ولادة الامام المهدي
إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود إنّما تَثبُت بإقرار أبيه، وشهادة القابلة، وإن لم يَرَه أحد قطّ غيرهما، فکيف وقد شهد جماعة من الثقات أهل الفضل والورع والفقه أنّ الإمام الحسن العسکري عليه السّلام قد آذَنَهم بولادة ابنه المهدي عليه السّلام، وشهد المئات علي رؤيته، فقد شاهده بعضهم في سنّ الطفولة، ورآه بعضهم يافعاً، واعترف المؤرّخون بولادته، وصرّح علماء الأنساب بنسبه [1] ، وظهر علي يديه من الکرامات ما عرفه المقرّبون إليه، وصَدَرَت عنه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأقوال مشهورة وکلمات مأثورة.
کما صدرت عنه بواسطة سفرائه الموثوقين المعروفين إخباراتٌ غيبيّة وتوجيهات لشيعته.
ونلاحظ أن الإمام الحسن العسکري عليه السّلام ـ کما هو شأنه ـ قد سلک سبيل الحکمة في المحافظة علي حياة ولده الذي أعدّه الله تعالي لمهمّة خطيرة، فکتم أمره عن السلطة الحاکمة وعمّن لا يُؤتمن علي مثل هذا السرّ العظيم، وأعلن أمره ـ في المقابل ـ لشيعته والمقرّبين إليه والمؤتمَنين لديه، حتّي أنّه عقّ عن ولده بعقيقة وأمر بتفريق لحمها علي المؤمنين، مُعلِماً إيّاهم أنّها عقيقة عن ابنه محمّد المهديّ [2] ، حتّي أنّ بعضهم دخل علي الإمام الحسن العسکري عليه السّلام فهنّأه بولادة ابنه القائم عليه السّلام [3] .
يُضاف إلي ذلک أنّ بعض الجواري والإماء ممّن کُنّ في بيت الإمام العسکريّ عليه السّلام قد شاهدن الإمام المهدي عليه السّلام، وکذا الخَدَم من أمثال: طريف الخادم، وأبي الأديان الخادم، وأبي غانم الخادم، وعقيد الخادم، ونسيم ومارية، ومسرور الطبّاخ مولي أبي الحسن عليه السّلام، وجارية أبي عليّ الخيزراني التي أهداها إلي الإمام العسکريّ عليه السّلام [4] .
کما أنّ هناک روايات کثيرة صريحة برؤية السفراء الأربعة ـ کلٌّ في زمان وکالته ـ للإمام المهدي عليه السّلام، وکثير منها بمحضرٍ من الشيعة، وشهادة وکلاء المهدي عليه السّلام [5] .
ومَن وقف علي معجزاته عليه السّلام برؤيته ـ لا سيّما أنّهم من بلدان شتي وبأعداد من الکثرة ـ يمتنع معها اتّفاقهم علي الکذب، ناهيک عن شهادة القابلة بولادة الإمام المهدي عليه السّلام، وهي السيّدة حکيمة بنت الإمام محمّد الجواد عليه السّلام التي تولّت أمر نرجس أُمِّ الإمام المهدي عليه السّلام في ساعة الولادة، وصرّحت بمشاهدة الحجّة بعد مولده [6] ، وساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي عليّ الخيزراني.
پاورقي
[1] سنتحدّث قريباً عن اعتراف علماء أهل السنّة بولادته، واعتراف علماء الأنساب بها.
[2] الغيبة، للطوسي 148.
کمال الدين، للصدوق 431:2 حديث 6.
[3] الغيبة، للشيخ الطوسي 138 و 151.
[4] الغيبة، للطوسي 140.
وفي ينابيع المودّة 323:3 الباب 82 أنه عرضه علي أربعين رجلاً.
[5] الکافي، للکليني 331:1 و 332، الباب 77.
کمال الدين، للصدوق 431:2 و 441 و 475.
الإرشاد، للمفيد 354:2.
[6] کمال الدين 433:2 و435 و 502.
الغيبة، للطوسي 215.