بازگشت

احاديث الخلفاء اثنا عشر


روي علماء المسلمين ـ ومن جملتهم البخاري ومُسلم ـ عن رسول الله صلّي الله عليه وآله أنّه بَشَّر أُمّته بالأئمّة الاثني عشر عليهم السّلام، حيث رَوَوا أنّه قال صلّي الله عليه وآله: لا يزالُ الدِّين قائماً حتّي تقوم الساعة، أو يکون عليکم اثنا عشر خليفةً کلُّهم من قُريش» [1] ، وفي حديث آخر «يکون اثنا عشر أميراً کلُّهم من قُريش» [2] .

کما رووا أنّ ابن مسعود سئل: يا أبا عبدالرحمن، هل سألتُم رسولَ الله صلّي الله عليه وآله کم يَملِک هذه الأُمّةَ مِن خليفة؟ فقال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلّي الله عليه وآله فقال: اثنا عشر کعِدّة نُقباء بني إسرائيل» [3] .

وفي الحديث الأخير إشارة إلي قوله تعالي: «ولقد أخَذَ اللهُ ميثاقَ بني إسرائيلَ وبَعَثنا مِنهمُ اثنَي عَشَرَ نَقيباً» [4] ، حيث بيّن النبيّ صلّي الله عليه وآله في أحاديث أُخري أنّ هذه الأمّة ستقتفي أثرَ السالفة ـ خاصّة بني إسرائيل ـ حتّي لو دخل أولئکم جُحرَ ضَبّ، لَدخَلَتْه هذه الأُمّة [5] .

وقد فطن العلماء إلي هذه السُّنّة الإلهيّة، فأورد بعضهم ـ کما فعل ابن کثير الدمشقي في تفسيره ـ أحاديث «الأئمّة آثنا عشر کلّهم من قريش» في ذيل هذه الآية الکريمة، ثمّ عقّب علي ذلک بقوله «والظاهر أن منهم (من الخلفاء الاثني عشر) المهديّ المُبشَّر به في الأحاديث الواردة بذِکره [6] .

ومن الجليّ ـ أيّها الأصدقاء ـ أنّ المصداق الوحيد للأئمّة (الخلفاء) الاثني عشر المبشّر بهم هم أئمّة أهل البيت عليهم السّلام، والمهديّ المنتظر عليه السّلام منهم.

کما أنّ من البديهيّ بمکان أن النبيّ صلّي الله عليه وآله إنّما أراد الاستخلاف والإمرة باستحقاق [7] ، وحاشاه أن يقصد بذلک مَن تلاعَبَ بالدِّين واستخفّ بمقدّرات الأمّة [8] .

يُضاف إلي ذلک أنّ هذه الأحاديث تفترض عدم خلوّ الزمان من الآثني عشر إماماً، وأنّه لابدّ من وجود أحدهم ما بقي الدين إلي أن تقوم الساعة.

ولا يخفي أن حديث «الخلفاء اثنا عشر» قد سبق التسلسلَ التاريخيَّ للأئمّة عليهم السّلام، فکان تعبيراً عن حقيقة ربّانية نطق بها مَن لا ينطق عن الهوي.

وقد وردت أحاديث أخري نقلها علماء المسلمين في النصّ علي هؤلاء الخلفاء (الأئمّة) بأسمائهم، ابتداءً بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وانتهاء بالمهديّ: محمّد بن الحسن العسکريّ عليهما السّلام [9] ، کما رووا عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، المهديّ منّا أئمّة الهُدي أم مِن غيرِنا؟ قال: بل منّا، بنا يُختَم الدين کما بنا فُتِح [10] .

فکرة مجيء المصلح والمنقذ فکرة مقدّسة وعالميّة الأديان الثلاثة والبشائر بالمهدي عليه السّلام آمن أهل الأديان الثلاثة: اليهودية، النصرانية، وخاتم الأديان: الإسلام... بظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان؛ فقد آمن اليهود بمجيء المنقذ الذي يخرج في آخر الزمان، فيُقيم ما فسد من أخلاق الناس، ويُصلح ما غيّرته القوانين والأنظمة البشرية من طباع المجتمع.

کما آمن النصاري بعودةِ عيسي عليه السّلام وجاءت بذلک البشارة في أناجيلهم [11] ، فوافقوا بذلک العقيدةَ الإسلاميّة في عودة عيسي عليه السّلام، الذي أخبر رسولُ الله صلّي الله عليه وآله في أحاديث کثيرة عن عودته، وأنّه سيقتدي في صلاته بالإمام المهدي عليه السّلام، ويُعينه علي أداء مهمّته العظمي في نشر العدل في أرجاء البسيطة.


پاورقي

[1] صحيح البخاري 164:4 ـ کتاب الأحکام، باب الاستخلاف.

المعجم الکبير، للطبراني 2 حديث 1791 ـ 1801، و حديث 1849 ـ 1852.

مجمع الزوائد، للهيثمي 191:5.

[2] صحيح مسلم 119:2 ـ کتاب الإمارة، باب «الناس تبعٌ لقريش».

[3] مسند أحمد 90:5 و 93 و 97 و 100 و 106 و 107.

مسند أبي يعلي الموصلي 222:9 حديث 5322.

المعجم الکبير، للطبراني 10 حديث 10310.

المستدرک، للحاکم 501:4.

[4] المائدة: 12.

[5] المستدرک، للحاکم 129:1.

الفردوس، للديلمي 3 حديث 5346.

[6] تفسير ابن کثير الدمشقي 32:2 ذيل الآية 12 من سورة المائدة.

[7] جاء في «عون المعبود في شرح سنن أبي داود» ما نصّه: قال التوربشتي: السبيل في هذا الحديث وما يتعقّبه في هذا المعني، أنّه يُحمل علي المُقسِطين منهم، فإنّهم هم المستحقّون لاسم الخليفة علي الحقيقة».

[8] يقول القندوزي الحنفي نقلاً عن بعض المحقّقين: لا يمکن أن يُحمَل هذا الحديث علي الخلفاء بعده صلّي الله عليه وآله من أصحابه، لقلّتهم عن اثني عشر، ولا يمکن أن نحمله علي المُلوک الأمويّة، لزيادتهم علي اثني عشر، ولظُلمهم الفاحش..

ولکَونهم غير بني هاشم، لأنّ النبيّ صلّي الله عليه وآله قال «کلّهم من بني هاشم» في رواية عبدالملک...

ولا يمکن أن يُحمل علي الملوک العبّاسيّة، لزيادتهم علي العدد المذکور، ولقلّة رعايتهم...

فلابُدّ من أن يُحمل هذا الحديث علي الأئمّة الآثني عشر من أهل بيته وعِترته صلّي الله عليه وآله؛ لأنّهم کانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم، وأعلاهم نَسَباً، وأفضلهم حَسَباً، وأکرمهم عند الله، وکانت علومهم عن آبائهم متّصلةً بجدّهم صلّي الله عليه وآله وبالوراثة واللَّدُنيّة».

(ينابيع المودة 292:3 ـ 293، الباب 77).

[9] انظر ـ علي سبيل المثال ـ: فرائد السمطين، للحمويني 132:2 حديث 431.

ينابيع المودّة، للقندوزي 281:3 ـ 287، الباب 76.

[10] الفتن، لنعيم بن حمّاد 120.

الحاوي للفتاوي، للسيوطي 61:2.

ينابيع المودّة 391:3 ـ 392 حديث 33.

المعجم الأوسط، للطبراني 136:1 حديث 157.

شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: الخطبة 157.

[11] بشائر الأسفار، تامر مير مصطفي 129.

المسيح في القرآن والإنجيل 529 ـ 530.