النيابة الخاصّة: تعتبر النيابة الخاصّة عن الإمام عليه السّلام من المناصب الخطيرة التي تستلزم فيمن يتصدّي لها أن يکون في مستوي رفيع من التقوي والورع والمؤهّلات الأخري التي يتطلّبها هذا المنصب المهمّ.

النائب الأول: أبو عمرو، عثمان بن سعيد العَمري لُقّب بالسمّان والزيّات، لاتّجاره بالسَّمن والزيت، تغطيةً علي نشاطاته.

وقد ذکرنا أنه کان يحمل ما يرسله الشيعة إلي الإمام عليه السّلام في ظروف السمن [1] ، کما ذکرنا أنّ الإمام الهادي عليه السّلام قد وثّقه وامتدحه وأوصي باتّباع قوله، وأنّه قال عنه: «العَمري ثقتي...

فاسمَع له وأطِع، فانّه الثقة المأمون» [2] ، وأن الإمام العسکري عليه السّلام قد وثّقه أيضاً وأوصي باتّباع قوله وإطاعة أمره [3] .

تُوفّي العَمري ودُفن في منطقة الرُّصافة ببغداد، وکان الإمام المهدي عليه السّلام قد أمره أن ينصّب ولده محمّد بن عثمان من بعده، ليتولّي الأمور بعد أبيه.

النائب الثاني: أبو جعفر، محمّد بن عثمان بن سعيد العَمري تولّي محمّد بن عثمان منصب النيابة بعد وفاة أبيه، وتلقّي من الإمام المهدي عليه السّلام رسالة يؤبّن بها أباه الفقيد ويترحّم عليه [4] ، حيث أجمع المؤرّخون علي وثاقته وعدالته کما أجمعوا علي وثاقة وعدالة أبيه قبله.

وکان الإمام العسکري عليه السّلام قد أوصي بعثمان بن سعيد العمري وابنه، فقال: «العَمري وابنه ثقتان، فما أديّا إليک فعنّي يؤدّيان، وما قالا لک فعنّي يقولان، فاسمَعْ لهما وأطِعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان» [5] .

ألّف محمد بن عثمان مجموعة من الکتب في الفقه والحديث، التي سمعها من الإمامين الحسن العسکري والمنتظر عليهما السّلام [6] .

تُوفّي محمّد بن عثمان سنة 305 هـ، بعد أن أخبر الشيعة بأنّ النائب من بعده هو الحسين بن رُوح النُّوبَختي [7] .

النائب الثالث: أبو القاسم، الحسين بن رُوح النّوبَختي کان الحسين بن روح علي جانب کبير من التقوي والصلاح، وقد أظهرت مناظراته مع المعاندين قدراتِه العلميّة، حيث کان يقيم البراهين الحاسمة في لغة جزلة، وکان يؤکّد علي أنّ ما يقوله ليس من عند نفسه، بل هو مسموع من الحجّة صلوات الله وسلامه عليه.

وکان الحسين بن روح يُؤْثر التقيّة ويلتزم بالکتمان الشديد، [8] حتّي توفّي سنة 326 هـ فدُفن في بغداد (سوق الشورجة حاليّاً).

النائب الرابع: أبو الحسن عليّ بن محمّد السَّمَري وهو آخر نوّاب الإمام المهدي عليه السّلام، وکان الإمام المهدي عليه السّلام قد أمر الحسين بن روح أن يُقيم عليَّ بن محمّد السَّمَري مقامه، وکانت شخصيّته وجلالته أشهر من أن تُذکر.

وقد صدر توقيع من الإمام المهدي عليه السّلام إلي السَّمَري قبل وفاته يخبره فيها أن وفاته قد حانت، ويأمره أن لا يُوصي إلي أحدٍ من بعده، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلاّ بإذن الله تعالي ذِکره [9] .

وکانت وفاة السَّمري (المقارنة لبداية الغيبة الکبري) سنة 339 هـ [10] .