بازگشت

لو کان موجودا لظهر لوجود الداعي الي ظهوره؟


قالوا: لو کان موجوداً لوجب أن يظهر لوجود الداعي إلي ظهوره، وهو انتشار الفساد وضعف الدين وتعطيل الاحکام والحدود وشيوع الظلم والجور، وهو إنّما يظهر ليملاها قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً؟

والجواب: إذا کانت غيبته بأمر الله تعالي، فظهوره لا يکون إلاّ بأمر الله تعالي، ولا نقدر أن نحيط بالعلّة التي توجب ظهوره، ولا بالحکمة التي تقتضي أمر الباري تعالي له بالظهور، فإنّ ذلک لا يطّلع عليه إلاّ علاّم الغيوب، فعلي قول من يقول إنّ أفعال الباري تعالي لا تعلّل بالعلل والاغراض، فالامر واضح، إذ ليس لنا أن نسأل عن علّة عدم ظهوره ولا عن علّة ظهوره.

وعلي قول أصحابنا بأنّ أفعاله تعالي معلّلة بالعلل والاغراض، لا يمکننا الاحاطة بتلک العلل وأمرها موکول إليه تعالي.

وقد کان يوسف (عليه السلام) وهو نبيّ ابن نبيّ معصوم لا يصدر إلاّ عن أمر ربّه بينه وبين أبيه يعقوب (عليه السلام) مسافة غير کثيرة البعد، وهو حزين عليه حتّي ذهب بصره، وهو قادر علي أن يخبره بمکانه، فلم يفعل حتّي أذن له الله تعالي في ذلک، ولم يکن ترکه لاعلام أبيه (عليهما السلام) مع تلک الحالة التي وصفناها إلاّ عن أمر الله تعالي، لحکمة اقتضت ذلک.

کما أنّ الله تعالي لم يبعث محمّداً (صلي الله عليه وآله) بالنبوّة إلاّ بعد أربعين من عمره مع انتشار الکفر والفساد وعبادة الاوثان والالحاد، وليس لاحد أن يقول: لِمَ أخّر بعثته إلي الاربعين ولم يبعثه قبل ذلک مع وجود المقتضي لبعثه، لانّ ذلک معارضة للحکيم



[ صفحه 558]



فيما لا يطّلع عليه ولا يعلم حکمته غيره.

مع أ نّه إذا جاز أن يؤخّر الله تعالي خلقه مع وجود الظلم، جاز أن يؤخّر ظهوره مع وجوده، علي أنّ الوارد أ نّه لا يظهر حتّي تمتلئ ظلماً وجوراً، ولم يحن بعدُ ذلک الزمان [1] .


پاورقي

[1] أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 76.