بازگشت

اذا لم يصل اليه احد، فما الفرق بين وجوده و عدمه؟


قالوا: إذا کان الامام غائباً بحيث لا يصل إليه أحدٌ من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإلاّ جاز أن يميته الله تعالي أو يعدمه حتّي إذا علم أنّ الرعيّة تمکّنه وتسلّم له، أوجده أو أحياه، کما جاز أن يبيحه الاستتار حتّي يعلم منهم التمکين له فيظهره؟

الجواب: أوّل ما نقوله: إنّا لا نقطع علي أنّ الامام لا يصل إليه أحد، فهذا أمر غير معلوم، ولا سبيل إلي القطع به، ثمّ إنّ الفرق بين وجوده غائباً عن أعدائه للتقيّة -



[ صفحه 556]



وهو في أثناء تلک الغيبة منتظر أن يمکّنه الله فيظهر ويتصرّف - وبين عدمه واضح، وهو أنّ الحجّة هناک فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالي، وها هنا الحجّة لازمة للبشر، لا نّه إذا خيف فغيّب شخصه عنهم، کان ما يفوتهم من المصلحة - عقيب فعل کانوا هم السبب فيه - منسوباً إليهم، فيلزمهم في ذلک الذمّ، وهم المؤاخذون به، الملومون عليه.

وإذا أعدمه الله تعالي، کان ما يفوت العباد من مصالحهم، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به، منسوباً إلي الله تعالي، ولا حجّة فيه علي العباد، ولا لوم يلزمهم، لا نّهم لا يجوز أن ينسبوا فعلاً لله تعالي [1] .

وعليه فإنّه لا يجوز أن يکون معدوماً للادلّة القاطعة العقلية والنقلية التي دلّت علي عدم جواز خلوّ العصر من إمام، فعلي الله تعالي أن ينصب للناس إماماً تتمّ به الحجّة وينقطع العذر، فإذا فاتهم الانتفاع به بسبب منهم، لم يقدح ذلک في تمام الحجّة، بل تکون لازمة لهم لا نّه إذا اُخيف فغيّب شخصه منهم کان فوات المصلحة منسوباً إليهم، فيلزمهم اللوم والذم والمؤاخذة عليه، ولا يجوز أن لا ينصب لهم إماماً، ولو علم أ نّه لو نصبه لهم لاخافوه أو قتلوه لانّ الحجّة عليهم لا تتمّ بدون نصب، بل تکون الحجّة فيما فات من مصالح العباد لازمة له تعالي لانّ ما فاتهم من المصالح يکون منسوباً إليه تعالي، ولا يجوز أن يسبّبوا فعلاً لله تعالي ولله الحجّة البالغة، هذا مع قطع النظر عن أنّ في وجوده في حال غيبته منافع ليست في حال عدمه، وهي ما أشرنا إليها في جواب الشبهة المتقدّمة [2] .



[ صفحه 557]




پاورقي

[1] إعلام الوري: 468، کشف الغمّة 3: 346 ـ 347، المقنع في الغيبة: 55 و 73 و 82.

[2] أعيان الشيعة 2: 63، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 75.