بازگشت

الضغوط العباسية الخانقة


أمعن بنو العبّاس منذ تولّيهم زمام السلطة في ظلم العلويين وإرهاقهم، ولاحقوهم وسجنوهم وقتلوهم تحت کلّ حجر ومدر، حتّي منعوا الناس من زيارة قبر الإمام الحسين عليه السّلام وهدموه وحرثوا أرضه وأجرَوا عليه الماء ليعفوا أثره، وفي ذلک يقول الشاعر: تاللهِ إن کانت أُميّةُ قد أتَتقَتلَ ابنِ بنتِ نبيِّها مظلوما فلقد أتاهُ بنو أبيهِ بمِثلهاهذا لَعَمرُکَ قبرُهُ مهدوما أسِفوا أن لا يکونوا شارکوافي قتلهِ..

فتتبّعوه رَميما! [1] حتّي أن المتوکّل أمر بسَلّ لسان العالِم الشهير ابن السِّکّيت ـ مؤدّب ولدَيه المعتزّ والمؤيّد ـ حين سأله: مَن أحبّ إليک: وَلَداي المعتزّ والمؤيد أم الحسن والحسين؟ فقال ابن السکّيت: قنبر ـ يعني خادمَ أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام ـ خيرٌ منهما [2] .

وبلغت حال العلويّين في المدينة من البؤس حدّاً لم يُعهد له مثيل، فقد روي أبو الفرج الإصفهاني أنّ القميص يومذاک يکون بين جماعة من العلويّات يُصلّين فيه الواحدة بعد الواحدة، ثمّ يرقّعنه ويجلسن علي مغازلهنّ عواري حواسر.. [3] .

وفي مثل هذه الظروف العصيبة کانت ولادة الإمام المهدي عليه السّلام، وحياة أبيه الحسن العسکري عليه السّلام وهي ظروف وُضع فيها أئمّة أهل البيت وأشياعهم المؤمنون في الحصار السلطوي تحت الرقابة المشدّدة، ومخبرو السلطة يتلصّصون في کل مکان لنقل أخبار أهل البيت عليهم السّلام، ويترصّدون مولد الإمام الثاني عشر الموعود المنتظر.


پاورقي

[1] تاريخ الخلفاء، للسيوطي 346.

[2] تاريخ الخلفاء 348.

الکامل في التاريخ، لابن الأثير 91:7.

[3] مقاتل الطالبيين 599.