بازگشت

ما بعد دولته


إنّ الاحداث التي تکون بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام) منوطة بالغيب، ولم نتکلّف ببحثها ومعرفة طبيعتها، لکن بالنظر لوجود بعض الاخبار والاحاديث المتضمّنة وصفاً للاحداث الواقعة بعد دولة العدل والحقّ، فإنّنا سنتعرّض لها بالبيان والايضاح.

لقد جاء من طريق الفريقين أنّ الائمة بعد النبيّ المصطفي (صلي الله عليه وآله) اثنا عشر، ونصّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) عليهم بأسمائهم، والامام المهدي (عليه السلام) هو آخر الائمة المعصومين، وجاء عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أيضاً أ نّه قال: إنّي تارک فيکم الثقلين: کتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتّي يَرِدا عليّ الحوض، ومنه يتبيّن أنّ قيام الساعة يکون بوفاة الامام المهدي (عليه السلام)، لثبوت أنّ الارض لا تخلو من حجّة، وهو يدلّ علي عدم وجود أيّ دولة بعد دولة الامام المهدي (عليه السلام)، وقال بذلک عدّة من الاعلام.

منهم الشيخ المفيد (رحمه الله) حيث قال: وليس بعد دولة القائم (عليه السلام) لاحد دولة إلاّ



[ صفحه 513]



ما جاءت به الرواية من قيام ولده إن شاء الله ذلک، ولم ترد به علي القطع والثبات. وأکثر الروايات أ نّه لن يمضي مهديّ هذه الاُمّة (عليه السلام) إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً يکون فيها الهرج، وعلامة خروج الاموات، وقيام الساعة للحساب والجزاء، والله أعلم بما يکون، وهو وليّ التوفيق للصواب، وإيّاه نسأل العصمة من الضلال، ونستهدي به إلي سبيل الرشاد [1] .

وقال العلاّمة الطبرسي: وجاءت الرواية الصحيحة بأ نّه ليس بعد دولة القائم (عليه السلام) دولة لاحد، إلاّ ما روي من قيام ولده إن شاء الله تعالي ذلک، ولم ترد به الرواية علي القطع والثبات، وأکثر الروايات أ نّه لن يمضي (عليه السلام) من الدنيا إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً، يکون فيها الهرج، وعلامة خروج الاموات، وقيام الساعة، والله أعلم [2] .

وقال صاحب کتاب صراط المستقيم، وهو الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي: ليس بعد المهدي (عليه السلام) دولة واردة، إلاّ في رواية شاذّة من قيام أولاده من بعده، وما روي عن ابن عباس من قول النبيّ (صلي الله عليه وآله): لن تهلک اُمّة أنا أوّلها، وعيسي ابن مريم آخرها، والمهدي في وسطها.

ومثله روي عن أنس، وهاتان تدلاّن علي دولة بعد دولته، وأکثر الروايات أ نّه لا يمضي إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً، وهو زمان الهرج وعلامة خروج الاموات للحساب [3] .



[ صفحه 514]



ونحن نفهم من قوله (صلي الله عليه وآله) (عيسي بن مريم آخرها) أنّ ظهور عيسي (عليه السلام) يکون بعد ظهور الامام المهدي (عليه السلام) وقد قدّمنا في أوّل الفصل أنّ عيسي (عليه السلام) يموت في زمان الامام (عليه السلام)، وأنّ الامام (عليه السلام) هو الذي يتولّي دفنه، وعليه فليس ثمّة دولة لعيسي (عليه السلام) بعد دولة المهدي (عليه السلام).

روي ابن أبي عمير عن الامام الصادق (عليه السلام) أ نّه قال:



لکلّ اُناس دولة يرقبونها

ودولتنا في آخر الدهر تظهرُ [4] .



وعن أبي صادق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دولتنا آخر الدول، ولن يبقي أهل بيت لهم دولة إلاّ ملکوا قبلنا، لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملکنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزّ وجلّ: (وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) [5] .


پاورقي

[1] الارشاد 2: 387.

[2] إعلام الوري 2: 295 ـ مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).

[3] الايقاظ من الهجعة: 397.

[4] بحار الانوار 51: 143.

[5] بحار الانوار 52: 332 / 58، والاية من سورة الاعراف: 127.