الرجعة في عصر الظهور
ونعني بها العودة إلي الحياة بعد الموت، وهي من الحوادث الغيبية المهمّة التي تقع في زمان الظهور، وقد تقدّم في علامات الظهور أنّ الشيخ المفيد (رحمه الله) قال في تعداده لعلامات الظهور: وأموات ينشرون من القبور حتّي يرجعوا إلي الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون إلي أن قال: فيعرفون عند ذلک ظهوره (عليه السلام) بمکّة، فيتوجّهون نحوه لنصرته [1] .
واعتقادنا بالرجعة تماماً کاعتقاد سائر المسلمين بظهور الدجّال وخروج السفياني ونزول عيسي وطلوع الشمس من مغربها وسائر أشراط الساعة المدلولة بالکتاب والسنّة، وهو راجع بالدرجة الاُولي إلي الاحاديث الصحيحة الواردة عن أهل البيت (عليه السلام) والتي حفلت بها کتب الامامية، واحتلّت مساحة واسعة من الاحاديث المرويّة بطرقهم.
ثمّ إنّ الاعتقاد بالرجعة لا يترتّب عليه إنکار لايّ حکم ضروري من أحکام الاسلام، وليس ثمّة منافاة بين هذا الاعتقاد وبين اُصول الاسلام، والامامية لا يحکمون علي منکريها بالکفر، لا نّها من ضروريات المذهب لا من ضروريات العقيدة الاسلامية، وليست هي من اُصول الدين عندهم کما يتصوّر البعض، ولا في مرتبة الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة والمعاد، لذا لا يفرضون علي أحد أن يقول بها، کما هو الحال في الاُصول الاعتقادية، ولا يترتّب علي إنکارها الخروج عن حدّ
[ صفحه 463]
الاسلام، کما يترتّب علي إنکار التوحيد والنبوّة والمعاد.
وللاسف الشديد قد اتّخذ بعض المخالفين هذه العقيدة وسيلة للطعن بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) والتشنيع علي المعتقدين بها، حتّي عدّها البعض اُسطورة وقولاً بالتناسخ، وأنّ معتقدها خارج عن الاسلام والدين، وأ نّها من مفتريات عبد الله بن سبأ، وما إلي ذلک من التشدّق علي مدرسة الاسلام الاصيل.
ولهذا فقد رأينا أن نبيّن هنا بعض ما يتعلّق بهذا الاعتقاد، من حيث بيان معناه، ودليله، وإمکانه، ومدي اختلافه عن باقي أشراط الساعة وعلاماتها، لتتّضح الصورة الحقيقيّة والحجم الواقعي له [2] .
پاورقي
[1] الارشاد 2: 370.
[2] استفدنا في إعداد هذا البحث من کتاب الرجعة / إصدار مرکز الرسالة ـ قم، مع الاختصار والتصرّف.