بازگشت

امکان الرجعة


إنّ الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسماني، غير أ نّها بعث موقوت في الدنيا ومحدود کماً وکيفاً، ويحدث قبل يوم القيامة، بينما يُبعث الناس جميعاً يوم القيامة ليلاقوا حسابهم ويبدأوا حياتهم الخالدة، وأهوال يوم القيامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة.

وبما أنّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع، فالدليل علي إمکان المعاد يمکن أن يقام دليلاً علي إمکان الرجعة، والاعتراف بإمکان بعث الحياة من جديد يوم القيامة يترتّب عليه الاعتراف بإمکان الرجعة في حياتنا الدنيويّة، ولا ريب أنّ جميع المسلمين يعتبرون الايمان بالمعاد من اُصول عقيدتهم، إذن فجميعهم يذعنون بإمکانية الرجعة.

يقول السيّد المرتضي (رحمه الله): اعلم أنّ الذي يقوله الامامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين - بل بين الموحّدين - في جوازه، وأ نّه مقدور لله تعالي، وإنّما الخلاف



[ صفحه 465]



بينهم في أ نّه يوجد لا محالة أو ليس کذلک.

ولا يخالف في صحّة رجعة الاموات إلاّ خارج عن أقوال أهل التوحيد، لانّ الله تعالي قادر علي إيجاد الجواهر بعد إعدامها، وإذا کان عليها قادراً، جاز أن يوجدها متي شاء [1] .

فإذا کان إمکان الرجعة أمر مسلّم عند جميع المسلمين - حتّي قال الالوسي: وکون الاحياء بعد الاماتة والارجاع إلي الدنيا من الاُمور المقدورة له عزّ وجلّ ممّـا لا ينتطح فيه کبشان، إلاّ أنّ الکلام في وقوعه [2] - إذن فلماذا الشکّ والاستغراب لوقوع الرجعة؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الاخبار الصحيحة المتواترة عن أئمّة الهدي (عليهم السلام) بوقوعها؟

يقول الشيخ محمّد رضا المظفّر (رحمه الله): لا سبب لاستغراب الرجعة، إلاّ أ نّها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يُقرّبها إلي اعترافنا أو يبعدها، وخيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبّل تصديق ما لم يألفه، وذلک کمن يستغرب البعث فيقول: (مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيم) فيقال له: (يُحْيِيهَا الَّذِي أنْشَأهَا أوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِيم) [3] .


پاورقي

[1] رسائل الشريف المرتضي 3: 135 ـ الدمشقيات ـ دار القرآن الکريم ـ قم.

[2] روح المعاني 30: 27 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

[3] يس: 78 و 79.