في وقت قيامه
تقدّم أنّ الروايات والاخبار لم توقّت لنا زمان الظهور، لکنّها حدّدت علامات وشروط، وقد قدّمنا ذکرها، کما ذکرت اليوم والسنة التي يکون فيها الفرج بإذن الله، وذلک لا يتنافي مع عدم التوقيت، لانّ المراد بالتوقيت هو تعيين وقت الظهور علي وجه التحديد بحيث نعرف ابتداءً السنة التي يظهر فيها الامام (عليه السلام)، أمّا تحديد ووصف اليوم والسنة التي يظهر فيها الامام (عليه السلام)، فلا يعني معرفة وقت الظهور ابتداءً، حيث يبقي وقت الظهور مجهولاً کما شاءت الارادة الالهيّة علي الرغم ممّـا جاء من وصف اليوم والسنة التي يکون فيها الظهور إن شاء الله سبحانه.
فأمّا السنة التي يخرج فيها الامام المهدي (عليه السلام) فقد جاء في وصفها أ نّها تکون وتراً من السنين، روي أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: يقوم القائم (عليه السلام) في وتر من السنين: تسع، واحدة، ثلاث، خمس [1] .
وروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: لا يخرج القائم (عليه السلام) إلاّ في وتر من السنين: سنة إحدي، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع [2] .
أمّا اليوم الذي يقوم فيه الامام (عليه السلام)، فقد روي أ نّه يوم الجمعة أو يوم السبت، ويصادف في العاشر من المحرّم، ويکون قبله النداء في ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وهي ليلة القدر علي أرجح الاقوال.
روي أبو بصير عن الامام الباقر (عليه السلام)، قال: يخرج القائم يوم السبت يوم
[ صفحه 356]
عاشوراء، اليوم الذي قتل فيه الحسين [3] .
وروي ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة [4] .
ويمکن الجمع بأنّ ابتداء خروج الامام (عليه السلام) يکون يوم الجمعة، وظهوره (عليه السلام) بين الرکن والمقام ومبايعة أصحابه له يکون يوم السبت. يؤيّد ذلک ما رواه عليّ بن مهزيار عن الامام الباقر (عليه السلام)، قال: کأ نّي بالقائم (عليه السلام) يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الرکن والمقام، بين يديه جبرئيل (عليه السلام) ينادي: البيعة لله، فيملاها عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً [5] .
وروي الشيخ المفيد عن أبي بصير عن الامام الصادق (عليه السلام)، قال: ينادي باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين [6] ، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)، لکأ نّي به في يوم السبت العاشر من المحرّم قائماً بين الرکن والمقام، جبرئيل علي يده اليمني، ينادي: البيعة لِلّه، فتصير إليه شيعته من أطراف الارض تُطوي لهم طيّاً حتّي يبايعوه، فيملا الله به الارض عدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً [7] .
وفي تحديد النداء باسم الامام القائم (عليه السلام) في ليلة القدر، فهو دليل علي اقتران
[ صفحه 357]
نزول الرحمة والخير والعدل إلي الارض مع النداء باسمه (عليه السلام)، وفي تحديد يوم العاشر من المحرّم کيوم للظهور، هو دليل علي اقتران خروج الامام (عليه السلام) بيوم الاصلاح والثأر، لانّ جدّه الامام الحسين (عليه السلام) ثار لاجل الاصلاح في اُمّة جدّه المصطفي (صلي الله عليه وآله) وتقويم الانحراف والعدول عن مبادئ الاسلام وکتابه وسنّة رسوله (صلي الله عليه وآله)، فإذا کان بنو اُميّة قد قتلوا الامام الحسين (عليه السلام) وأصحابه جسداً، فقد بقي فکراً وهّاجاً في تأريخ الاسلام.
وکذلک يکون أمر الامام المهدي (عليه السلام) حيث سيقوم بإذن الله للقضاء علي کلّ مظاهر الانحراف والزيغ والظلم والجور، وسيشيّد بسيفه اُسس العدل والقسط حتّي تستقيم له الدنيا بکلّ أقطارها.
پاورقي
[1] بحار الانوار 52: 235 / 103.
[2] الارشاد 2: 379، الفصول المهمّة: 302، بحار الانوار 52: 291 / 36.
[3] بحار الانوار 52: 285 / 17.
[4] بحار الانوار 52: 279 / 1.
[5] بحار الانوار 52: 290 / 30.
[6] أي من رمضان کما تفسّره کثير من الاخبار.
[7] الارشاد 2: 379، بحار الانوار 52: 290 / 29.