أخطأت في ردک برنا فإذا استغفرت الله فالله تعالي يغفر لک و إذا کانت عزيمتک و عقد نيتک فيما حملناه إليک ألا تحدث فيه حدثا إذا رددناه عليک و لا تنتفع به في طريقک صرفناه عنک



[ صفحه 122]



و أما الثوب فخذه لتحرم فيه. و مما جاز لي روايته عن الشيخ الصدوق محمد بن بابويه رحمه الله يرفعه إلي علي بن همام قال سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن يوصل لي کتابا قد سألت فيه عن مسائل أشکلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان أما ما سألت عنه أرشدک الله و ثبتک من أمر المنکرين لي من أهل بيتنا و بني عمنا فاعلم أنه ليس بين الله عز و جل و بين أحد قرابة و من أنکرني فليس مني و سبيله سبيل ابن نوح (ع) و أما سبيل عمي جعفر و ولده فسبيل إخوة يوسف (ع) و أما الفقاع فشربه حرام و لا بأس بالشلماب و أما أموالکم فما نقبلها إلا لنطهرکم فمن شاء فليصل و من شاء فليقطع فما آتاني الله خير مما آتاکم و أما ظهور الفرج فإنه إلي الله و کذب الوقاتون و أما قول من زعم أن الحسين (ع) لم يقتل فکفر و تکذيب و ضلال و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليکم و أنا حجة الله و أما محمد بن عثمان العمري



[ صفحه 123]



رضي الله عنه و عن أبيه من قبل فإنه ثقتي و کتابه کتابي و أما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله له قلبه و يزيل عنه شکه و أما ما وصلنا به فلا قبول عندنا إلا ما طاب و طهر و ثمن المغنية حرام و أما محمد بن شاذان بن نعيم فهو رجل من شيعتنا أهل البيت و أما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع فملعون و أصحابه ملعونون لا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم بري ء و آبائي (ع) منهم برآء و أما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأکله فإنما يأکل النيران و أما الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل إلي وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث و أما ندامة قوم قد شکوا في دين الله علي ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال و لا حاجة لنا في صلة الشاکين و أما علم ما وقع من الغيبة فلا تحفوا في السؤال عنها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ إنه لم يکن أحد من آبائي إلا و قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه و إني أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي و أما وجه الانتفاع بي في



[ صفحه 125]



غيبتي فکالانتفاع بالشمس إذا غشيها عن الأبصار السحاب و إني أمان في غيبتي لأهل الأرض کما أن النجوم أمان لأهل السماء فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيکم و لا تتکلفوا علم ما قد کفيتم و أکثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن في ذلک فرجکم و السلام عليک يا إسحاق بن يعقوب و علي من اتبع الهدي و بالطريق المذکور يرفعه إلي محمد بن إبراهيم أنه ورد العراق شاکا مرتادا فخرج إليه قل للمهزياري قد فهمنا ما حکيته عن موالينا بناحيتکم فقل لهم إن الله تعالي ذکر في کتابه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ أمرکم بطاعة ولاة أمره فهل الأمر إلا بما هو کائن إلي يوم القيامة أ و لم تروا أن الله عز و جل جعل لکم معاقل تأوون إليها و أعلاما تهتدون بها من لدن آدم (ع) إلي أن ظهر الماضي (ع) کلما غاب علم بدا علم و إذا أفل نجم طلع نجم فلما قبضه الله عز و جل إليه ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه و بين خلقه کلا ما کان ذلک منه و لا يکون حتي تقوم الساعة فيظهر أمر الله و هم کارهون يا محمد بن إبراهيم لا يدخلک الشک فيما قدمت له فإن الله عز و جل لا يخلي الأرض من حجة أ ليس قد قال لک أبوک قبل وفاته أحضر هذه الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلک



[ صفحه 126]



عليه خاف الشيخ علي نفسه الوحا قال لک عيرها علي نفسک و أخرج إليک کيسا کبيرا و عندک بالحضرة ثلاثة أکياس و صرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها و ختم الشيخ عليها بخاتمه و قال لک أختم مع خاتمي فإن أعش فأنا أحق بها و إن مت فاتق الله في نفسک أولا ثم في و خلصني و کن عند ظني بک أخرج رحمک الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا و هي بضعة عشرة دينارا فاسترد من قبلک فإن الزمان أصعب ما کان حسبنا الله و نعم الوکيل.

قال محمد بن إبراهيم فقدمت العسکر و قصدت الباب زائرا فلقيتني امرأة فقالت أنت محمد بن إبراهيم فقلت نعم فقالت انصرف فإنک لا تصل في هذا الوقت و ارجع الليلة فإن الباب مفتوح لک فادخل الدار و اقصد البيت الذي فيه السراج ففعلت و قصدت التي وصفته فبينا أنا بين القبرين أنتحب و أبکي إذ سمعت صوتا و هو يقول يا محمد اتق الله و تب من کل ما أنت عليه فقد قلدت أمرا عظيما و بالطريق المذکور يرفعه إلي نصر بن صباح قال أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلي حاجز و کتب رقعة و غير فيها اسمه و نسبه فخرج إليه الوصول باسمه و نسبه و الدعاء له. و عن محمد بن هارون قال کانت للغريم (ع) علي خمسمائة دينار



[ صفحه 127]



و أنا في ليلة ببغداد لها ريح و ظلمة ففزعت فزعا شديدا و فکرت فيما علي و في و قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة و ثلاثين دينارا قد جعلتها للغريم بخمسمائة دينار قال فجاءني من يتسلم مني الحوانيت و قد کتب إلي بذلک من غير أن ينطق لساني أو أخبر به أحدا. و عن أبي القاسم بن أبي حليس قال أوصلت إلي حاجز عشرة الدنانير فنسيها حاجز أن يوصلها فبعث إليه ابعث بدراهم ابن أبي حليس ابتداء و کتب علي بن أحمد الصيمري يسأل کفنا فورد أنه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدي و ثمانين فمات رحمه الله في الوقت الذي حده و بعث إليه بالکفن قبل موته بشهر.

و بالطريق المذکور يرفعه إلي أبي العباس أحمد بن الخضر بن صالح الخجندي أنه خرج إليه من صاحب الزمان (ع) توقيع بعد أن کان قد



[ صفحه 128]



ألح في الفحص و الطلب و سار في البلاد و کتب علي يد الشيخ أبي القاسم بن روح إلي الصاحب (ع) يشکو إليه تعلق قلبه و إشغاله بالفحص و طلب الحق و سأل الجواب بما تسکن إليه نفسه و ينکشف له بما يعمل عليه فخرج إليه توقيع من بحث فقد طلب و من طلب فقد دل و من دل فقد أشاط و من أشاط فقد أغري و من أغري فقد أشرک قال فکففت عن الطلب و سکنت نفسي و عدت إلي منزلي مسرورا و الحمد لله و عن عبد الله بن جعفر الحميري قال خرج التوقيع إلي الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في التعزية بأبيه أجزل الله لک الثواب و أحسن لک العزاء رزئت رزئنا و أوحشک فراقه و أوحشنا فسره الله في منقلبه و کان من کمال سعادته أن رزقه الله عز و جل ولدا مثلک يخلفه من بعده و يقوم مقامه بأمره و يترحم عليه و أقول الحمد لله فإن الأنفس طيبة بمکانک و ما جعله الله عز و جل فيک و عندک أعانک الله و قواک و عضدک و وفقک و کان لک وليا و راعيا و حافظا و کافيا و معينا و عن سعد بن عبد الله رضي الله عنه قال خرج توقيع من مولانا صاحب الزمان إلي العمري و أبيه رضي الله عنهما



[ صفحه 129]



وفقکما الله لطاعته و ثبتکما علي دينه و أسعدکما بمرضاته انتهي إلينا ما ذکرتما أن الميثمي أخبرکما عن المختار و مناظرته من لقي و احتجاجه بأن لا خلف غير جعفر بن علي و تصديقه إياه و فهمت جميع ما کتبتما به مما قال أصحابکما عنه و أنا أعوذ بالله من العمي بعد الجلاء و من الضلالة بعد الهدي و من موبقات الأعمال و مرديات الفتن الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَکُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ کيف يتساقطون في الفتنة و يترددون في الحيرة و يأخذون يمينا و شمالا فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة و الأخبار الصحيحة أو علموا ذلک فتناسوا أ ما علموا أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهرا و إما مغمورا أ و لم يروا انتظام أئمتهم بعد نبيهم ص واحدا بعد واحد إلي أن أفضي الأمر بأمر الله جل و عز إلي الماضي يعني الحسن بن علي (ع) فقام مقام آبائه (ع) يهدي إلي الحق و إلي طريق مستقيم کان نورا و شهابا لامعا و قمرا زاهرا ثم اختار الله جل و عز له ما عنده فمضي علي منهاج آبائه (ع) حذو النعل بالنعل علي عهد عهده و وصية أوصي بها إلي وصي ستره الله بأمره إلي غاية و أخفي مکانه بمشيئته للقضاء السابق و القدر النافذ و فينا موضعه و لنا فضله و لو أذن الله عز و جل فيما قد منعه عنه و أزال عنه ما قد جري به حکمه لأراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية و أبين دلالة و أوضح علامة و لأبان عن نفسه و قام بحجته و لکن أقدار الله عز و جل لا تغالب و إرادته لا ترد و توفيقه لا يسبق فليدعوا عنهم أتباع الهوي و ليقيموا علي أصلهم الذي کانوا عليه و لا يبحثوا عما ستره الله



[ صفحه 130]



عنهم فيأثموا و لا يکشفوا ستر الله عز و جل فيندموا و ليعلموا أن الحق معنا و فينا لا يقول ذلک سوانا إلا کذاب مفتر و لا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي فليقتصروا منا علي هذه الجملة دون التفسير و يقنعوا من ذلک بالتعريض دون التصريح إن شاء الله و بالطريق المذکور يرفعه إلي أبي محمد الحسن بن أحمد المکتب قال کنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلي الناس توقيعا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم أجور إخوانک فيک فإنک ميت ما بينک و بين ستة أيام فاجمع أمرک و لا توص إلي أحد يقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز و جل و ذلک بعد طول الأمد و قسوة القلب و امتلاء الأرض جورا و سيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا من ادعي المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو کاذب مفتر و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم قال فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده فلما کان اليوم السادس غدونا و هو يجود بنفسه فقيل له من وصيک فقال لله أمر هو بالغه و مضي رضي الله عنه و کان هذا آخر کلام سمع منه و کان وفاة الشيخ علي السمري المذکور في النصف من شعبان سنة 328-. و مما صح لي روايته عن السيد هبة الله الراوندي رحمه الله يرفعه إلي الشيخ



[ صفحه 131]



المفيد عن أبي عبد الله الصفواني قال رأيت القاسم بن علاء و قد أتي عليه مائة سنة و سبع عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين لقي العسکريين و حجب بعد الثمانين و ردت عينيه قبل وفاته بسبعة أيام و ذلک أني کنت بمدينة الران من أراضي آذربيجان فکان لا ينقطع توقيعات صاحب الأمر (ع) علي يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري و بعده علي يد أبي القاسم بن روح فانقطعت عنه المکاتبات نحوا من شهرين و قلق لذلک فبينا نحن عنده نأکل إذ دخل عليه البواب مستبشرا فقال له فيج العراق ورد لا يسمي بغيره فاستبشر القاسم و حول وجهه إلي القبلة فسجد و دخل کهل قصير يري أثر الفيوج عليه و عليه جبة مصرية و في رجله نعل محاملي و علي کتفه مخلاة فقام إليه القاسم فعانقه و وضع المخلاة عن عنقه و دعا بطست و ماء فغسل يده و أجلسه إلي جانبه فأکلنا و غسلنا أيدينا فقام الرجل و أخرج کتابا أفضل من نصف المدرج فناوله القاسم فأخذه و قبله و دفعه إلي کاتب له يقال له ابن أبي سلمة فأخذه



[ صفحه 132]



و فضه و قرأه حتي أحس القاسم ببکائه فقال خبر خرج في شي ء مما يکره قال لا قال فما هو قال ينعي الشيخ إلي نفسه بعد ورود هذا الکتاب بأربعين يوما و أنه يمرض يوم السابع بعد وصول الکتاب و أن الله يرد عليه عينيه بعد ذلک و قد حمل إليه سبعة أثواب فقال القاسم في سلامة من ديني فقال في سلامة من دينک فضحک رحمه الله و قال و ما أؤمل بعد هذا العمر حياة. فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أثواب إزر و حبرة يمانية حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا فأخذه القاسم و کان عنده قميص خلعه عليه علي النقي (ع) و کان للقاسم صديق في أمور الدنيا شديد النصب يقال له عبد الرحمن بن محمد الشبزي وافي الدار فقال القاسم اقرءوا الکتاب عليه فإني أحب هدايته قالوا هذا لا يحتمله خلق من الشيعة فکيف عبد الرحمن فأخرج القاسم إليه الکتاب و قال اقرءوا فقرءوه علي عبد الرحمن إلي موضع



[ صفحه 133]



النعي فقال للقاسم يا أبا محمد اتق الله فإنک رجل فاضل في دينک أ ليس قد ذکر الله في کتابه وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ لا علم لأحد بمنيته و لا ما يلقي في صبيحته و قد اختص سبحانه بعلم الغيب دون خلقه عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلي غَيْبِهِ أَحَداً فقال القاسم إِلَّا مَنِ ارْتَضي مِنْ رَسُولٍ استثني المرتضي من النبيين و مولاي هو المرتضي من الرسول. ثم قال أعلم أنک تقول هذا و لکن ورخ هذا اليوم فإن عشت بعد هذا اليوم أو مت قبله فاعلم أني لست علي شي ء و إن أنا مت في ذلک اليوم فانظر لنفسک فورخ عبد الرحمن اليوم و افترقا و حم القاسم يوم السابع و اشتدت العلة به إلي مدة و نحن مجتمعون يوما عنده إذ مسح عينه بکمه فخرج عن عينيه شبيه بماء اللحم ثم مد نظره إلي ابنه فقال يا حسن إلي و يا فلان إلي فنظرنا إلي الحدقتين صحيحتين و شاع الخبر في الناس فأتي الناس من العامة ينظرون إليه فرکب قاضي القضاة يومئذ ببغداد فدخل عليه فقال له يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي و أراه خاتم فضة فيروزج فقربه إليه فقال خاتم فضة فيروزج و عليه ثلاثة أسطر لا يمکنني قراءتها و قد کان قال لابنه الحسن اللهم ألهم الحسن طاعتک و جنبه معصيتک قال له ذلک ثلاثا ثم کتب وصيته بيده و کانت الضياع التي في يده لصاحب الأمر کان أبوه وقفها عليه و کان فيما أوصي إلي ابنه إن أهلت للوکالة فيکون قوتک من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة و سائرها ملک لمولانا ع. فلما کان يوم الأربعين و قد طلع الفجر مات أبو القاسم فوافاه عبد الرحمن



[ صفحه 134]



ثم خرج يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يصيح يا سيداه فاستعظم الناس ذلک منه فقال لهم اسکتوا فقد رأيت ما لم تروه و تشيع و رجع عما کان عليه فلما کان بعد مدة ورد کتاب من صاحب الأمر (ع) علي الحسن ألهمک طاعته و جنبک معصيته و هو الدعاء الذي دعا به أبوک و بالطريق المذکور يرفعه أحمد بن أبي روح قال أرسلت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت يا ابن روح أنت أوثق من في ناحيتنا دينا و ورعا و إني أريد أن أودعک أمانة أجعلها في رقبتک تؤديها و تقوم بها فقلت أفعل إن شاء الله فقالت هذه دراهم في هذا الکيس المختوم لا تحله و لا تنظر فيه حتي تؤديه إلي من يخبرک بما فيه و هذا قرطي يسوي عشرة دنانير و فيها ثلاث حبات لؤلؤ تسوي عشرة دنانير و لي إلي صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها فقلت ما الحاجة فقالت عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي لا أدري ممن استقرضتها و لا أدري إلي من أدفعها فإن أخبرک بها فادفعها إلي من يأمرک بها قال و کنت أقول بجعفر بن علي فقلت هذه المحنة بيني و بين جعفر فحملت المال و خرجت فدخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه و جلست فقال أ لک حاجة قلت هذا مال دفع إلي لأدفعه إليک تخبرني کم هو و من دفعه إلي فإن أخبرتني دفعته إليک قال لم أومر بأخذه و هذه



[ صفحه 135]



رقعة جاءتني في أمرک فإذا فيها لا تقبل من أحمد بن روح و توجهه إلينا إلي سر من رأي فقلت لا إله إلا الله هذا أحلي شي ء أردته فخرجت فوافيت سر من رأي فقلت أبدأ بجعفر فتفکرت و قلت أبدأ بهم فإن کانت المحنة من عندهم و إلا مضيت إلي جعفر فدنوت من دار أبي محمد فخرج إلي خادم فقال أنت أحمد بن أبي روح قلت نعم قال هذه الرقعة اقرأها فقرأتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم يا ابن أبي روح أودعتک عاتکة بنت الديراني کيسا فيه ألف درهم بزعمک و هو خلاف ما تظن و قد أديت فيه الأمانة و لم تفتح الکيس و لم تدر ما فيه و فيه ألف درهم و خمسون دينارا صحاح و معک قرط زعمت المرأة أنها تسوي عشرة دنانير صدقت مع الفصين اللذين فيه و فيه ثلاث حبات لؤلؤ شرتها بعشرة دنانير و هي تسوي أکثر فادفعها إلي خادمتنا فلانة فإنا قد وهبناها لها و صر إلي بغداد و ادفع المال إلي حاجز و خذ منه ما يعطيک لنفقتک إلي منزلک و أما عشرة الدنانير التي زعمت أن أمها اقترضتها في عرسها و لا تدري من صاحبتها بلي هي تعلم أنها لکلثم بنت أحمد و هي ناصبية فتحرجت أن تعطيها و أحبت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلک فلتفرقها في ضعفاء أخواتها و لا تعودن يا ابن أبي روح إلي القول بجعفر و المحنة له و ارجع إلي منزلک فإن عمک قد مات و قد ورثک الله أهله و ماله فرجعت إلي بغداد و ناولت الکيس حاجزا فوزنه فإذا فيه ألف درهم و خمسون دينار فناولني ثلاثين دينارا و قال أمرنا بدفعه إليک لنفقتک فأخذتها و انصرفت إلي الموضع الذي نزلت فيه فإذا أنا برسول قد جاءني من منزلي يخبرني بأن عمي قد مات و أهلي يأمروني بالانصراف إليهم فرجعت



[ صفحه 136]



فإذا هو قد مات و ورثت منه ثلاثة آلاف دينار و مائة ألف درهم.

و عن أحمد بن أبي روح قال خرجت إلي بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله فأمرني أن أدفعه إلي أبي جعفر محمد بن عثمان العمروي و إن أمرني أن أدفعه إلي غيره و أمرني أن أسأله الدعاء للعلة التي هو فيها و أسأله عن الوبر يحل لبسه فدخلت بغداد و صرت إلي العمروي فأبي أن يأخذ المال و قال صر إلي أبي جعفر محمد بن أحمد و ادفع إليه فإنه أمره بأخذه و قد خرج الذي طلبت فجئت إلي أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء من العلة التي تجدها وهب الله لک العافية و دفع عنک الآفات و صرف عنک بعض ما تجده من الحرارة و عافاک و صح لک جسمک و سألت ما يحل لک أن تصلي فيه من الوبر و السمور



[ صفحه 137]



و السنجاب و الفنک و الدلق و الحواصل فأما السمور و الثعالب فحرام عليک و علي غيرک الصلاة فيه و يحل لک جلود المأکول من اللحم إذا لم يکن لک غيره و إن لم يکن لک بد فصل فيه و الحواصل جائز لک أن تصلي فيه و الفراء متاع الغنم ما لم يذبح بأرمنية تذبحه النصاري علي الصليب فجائز لک أن تلبسه إذا ذبحه أخ لک أو مخالف تثق به لا يقال لا نسلم أن هؤلاء السفراء و الرسل و النواب و الأصحاب و الوکلاء کانوا کما يقولون و لئن سلمنا ذلک فلا نسلم أنهم فعلوا ما يذکرون و لئن سلمنا ذلک فلا نسلم أنهم کما تزعمون أ ليس قد ورد الخبر عن أئمتکم أنهم قالوا خداما و قوامنا شر خلق الله و إذا کانوا شر خلق الله فلا اعتبار بهم. لأنا نقول إن سبيل هؤلاء و ثبوتهم و ثبوت ما ورد عنهم أنهم فعلوه و ما سمع منهم أنهم قالوا سبيل کافة الأحکام التي وردت بها شريعة الرسول (ع) فإن جاز الطعن في ثبوت هؤلاء الرجال و ما ورد عنهم من الأقوال و الأفعال فليجز الطعن في کافة الأحکام لکنه بالإجماع محال فالطعن في هذا محال. و أما ما ذکرتم من الخبر فليس لصحته أثر لثبوت نقيضه و هو ما صح لي روايته عن الثقة أحمد بن محمد الأيادي رحمه الله يرفعه إلي محمد بن صالح الهمداني أحد الوکلاء المذکورين قال کتبت إلي صاحب الزمان (ع) إن أهل بيتي يؤذوني و يقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائک ع



[ صفحه 138]



أنهم قالوا خدامنا و قوامنا شر خلق الله فکتب (ع) ويحهم أ ما علموا أن الله عز و جل ذکرنا و ذکرکم في کتابه وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَکْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً شبهنا و إياکم بالقري فنحن و الله القري التي بارک فيها و أنتم القري الظاهرة و إذا کان کذلک فلا يرد الإيراد و هو المطلوب.



[ صفحه 139]