بازگشت

حرکاته العسکرية و اصلاحاته


نقدّم أوّلاً ملخّصاً لمجمل حرکات الامام المهدي العسکرية، وفقاً لما جاء في الاخبار الواردة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين، ثمّ نقدّم الاخبار والروايات التي فصّلت بعض جوانب الفتوحات التي تکون علي يده وبقيادته (عليه السلام) وأهمّ الاصلاحات التي يقيمها علي أساس إقامة السنّة وإماتة البدعة.

قدّمنا أنّ النداء باسم الامام المهدي (عليه السلام) من السماء يکون في شهر رمضان،



[ صفحه 425]



وبالتحديد في ليلة الجهني، وهي ليلة الثالث والعشرين منه، وتبدأ حرکة الظهور المبارک في المحرّم، وتکون الفترة الواقعة بين النداء وبين الظهور هي نحو أربعة أشهر، يکون فيها الامام (عليه السلام) خائفاً يترقّب، ويتّصل ببعض أنصاره الذين يلتقون به فيما بعد بمکّة علي غير ميعاد، فيتشرّف قِسمٌ منهم بلقائه (عليه السلام) بعيداً عن عيون الظالمين وأجهزتهم، وتکون عزلته أو اختفاؤه في الاربعة أشهر تلک مقدّمة لظهوره المبارک في المحرّم.

ويدلّ علي اختفائه(عليه السلام) في تلک الفترة ما روي عن الامام زين العابدين(عليه السلام) وهو يصف ظهور المهدي (عليه السلام) لحذلم بن بشير، قال (عليه السلام): ثمّ يظهر السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفي المهدي، ثمّ يخرج بعد ذلک [1] .

ويراه بعض أصحابه في هذه الفترة فلا يصدّقهم الناس، فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أ نّه قال: لا يقوم القائم (عليه السلام) حتّي يقوم اثنا عشر رجلاً کلّهم يجمع علي قول أ نّهم قد رأوه فيکذّبونهم [2] .

وقد يُعبّر عن اختفاء الامام (عليه السلام) في تلک الفترة بالعزلة، أي يعتزل أمره الاوّل، فيتفرّغ لاصحابه ولظهوره ويتهيّأ له، وقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أ نّه قال: لا بدّ لصاحب هذا الامر من غيبة، ولا بدّ له في غيبته من عزلة [3] .

وفي هذه الفترة وحيث إنّ الامام (عليه السلام) مشغول بالاتّصال ببعض أنصاره



[ صفحه 426]



وحوارييه، يجدّ أعداؤه في البحث عنه (عليه السلام)، حتّي يطلبوا النصرة من السفياني، الذي يکون خلال تلک الفترة بالشام، وقد سيّر الجيوش إلي مختلف الاقطار.

والسفياني من ذرّية أبي سفيان، اسمه معاوية أو عبد الله، وجاء في وصفه أ نّه أعور، شديد الصفرة، دقيق الساعدين والساقين، يتظاهر بالدين في أوّل أمره، ويخرج من الوادي اليابس، أو من بيسان في فلسطين برايات حمر، فيهزم حاکم دمشق، ويقتل مخالفيه، وينشرهم بالمناشير، ويطبخهم بالقدور، ويبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، ويغلي الاطفال في المراجل، ويقتل أعلام الاُمّة، ثمّ يفرّق جيوشه في البلاد، فيغزو بغداد فيعيث فيها خراباً وفساداً، ويُخضع الکوفة وکلّ العراق.

ومع بداية عصر الظهور يتوجّه جيش السفياني إلي المدينة لضبط الوضع الداخلي، فيدخلها ويستبيحها ثلاثة أيام، ويهتک حرمتها، ويقتل کثيراً من الهاشميين وشيعتهم، ويحبس ما تبقّي منهم، ويجدّ في طلب الامام المهدي (عليه السلام)، فيخرج الامام (عليه السلام) من المدينة، ومعه أحد أصحابه ويقال له المنصور، ويخرج (عليه السلام) علي سنّة موسي (عليه السلام) خائفاً يترقّب حتّي يدخل مکّة، ويتبعهما الجيش في طلبهما فلم يقدر عليهما حتّي يدخلا مکّة.

ثمّ يتوجّه جيش السفياني إلي مکّة للقضاء علي حرکة الامام (عليه السلام)، فيخسف بجيشه قبل أن يصل مکّة في البيداء، وهي المعجزة التي أخبر عنها رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو قوله تعالي: (وَلَوْ تَرَي إذْ فزعُوا فَلا فَوْتَ وَاُخِذُوا مِنْ مَکَان قَرِيب).

ثمّ يجتمع أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) الثلاثمائة وثلاثة عشر، فيبايعونه بين الرکن والمقام، فيبايعونه هناک، ويکون أوّل من يبايعه جبرئيل (عليه السلام)، فتبدأ حرکة الظهور في العاشر من المحرّم في الحرم المکّي، ثمّ يصلّي الامام (عليه السلام) عند الحرم قصراً،



[ صفحه 427]



ويستند بعدها علي جدار الکعبة، ويلقي خطاباً مهماً إلي کلّ أقطار الارض، فيبايعه نحو عشرة آلاف من أهل مکّة، فيخرج من الحرم إلي المدينة، ويستخلف والياً من أهله علي مکّة، ويفتح المدينة بعد عدّة معارک، ثمّ يعود إلي مکّة لثورتهم علي عامله وقتلهم إيّاه، فيقاتلهم حتّي يصفوا له الحجاز وکلّ جزيرة العرب.

ثمّ يتوجّه الامام المهدي (عليه السلام) مع جيشه صوب العراق، وتکون عدّتهم نحو اثني عشر ألفاً، أو خمسة عشر ألفاً، ومعه خمسة آلاف من الملائکة، وجبرئيل (عليه السلام) عن يمينه، وميکائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، ويسير الرعب أمامه شهراً، وخلفه شهراً، وبين يديه شهراً، حتّي يدخل الکوفة في تسع رايات، ويجد فيها ثلاث رايات قد اضطربت واختلفت، فيضع فيهم السيف حتّي تصفو له ولاصحابه، حيث يقاتل فيها فلول جيش السفياني ويهزمها، ويقاتل نحو بضعة عشر ألف من الخوارج حتّي يأتي علي آخرهم، ويقتل بالکوفة کلّ منافق ومرتاب حتّي يرضي الله سبحانه.

ثمّ إنّه (عليه السلام) يأتي المنبر، فلا يدري الناس ما يقول من شدّة البکاء والشوق إليه، فإذا کانت الجمعة الثانية، سأله الناس أن يصلّي بهم الجمعة، فيأمر أن يخطّ له مسجد في ظهر الکوفة إلي جهة الغري، له ألف باب، حتّي تتّصل بيوت أهل الکوفة بنهري کربلاء.

ويتّخذ الامام (عليه السلام) من الکوفة مرکزاً لدولته، وعاصمةً لحکومته، ويجتمع کلّ مؤمن بها، ويکون أهلها أسعد أهل الارض بالامام (عليه السلام)، وينزل (عليه السلام) في مسجد السهلة ويتّخذه منزلاً له ولاهله.

ويبايع الامام (عليه السلام) الحسني والخراساني واليماني وتنضمّ جيوشهم إلي جيشه، وراية اليماني هي أهدي الرايات التي تنصر الامام (عليه السلام)، ويبايعه شعيب بن صالح،



[ صفحه 428]



وهو قائد قوّات الخراساني، وهو شاب أصفر الوجه، خضيب اللحية، يتحرّک نحو بيت المقدس لقتال السفياني، ويبعث من هناک بالبيعة للمهدي (عليه السلام).

وينزل الامام (عليه السلام) علي نجف الکوفة، ويفرّق الجيوش من هناک، وهي الجيوش التي تفتح العالم برمّته، وتخضعه لسيطرته، ليقيم دولة الحقّ والعدل والمساواة.

ويکون أوّل لواء يعقده الامام المهدي (عليه السلام) بعد تصفية الوضع الداخلي للعراق والجزيرة، هو الذي يبعثه إلي الترک، فيخوض معهم عدّة معارک حتّي يهزمهم ويسيطر عليهم، وتکون له معهم ملاحم تنتهي بفتح جبل الديلم وإخضاع کلّ أقطارهم.

ثمّ يسير الامام (عليه السلام) بجيش کثيف من الکوفة إلي بيت المقدس، ويکون علي مقدّمة جيشه وصاحب رايته هو شعيب بن صالح، فينزل شرق ويخوض عدّة معارک مع جيش السفياني ومن يمدّه من النصاري واليهود، ويقاتل المهدي (عليه السلام) سبع رايات في الشام، ثمّ يبايعه السفياني بعد أن يخضع دمشق، ثمّ ينکث السفياني بيعته فيقاتل الامام (عليه السلام)، فيقاتله الامام (عليه السلام) في وادي الرملة قتالاً عنيفاً، ويخوض معه معرکة فاصلة ينتصر فيها المسلمون، ويقتلون السفياني ومن معه حتّي لا يدرک منهم مخبر.

ويقاتل الامام (عليه السلام) الروم في رملة أفريقية، ثمّ يجمعون قوّاتهم فينزلونها في فلسطين وقرب دمشق، ويمنعون أهل الشام الدينار والمدّ، فيقاتلهم الامام (عليه السلام) ثمّ يعقدوا معه هدنة تدوم سنين، ثمّ تنزل سفنهم ما بين صور إلي عکّا، ويساعدهم النصاري المقيمون في المنطقة فتکون الملاحم الکبري مع جيش الامام (عليه السلام)، وذلک بعد هزيمة السفياني وقتله.



[ صفحه 429]



وتکون أکبر الملاحم الفاصلة بين الامام (عليه السلام) والروم هي الملحمة العظمي التي يُقتل فيها سبعون أميراً من المسليمن، يبلغ نورهم السماء، ثمّ يهزم الروم ومن حالفهم من الترک واليهود هزيمة نکراء، فيتوجّه الامام المهدي (عليه السلام) إلي بلادهم فيفتحها، ويقتل منهم 600 ألف مقاتل، ويفتح مدائن الشرک، ومدينة رومة وقاطع البحر والقسطنطينية وغيرها.

وينزل الامام (عليه السلام) بيت المقدس، فيبنيه بناءً لم يُبْنَ مثله، ويکون حرسه اثنا عشر ألفاً، أو ستّة وثلاثين ألفاً، ويردّ حلي بيت المقدس وکنوزه إليه من رومة، وفيها بعض ذخائر الانبياء، ويستخرج التوراة وعصا موسي ومائدة سليمان من أنطاکية، ويستخرج تابوت السکينة من بحيرة طبرية، ويوضع أمامه في بيت المقدس، ويدعو اليهود ويحاجّهم بأسفار التوراة والانجيل التي يستخرجها، فيسلم کثير من اليهود علي يده إلاّ قليلاً منهم، ويرسل جيشاً إلي الهند فيفتحها.

وينزل عيسي (عليه السلام) في بيت المقدس وقيل: شرق دمشق، فيصلّي خلف الامام المهدي (عليه السلام)، ويأتمّ به ويکسر الصليب ويقتل الخنزير، ويکون المسلمون عند ظهوره قد اشتغلوا بقتال الدجّال بقيادة الامام المهدي (عليه السلام)، ويقاتل اليهود المسلمين مع الدجّال ومنهم السحرة والمقاتلة، والدجّال يخرج من أصفهان، من قرية يقال لها اليهودية، ويکون معه من يهودها 70 ألفاً، فيهزمهم المسلمون، حتّي يقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله، ويقتل المهدي (عليه السلام) الدجّال، ويساعده عيسي (عليه السلام) في قتله، ثمّ يتوفّي عيسي (عليه السلام) فيصلّي عليه الامام المهدي (عليه السلام) ويدفنه إلي جنب قبر اُمّه الصدّيقة مريم.

وهکذا يقضي الامام (عليه السلام) بحرکته المقدّسة علي کلّ مظاهر الدجل والانحراف، ويفتح حصون الضلالة ومعاقل الشرک، فلا يبقي أحد علي وجه



[ صفحه 430]



الارض إلاّ ويقول: لا إله إلاّ الله، وتطهّر الارض من أعداء الدين والحقّ والانسانية، ويرتفع الظلم والجور، ويعزّ الله به الدين وأهله، ويذلّ به الشرک وأهله.

ويتوحّد العالم جميعه ضمن دولة إسلامية واحدة، هي مثال للعدل والقسط في الارض، ويحقّق في دولته المبارکة الاهداف الالهيّة الکبري في المجالات المختلفة، بما في ذلک رفع مستوي الوعي الثقافي، وتطوير مظاهر الحياة المادية، وتحقيق الرفاهيّة والغني والعدل والامن لجميع الناس.


پاورقي

[1] بحار الانوار 52: 213 / 65.

[2] بحار الانوار 52: 244 / 121.

[3] بحار الانوار 52: 157 / 20.