الاحاديث القائلة بالفترة
هناک طائفة من الاحاديث صرّحت بأ نّه ليس ثمّة دولة بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام)، لکن توجد فترة بين موته (عليه السلام) وبين قيام القيامة، وهي أربعون يوماً، تکون فيها أشراط الساعة ومقدّمات قيام الساعة.
منها ما رواه الشيخ الاجلّ أبو جعفر الکليني، في باب تسمية من رآه (عليه السلام)،
[ صفحه 515]
بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، أ نّه سأل العمري (رحمه الله)، فقال له: إنّي اُريد أن أسألک عن شيء، وما أنا بشاکّ فيما اُريد أن أسألک عنه، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الارض لا تخلو من حجّة إلاّ إذا کان قبل القيامة بأربعين يوماً، فإذا کان ذلک رفعت الحجّة، واُغلق باب التوبة، فلم يک ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في إيمانها خيراً، فاُولئک شرار من خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولکنّي أحببت أن أزداد يقيناً، إلي آخر الحديث [1] .
وفي باب اتّصال الوصيّة من لدن آدم من کتاب (کمال الدين) لابن بابويه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمّد، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما زالت الارض إلاّ ولِلّه تعالي فيها حجّة يعرف الحلال من الحرام، ويدعو إلي سبيل الله، ولا تنقطع الحجّة من الارض إلاّ أربعين يوماً قبل القيامة، وإذا رفعت الحجّة اُغلق باب التوبة، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في إيمانها خيراً، اُولئک شرار خلق الله، وهم الذين تقوم عليهم القيامة.
وروي البرقي في المحاسن، عن عليّ بن الحکم، عن الربيع بن محمّد مثله [2] .
وروي ابن بابويه في کتاب (الخصال) في باب الاثني عشر، عن عبد الله بن محمّد، عن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن أبي اُسامة، عن ابن مبارک، عن معمر، عمّن سمع وهب بن منبّه، يقول: يکون بعدي اثنا عشر خليفة، ثمّ يکون
[ صفحه 516]
الهرج، ثمّ يکون کذا وکذا [3] .
قال العلاّمة الحرّ العاملي: أمّا حديث وفاة المهدي (عليه السلام) قبل القيامة بأربعين يوماً، فقد ورد من طرق متعدّدة، والاحاديث في أنّ الارض لا تخلو من حجّة کثيرة، والادلّة العقليّة علي ذلک قائمة، وأحاديث حصر الائمة في الاثني عشر أيضاً کثيرة جدّاً، ويحتمل هنا وجوه.
أحدها: أن يکون خلوّ الارض من إمام علي ظاهره في هذه الاربعين، ويکون موت الناس وجميع المکلّفين قبل الامام، وتکون في تلک المدّة اليسيرة خالية من المکلّفين ومن الامام، ولا ينافي ذلک ما روي من خروج المهدي (عليه السلام) من الدنيا شهيداً، لامکان أن يسقيه أحد السمّ أو يضربه بالسيف ونحوه، ثمّ يموت القاتل.
وثانيها: أن يکون إشارة إلي قوم لا يموتون عند موت صاحب الزمان (عليه السلام)، بل يصيرون في حکم الاموات وبمنزلة المعدومين، لارتفاع التکليف عنهم، لفقدهم العقل أو غير ذلک، کاقتضاء الحکمة الالهيّة انقضاء مدّة التکليف وقيام الساعة.
ولعلّ هؤلاء الجماعة المشار إليهم بقوله تعالي: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصُعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ إلاّ مَنْ شَاءَ) وحينئذ تخصّص الاحاديث المعارضة المشار إليها بزمان التکليف، أو يحمل الحجّة فيها علي ما هو أعمّ من الامام والعقل.
وثالثها: أن يکون المراد بالاربعين يوماً مدّة الرجعة، ويکون ذلک إشارة إلي قلّتها، فإنّه يعبّر بالسبعين عن الکثرة، وبما دونها عن القلّة، أو إشارة إلي قوله تعالي: (وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّکَ کَألْفِ سَنَة مِمَّـا تَعُدُّون) ويکون وفاة جميع المکلّفين
[ صفحه 517]
قبل المهدي (عليه السلام)، ويکون أهل الرجعة غير مکلّفين [4] .
پاورقي
[1] الايقاظ من الهجعة / الحرّ العاملي: 392.
[2] الايقاظ من الهجعة / الحرّ العاملي: 396.
[3] الايقاظ من الهجعة: 395.
[4] الايقاظ من الهجعة: 397 ـ 400.