الغيبة الکبري للامام المنتظر
إلي مَن يفزع المسلمون في عصر الغيبة الکبري؟ بدأت الغيبة الکبري للإمام المهدي عليه السّلام بوفاة آخر نوّابه الأربعة: عليّ بن محمّد السمري سنة 339 هـ، حيث احتجب الإمام المهدي عليه السّلام عن شيعته، فلا يعلم أحد بمکانه إلاّ المولي الذي يلي أمره.
وقد کتب الإمام المهدي عليه السّلام إلي أحد وجهاء الشيعة (إسحاق بن يعقوب) توقيعاً بيد النائب الثاني محمّد بن عثمان بن سعيد العَمري جاء فيه: «... وأمّا الحوادثُ الواقعة، فارجِعوا فيها إلي رُواةِ حديثنا، فإنّهم حُجّتي عليکم، وأنا حُجّةُ الله عليکم...»
[1] ، ففتح الإمام عليه السّلام بهذه الوسيلة لشيعته خطّاً جديداً لتأمين الجوانب الفقهيّة لهم عن طريق العلماء من رواة أحاديث أهل البيت عليهم السّلام.
رعاية الإمام المهدي عليه السّلام لشيعته في عصر الغيبة لا تعني غيبة الإمام المهدي عليه السّلام أنسحابه عليه السّلام عن دور القيادة والتوجيه للمجتمع الإسلامي، إذ أن نظام الإمامة ممتد متّصل ما اتّصل الليل والنهار، لأنّه نظام إلهيّ قائم علي أساس العناية واللطف بالعباد، وقد سئل النبيّ صلّي الله عليه وآله عن انتفاع الناس بالإمام المنتظر عليه السّلام في غيبته، فأجاب صلّي الله عليه وآله: «إي والذي بعثني بالنبوّة، إنّهم لَينتَفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، کانتفاع الناس بالشمس وإن جَلّلها السحاب» [2] .
وروي مثل هذا التعبير عن الإمام زين العابدين والإمام الصادق عليهما السّلام.
وقد عبّر الإمام المهدي عليه السّلام عن رعايته لشيعته ولُطفه بهم في رسالة وجّهها إلي الشيخ المفيد، جاء فيها: «إنّا غيرُ مُهمِلينَ لمُراعاتکم، ولا ناسِينَ لذِکرکم، ولولا ذلک لَنزلَ بکم اللأواءُ، واصطَلَمکُم الأعداء» [3] .
وفي الرسالة من بيان لطف الإمام عليه السّلام بشيعته ورعايته لهم، ولَفْته أنظارهم إلي حجم المؤمرات التي يحيکها أعداء الإسلام لهم ما لا يخفي.
پاورقي
[1] کمال الدين، للصدوق 484:2.
الاحتجاج، للطبرسي 470:2.
[2] کمال الدين 253:1.
[3] الاحتجاج، للطبرسي 497:2 ـ 498.