الاوضاع السياسية التي عاصرت الغيبة
عصر الإرهاب: تزامنت فترة حياة الإمامين علي الهادي والحسن العسکري عليهما السّلام مع فترة حالکة من فترات حکم خلفاء بني العبّاس، فقد عاصرا عدداً من أولئک الخلفاء عُرفوا بقسوتهم وعدائهم لأهل البيت عليهم السّلام کالمتوکّل، واشتهروا ـ في المقابل ـ بالفسق والفجور والمجون والهزل، وفسحوا المجال ـ ثالثاً ـ لتدخّل الأتراک الذين أدخلوهم في البلاط للخدمة في شؤون الدولة، حتّي انتهي بهم الأمر إلي السيطرة الکاملة علي مقدّرات البلاد.
وينقل لنا ابن الصبّاع المالکي صورة عن الأوضاع التي عاشها الإمام العسکري عليه السّلام فيقول: وکان (الإمام العسکري عليه السّلام) قد أخفي مولدَه (يقصد مولد الإمام المهدي عليه السّلام) وسَتَر أمره؛ لصعوبة الوقت وخوف السلطان وتطلّبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم [1] .
ويروي لنا ابن شهراشوب أنّ الإمام العسکري عليه السّلام يکتب رسالة إلي وکيله العَمري فيُخفيها في خشبة کأنّها رِجْل باب مُدوَّرة، ثمّ يُرسلها إليها بيد وقّاد الحمّام زيادةً في الاحتياط [2] .
وکان الشيعة إذا حملوا إلي الإمام العسکري عليه السّلام ما يجب عليهم حمله من الأموال، أرسلوا إلي أبي عمرو (وکيل الإمام عليه السّلام) فيجعله في جراب السَّمن وزِقاقه، ثمّ يحمله إلي الإمام تقيّةً وخوفاً [3] .
پاورقي
[1] الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ المالکي 290، الفصل 12.
وللشبراوي في کتابه «الإتحاف بحبّ الأشراف» 179 ـ 180 عبارة قريبة من عبارة ابن الصبّاغ.
[2] مناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب 531:4.
[3] الغيبة، للشيخ الطوسي 215.