کيف يدرک الحق مع غيبة الامام؟
قالوا: فالحقّ مع غيبة الامام کيف يدرک؟
فإن قلتم: لا يدرک ولا يوصل إليه، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة.
وإن قلتم: يدرک الحقّ من جهة الادلّة المنصوبة عليه، فقد صرّحتم بالاستغناء عن الامام بهذه الادلّة، وهذا يخالف مذهبکم.
الجواب: إنّ الحقّ علي ضربين عقليّ وسمعيّ، فالعقليّ يدرک بالعقل، ولا يؤثّر فيه وجود الامام ولا فقده.
والسمعيّ عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ونصوصه، وأقوال الائمة الصادقين (عليهم السلام)، وقد بيّنوا ذلک وأوضحوه، غير أنّ ذلک وإن کان علي ما قلناه فالحاجة إلي الامام مع ذلک ثابتة، لانّ جهة الحاجة إليه - المستمرّة في کلّ عصر وعلي کلّ حال - هي کونه لطفاً في فعل الواجب العقليّ من الانصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي، وهذا ممّـا لا يقوم غيره مقامه فيه.
[ صفحه 563]
فأمّا الحاجة إليه من جهة الشرع فهي أيضاً ظاهرة، لانّ النقل الوارد عن النبيّ والائمة (عليهم السلام) يجوز أن يعدل الناقلون عن ذلک إمّا بتعمّد أو شبهة فينقطع النقل أو يبقي فيمن ليس نقله حجّة ولا دليلاً، فيحتاج حينئذ إلي الامام ليکشف ذلک ويبيّنه، وإنّما يثق المکلّفون بما نُقل إليهم وأ نّه جميع الشرع إذا علموا أنّ وراء هذا النقل إماماً متي اختلّ سدّ خلله وبيّن المشتبه فيه.
فالحاجة إلي الامام ثابتة مع إدراک الحقّ في أحوال الغيبة من الادلّة الشرعيّة، علي أ نّا إذا علمنا بالاجماع أنّ التکليف لازم لنا إلي يوم القيامة ولا يسقط بحال، علمنا أنّ النقل ببعض الشريعة لا ينقطع في حال تکون تقيّة الامام فيها مستمرّة، وخوفه من الاعداء باقياً، ولو اتّفق ذلک لما کان إلاّ في حال يتمکّن فيها الامام من البروز والظهور، والاعلام والانذار [1] .
پاورقي
[1] إعلام الوري: 469، کشف الغمّة 3: 348، المقنع في الغيبة: 59.