تکذيبه جعفر بن علي في ادعائه الامامة
87- روي الشيخ الطوسي عن جماعة، عن التلعکبري، عن احمد بن علي، عن الاسدي، عن سعد، عن احمد بن اسحاق رحمة الله عليه أ نّه جاءه بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن عليّ کتب إليه کتاباً يعرّفه فيه نفسه ويعلمه أ نّه القيّم بعد أبيه، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلک من العلوم کلّها.
قال احمد بن اسحاق: فلمّـا قرأت الکتاب کتبت إلي صاحب الزمان (عليه السلام) وصيّرت کتاب جعفر في درجه، فخرج الجواب إليّ في ذلک:
بسم الله الرحمن الرحيم، أتاني کتابک أبقاک الله، والکتاب الذي أنفذته درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه علي اختلاف ألفاظه، وتکرّر الخطأ فيه، ولو تدبّرته لوقفت علي بعض ما وقفت عليه منه، والحمد لله ربّ العالمين حمداً لا شريک له علي إحسانه إلينا وفضله علينا، أبي الله عزّ وجلّ للحقّ إلاّ إتماماً وللباطل إلاّ زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذکره، وليّ عليکم بما أقوله، إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه، ويسألنا عمّـا نحن فيه مختلفون، إنّه لم يجعل لصاحب الکتاب علي المکتوب إليه، ولا عليک ولا علي أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمّة، وساُبيّن لکم ذمّة تکتفون بها إن شاء الله.
إلي أن قال:
[ صفحه 117]
وقد ادّعي هذا المبطل المفتري علي الله الکذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالة هي له رجاء أن يتمّ دعواه، أبفقه في دين الله؟ فوالله ما يعرف حلالاً من حرام ولا يفرّق بين خطأ وصواب، أم بعلم فما يعلم حقّاً من باطل، ولا محکماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها، أم بورع فالله شهيد علي ترکه الصلاة الفرض أربعين يوماً يزعم ذلک لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره قد تأدّي إليکم، وهاتيک ظروف مسکره منصوبة، وآثار عصيانه لله عزّ وجلّ مشهورة قائمة، أم بآية فليأت بها، أم بحجّة فليقمها، أم بدلالة فليذکرها.
قال الله عزّ وجلّ في کتابه: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم ، حم ، تَنْزيلُ الکِتابِ مِنَ اللهِ العَزيزِ الحَکيم ، ما خَلَقْنا السَّماوات وَالارْضَ وَما بَيْنَهُما إلاّ بِالحَقِّ وَأجَل مُسَمَّيً وَالَّذينَ کَفَروا عَمَّـا اُنْذِروا مُعْرِضون ، قُلْ أرَأيْتُمْ ما تَدْعونَ مِنْ دونِ اللهِ أروني ماذا خَلَقوا مِنَ الارْضِ أمْ لَهُمْ شِرْکٌ في السَّماواتِ ائْتوني بِکِتاب مِنْ قَبْلِ هذا أوْ أثارَة مِنْ عِلْم إنْ کُنْتُمْ صادِقين ، وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعو مِنْ دونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجيب لَهُ إلي يَوْمِ القِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلون ، وَإذا حُشِرَ النَّاسُ کانوا لَهُمْ أعْداءً وَکانوا بِعِبادَتِهِمْ کافِرين) [1] .
فالتمس تولّي الله توفيقک من هذا الظالم، ما ذکرت لک، وامتحنه وسله عن آية من کتاب الله يفسّرها أو صلاة فريضة يبيّن حدودها، وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لک عواره ونقصانه، والله حسيبه.
حفظ الله الحقّ علي أهله، وأقرّه في مستقرّه، وقد أبي الله عزّ وجلّ أن تکون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)، وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحقّ، واضمحلّ الباطل، وانحسر عنکم، وإلي الله أرغب في الکفاية وجميل الصنع
[ صفحه 118]
والولاية، وحسبنا الله ونعم الوکيل، وصلّي الله علي محمّد وآل محمّد [2] .
پاورقي
[1] الاحقاف: 1 ـ 6.
[2] غيبة الطوسي: 174، بحار الانوار 53: 193.