بازگشت

ابوالحسين بن أبي البغل الکاتب


روي الطبري بالاسناد عن أبي الحسين بن أبي البغل الکاتب، قال: تقلّدت عملاً من أبي منصور بن الصالحان، وجري بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني، فمکثت مستتراً خائفاً، ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت المبيت هناک للدعاء والمسألة، وکانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيّم أن يغلق الابواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع، لاخلو بما اُريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان ممّـا لم آمنه، وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الابواب وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومکثت أدعو وأزور واُصلّي.



[ صفحه 146]



فبينما أنا کذلک إذ سمعت وطأة عند مولانا موسي (عليه السلام) وإذا رجل يزور، فسلّم علي آدم واُولي العزم (عليهم السلام) ثمّ الائمة واحداً واحداً إلي أن انتهي إلي صاحب الزمان (عليه السلام) فلم يذکره. فعجبت من ذلک وقلت: لعلّه سنّي، أو لم يعرف، أو هذا مذهب لهذا الرجل.

فلمّـا فرغ من زيارته صلّي رکعتين، وأقبل إلي عند مولانا أبي جعفر (عليه السلام)، فزار مثل الزيارة، وذلک السلام، وصلّي رکعتين، وأنا خائف منه، إذ لم أعرفه، ورأيته شابّاً تامّاً من الرجال، عليه ثياب بيض، وعمامة محنّک بها بذؤابة، ورداء علي کتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل، أين أنت عن دعاء الفرج؟

فقلت: وما هو يا سيّدي؟

فقال: تصلّي رکعتين وتقول: «يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتک الستر، يا عظيم المنّ، يا کريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهي کلّ نجوي، يا غاية کلّ شکوي، يا عون کلّ مستعين، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه - عشر مرّات - يا سيّداه - عشر مرّات - يا مولياه - عشر مرّات - يا غايتاه - عشر مرّات - يا منتهي رغبتاه - عشر مرّات - أسألک بحقّ هذه الاسماء، وبحقّ محمّد وآله الطاهرين (عليهم السلام) إلاّ ما کشفت کربي، ونفّست همّي، وفرّجت عنّي، وأصلحت حالي».

وتدعو بعد ذلک بما شئت وتسأل حاجتک.

ثمّ تضع خدّک الايمن علي الارض، وتقول مائة مرّة في سجودک: يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، أکفياني فإنّکما کافياي، وانصراني فإنّکما ناصراي».

وتضع خدّک الايسر علي الارض، وتقول مائة مرّة: «أدرکني»، وتکرّرها



[ صفحه 147]



کثيراً، وتقول: «الغوث الغوث» حتّي ينقطع نفسک، وترفع رأسک، فإنّ الله بکرمه يقضي حاجتک إن شاء الله تعالي.

فلمّـا شغلت بالصلاة والدعاء خرج، فلمّـا فرغت خرجت لابن جعفر لاسأله عن الرجل وکيف دخل؟ فرأيت الابواب علي حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلک وقلت: لعلّه بات ها هنا ولم أعلم، فأنبهت ابن جعفر القيّم، فخرج إليّ من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله، فقال: الابواب مقفلة کما تري ما فتحتها، فحدّثته بالحديث، فقال: هذا مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه)، وقد شاهدته دفعات في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس.

قال: فتأسّفت علي ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر، وقصدت الکرخ إلي الموضع الذي کنت مستتراً فيه، فما أضحي النهار إلاّ وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي، ويسألون عن أصدقائي، ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطّه فيها کلّ جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بک الحال إلي أن تشکو إلي صاحب الزمان (صلوات الله عليه).

فقلت: قد کان منّي دعاء ومسألة.

فقال: ويحک، رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه) في النوم - يعني ليلة الجمعة - وهو يأمرني بکلّ جميل، ويجفو عليّ في ذلک جفوة خفتها.

فقلت: لا إله إلاّ الله، أشهد أ نّهم الحقّ ومنتهي الصدق، رأيت البارحة مولانا (عليه السلام) في اليقظة، وقال لي کذا وکذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلک، وجرت منه اُمور عظام حسان في هذا المعني، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه



[ صفحه 148]



ببرکة مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) [1] .


پاورقي

[1] دلائل الامامة: 551 / 525، فرج المهموم: 245، بحار الانوار 95: 20 / 33.