بازگشت

علماء السوء و أحوال أهل آخر الزمان


218- في حديث عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أيّها السائل عن الساعة: تکون عند خبث الاُمراء، ومداهنة القرّاء، ونفاق العلماء، وإذا صدّقت اُمّتي بالنجوم وکذّبت بالقدر، ذلک حين يتّخذون الامانة مغنماً والصدقة مغرماً، والفاحشة إباحة، والعبادة تکبّراً واستطالة علي الناس [1] .

219- وعن عوف بن مالک، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): کيف أنت يا عوف، إذا افترقت هذه الاُمّة علي ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنّة وسائرهن في النار؟

قلت: ومتي ذلک يا رسول الله؟ قال: إذا کثرت الشُرط، وملکت الاماء، وقعدت الحملان علي المنابر، واتّخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد ورفعت المنابر، واتّخذ الفيء دُوَلاً، والزکاة مغرماً، والامانة مغنماً، وتفقّه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعقّ اُمّه وأقصي أباه، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها، وساد



[ صفحه 330]



القبيلة فاسقهم، وکان زعيم القوم أرذلهم، واُکرم الرجل اتّقاء شرّه، فيومئذ يکون ذلک، ويفزع الناس يومئذ إلي الشام يعصمهم من عدوّهم.

قلت: وهل يُفتح الشام؟ قال: نعم وشيکاً، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها، ثمّ تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضاً، حتّي يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدرکته فاتبعه وکن من المهتدين [2] .

220- وعن النعمان بن بشير، قال: صبّحنا النبيّ (صلي الله عليه وآله) فسمعناه يقول: إنّ بين يدي الساعة فتناً کأ نّها قطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي کافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح کافراً، يبيع أقوام [فيها] أخلاقهم بعرض من الدنيا قليل [3] .

221- وعن السکوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيأتي علي اُمّتي زمان، لا يبقي من القرآن إلاّ رسمه، ولا من الاسلام إلاّ اسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس عنه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدي، فقهاء ذلک الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود [4] .

222- وفي (جامع الاخبار) مرسلاً عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: يأتي علي الناس زمان بطونهم آلهتهم، ونساؤهم قبلتهم، ودنانيرهم دينهم، وشرفهم متاعهم، لا يبقي من



[ صفحه 331]



الايمان إلاّ اسمه، ومن الاسلام إلاّ رسمه، ولا من القرآن إلاّ درسه، مساجدهم معمورة، وقلوبهم خراب من الهدي، علماؤهم أشرّ خلق الله علي وجه الارض، حينئذ ابتلاهم الله بجور من السلطان، وقحط من الزمان، وظلم من الولاة والحکّام.

فتعجّب الصحابة وقالوا: يا رسول الله، أيعبدون الاصنام؟ قال: نعم، کلّ درهم عندهم صنم [5] .

223- وعن أبي هريرة، قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: يأتي علي الناس زمان يأکلون فيه الربا.

قال: قيل له: الناس کلّهم؟ قال: من لم يأکله منهم نال من غباره [6] .

224- وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيجيء أقوام في آخر الزمن وجوههم وجوه الادميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، أمثال الذئاب الضواري، ليس في قلوبهم شيء من الرحمة، سفّاکون للدماء، لا يرعوون عن قبيح، إن بايعتهم واربوک، وإن تواريت عنهم اغتابوک، وإن حدّثوک کذبوک، وإن ائتمنتهم خانوک، صبيّهم غارم، وشابّهم شاطر، وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهي عن منکر، الاعتزاز بهم ذلّ، وطلب ما في أيديهم فقر. الحليم فيهم غاو، والامر فيهم بالمعروف متّهم، والمؤمن فيهم مستضعف، والفاسق فيهم مشرّف، السنّة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنّة، فعند ذلک يسلّط الله عليهم شرارهم، فيدعو خيارهم



[ صفحه 332]



فلا يستجاب لهم [7] .

225- وعن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: إنّ بين يدي القائم (عليه السلام) سنين خدّاعة، يکذب فيها الصادق، ويصدق فيها الکاذب، ويقرب فيها الماحل [8] .

226- وعن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام استُقبِل من جهة الناس أشدّ ممّـا استقبله رسول الله (صلي الله عليه وآله) من جهّال الجاهليّة. فقلت: وکيف ذلک؟ قال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتي الناس وکلّهم يتأوّل عليه کتاب الله ويحتجّ عليه به، ثمّ قال: أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحرّ والقرّ [9] .

227- وعن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إنّ القائم (عليه السلام) يلقي في حربه ما لم يلق رسول الله (صلي الله عليه وآله) لانّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة، وإنّ القائم (عليه السلام) يخرجون عليه فيتأوّلون عليه کتاب الله ويقاتلون عليه [10] .



[ صفحه 333]



228- وعن محمّد بن الفضيل، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث عن زوال ملک بني العباس - قال: قلت: جعلت فداک، فمتي يکون ذلک؟ قال (عليه السلام): أما إنّه لم يوقّت لنا فيه وقت، ولکن إذا حدّثناکم بشيء فکان کما نقول، فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن کان بخلاف ذلک فقولوا: صدق الله ورسوله، تؤجروا مرّتين، ولکن إذا اشتدّت الحاجة والفاقة، وأنکر الناس بعضهم بعضاً، فعند ذلک توقّعوا هذا الامر صباحاً ومساءً.

قلت: جعلت فداک، الحاجة والفاقة عرفناها، فما إنکار الناس بعضهم بعضاً؟

قال: يأتي الرجل أخاه في حاجة، فيلقاه بغير الوجه الذي کان يلقاه فيه، ويکلّمه بغير الکلام الذي کان يکلّمه [11] .

229- وعن السکوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): سيأتي علي امّتي زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند الله عزّ وجلّ، يکون أمرهم رياء لا يخالطه خوف، يعمّهم الله منه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق، فلا يستجاب لهم [12] .

230- وعن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث ذکر فيه بني العباس -



[ صفحه 334]



وجاء فيه: أنّ بعض مواليه (عليه السلام) قال له: إلي متي هؤلاء يملکون؟ أو متي الراحة منهم؟

فقال (عليه السلام): أليس أنّ لکلّ شيء مدّة؟ قال: بلي. فقال (عليه السلام): إنّ هذا الامر إذا جاء کان أسرع من طرفة العين، إنّک لو تعلم حالهم عند الله عزّ وجلّ، وکيف هي، کنت لهم أشدّ بغضاً، ولو جهدت وجهد أهل الارض أن يدخلوهم في أشدّ ما هم فيه من الاثم لم يقدروا، فلا يستفزّنک الشيطان، فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ولکنّ المنافقين لا يعلمون.

فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق، واُحدث فيه ما ليس فيه، ووجّه علي الاهواء، ورأيت الدين قد انکفأ کما ينکفئ الاناء.

ورأيت أهل الباطل قد استعلوا علي أهل الحقّ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا ينهي عنه، ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واکتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يکذب ولا يردّ عليه کذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر بالکبير، ورأيت الارحام قد تقطّعت، ورأيت من يُمتدح بالفسق، يضحک منه ولا يردّ عليه قوله.

ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوّجن النساء، ورأيت الثناء قد کثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله، فلا ينهي ولا يؤخذ علي يديه، ورأيت الناظر يتعوّذ بالله ممّـا يري المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع.

ورأيت الکافر فرحاً لما يري في المؤمن، مرحاً لما يري في الارض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانيةً، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ،



[ صفحه 335]



ورأيت الامر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ الله قويّاً محموداً، ورأيت أصحاب الايات يُحقّرون ويحتقر من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً، وسبيل الشرّ مسلوکاً، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بترکه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله. ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا کما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الاموال علي فروجهم، وتنوفس في الرجل، وتغاير عليه الرجال، وکان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وکان الربا ظاهراً لا يعيّر، وکان الزنا يمتدح به النساء.

ورأيت المرأة تصانع زوجها علي نکاح الرجال، ورأيت أکثر الناس وخير بيت من يساعد النساء علي فسقهنّ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلّل، ورأيت الحلال يحرّم، ورأيت الدين بالرأي، وعُطّل الکتاب وأحکامه، ورأيت الليل لا يستخفي به من الجرأة علي الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينکر إلاّ بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزّ وجلّ.

ورأيت الولاة يقرّبون أهل الکفر، ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحکم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الارحام ينکحن، ويکتفي بهنّ، ورأيت الرجل يقتل علي التهمة وعلي الظنّة، ويتغاير علي الرجل الذکر، فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعيّر علي إتيان النساء، ورأيت الرجل يأکل من کسب امرأته من الفجور، يعلم ذلک ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها، وتعمل ما لا يشتهي، وتنفق علي زوجها، ورأيت الرجل يکري امرأته وجاريته، ويرضي بالدنيّ من الطعام والشراب.

ورأيت الايمان بالله عزّ وجلّ کثيرة علي الزور، ورأيت القمار قد ظهر،



[ صفحه 336]



ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس عليه مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لاهل الکفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنعها أحد أحداً، ولا يجترئ أحد علي منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا يقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه.

ورأيت القرآن قد ثقل علي الناس استماعه، وخفّ علي الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يکرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالاهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الکذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تُستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضاً.

ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذلّ للکافر المؤمن، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المکيال والميزان، ورأيت سفک الدماء يستخفّ بها.

ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا، ويشهّر نفسه بخبث اللسان ليتّقي، وتسند إليه الاُمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الکثير لم يزکّه منذ ملکه، ورأيت الميّت ينشر من قبره ويؤذي وتباع أکفانه، ورأيت الهرج قد کثر.

ورأيت الرجل يمسي نشوان، ويصبح سکران، لا يهتمّ بما يقول الناس فيه، ورأيت البهائم تنکح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلي مصلاّه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست، وجمدت عيونهم، وثقل الذکر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلّي



[ صفحه 337]



إنّما يصلّي ليراه الناس.

ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذمّ ويعيّر، وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله، لا يمنعهم مانع، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين.

ورأيت الرجل يتکلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهي عن المنکر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنک موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلي بعض، ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلک الخير وطريقه خالياً لا يسلکه أحد، ورأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد.

ورأيت کلّ عام يحدث فيه من البدعة والشرّ أکثر ممّـا کان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلاّ الاغنياء، ورأيت المحتاج يُعطي علي الضحک به، ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الايات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون کما تسافد البهائم، لا ينکر أحد منکراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الکثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله.

ورأيت العقوق قد ظهر، واستخفّ بالوالدين، وکانا من أسوأ الناس حالاً عند الولد، ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء قد غلبن علي الملک، وغلبن علي کلّ أمر، لا يؤتي إلاّ ما لهنّ فيه هوي، ورأيت ابن الرجل يفتري علي أبيه، ويدعو علي والديه، ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل - إذا مرّ به يوم ولم يکسب فيه الذنب العظيم، من فجور أو بخس مکيال أو ميزان، أو غشيان حرام، أو شرب مسکر - کئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلک اليوم عليه وضيّعه من عمره.

ورأيت السلطان يحتکر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تقسم في الزور،



[ صفحه 338]



ويتقامر بها، ويشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوي بها، وتوصف للمريض ويستشفي بها، ورأيت الناس قد استووا في ترک الامر بالمعروف والنهي عن المنکر وترک التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة، ورياح أهل الحقّ لا تحرّک. ورأيت الاذان بالاجر، والصلاة بالاجر، ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأکل لحوم أهل الحقّ، ويتواصفون فيها شراب المسکر، ورأيت السکران يصلّي بالناس فهو لا يعقل، ولا يشان بالسکر، وإذا سکر اُکرم واُتّقي وخيف، وترک لا يعاقب، ويعذر بسکره.

ورأيت من أکل أموال اليتامي يحدث بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لاهل الفسوق والجرأة علي الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوي ولا يعمل القائل بما يأمر.

ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله، وتعطي لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أکلوا وبما نکحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحقّ قد درست.

فکن علي حذر، واطلب من الله عزّ وجلّ النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزّ وجلّ، وإنّما يمهلهم لامر يراد بهم، فکن مترقّباً، واجتهد ليراک الله عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وکنت فيهم، عجّلت إلي رحمة الله، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين [13] .

231- وعن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: حججت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله)



[ صفحه 339]



حجّة الوداع، فلمّـا قصد النبيّ (صلي الله عليه وآله) ما افترض عليه من الحجّ، أتي مودّع الکعبة، فلزم حلقة الباب، ونادي برفيع صوته: أيها الناس، فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق، فقال: اسمعوا، إنّي قائل ما هو بعدي کائن، فليبلغ شاهدکم غائبکم، ثمّ بکي رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتّي بکي لبکائه الناس أجمعون، فلمّـا سکت من بکائه قال:

اعلموا رحمکم الله أنّ مثلکم في هذا اليوم کمثل ورق لا شوک فيه إلي أربعين ومائة سنة، ثمّ يأتي من بعد ذلک شوک وورق إلي مائتي سنة، ثمّ يأتي من بعد ذلک شوک لا ورق فيه، حتّي لا يري فيه إلاّ سلطان جائر، أو غني بخيل، أو عالم مراغب في المال، أو فقير کذّاب، أو شيخ فاجر، أو صبيّ وقح، أو امرأة رعناء، ثمّ بکي رسول الله (صلي الله عليه وآله).

فقام إليه سلمان الفارسي وقال: يا رسول الله، أخبرنا متي يکون ذلک؟

فقال (صلي الله عليه وآله): يا سلمان، إذا قلّت علماؤکم، وذهبت قرّاؤکم، وقطعتم زکاتکم، وأظهرتم منکراتکم، وعلت أصواتکم في مساجدکم، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسکم، والعلم تحت أقدامکم، والکذب حديثکم، والغيبة فاکهتکم، والحرام غنيمتکم، ولا يرحم کبيرکم صغيرکم، ولا يوقّر صغيرکم کبيرکم، فعند ذلک تنزّل اللعنة عليکم، ويجعل بأسکم بينکم، وبقي الدين بينکم لفظاً بألسنتکم.

فإذا اُوتيتم هذه الخصال، توقّعوا الريح الحمراء، أو مسخاً أو قذفاً بالحجارة، وتصديق ذلک في کتاب الله عزّ وجلّ: (قُلْ هُوَ القادِرُ عَلي أنْ يَبْعَثَ عَلَيْکُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِکُمْ أوْ مِنْ تَحْتِ أرْجُلِکُمْ أوْ يَلْبِسَکُمْ شِيَعاً وَيُذيقَ بَعْضَکُمْ بَأسَ بَعْض اُنْظُرْ کَيْفَ نُصَرِّفُ الاياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهون) [14] .



[ صفحه 340]



فقام إليه جماعة من الصحابة، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا متي يکون ذلک؟

فقال (صلي الله عليه وآله): عند تأخير الصلوات، واتباع الشهوات، وشرب القهوات [15] ، وشتم الاباء والاُمّهات، حتّي ترون الحرام مغنماً، والزکاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وجفا جاره، وقطع رحمه، وذهبت رحمة الاکابر، وقلّ حياء الاصاغر، وشيّدوا البنيان، وظلموا العبيد والاماء، وشهدوا بالهوي، وحکموا بالجور، ويسبّ الرجل أباه، ويحسد الرجل أخاه، ويعامل الشرکاء بالخيانة، وقلّ الوفاء، وشاع الزنا، وتزيّن الرجال بثياب النساء، وسلب عنهنّ قناع الحياء، ودبّ الکبر في القلوب کدبيب السمّ في الابدان، وقلّ المعروف، وظهرت الجرائم، وهوّنت العظائم، وطلبوا المدح بالمال، وشغلوا بالدنيا عن الاخرة، وقلّ الورع، وکثر الطمع والهرج والمرج، وأصبح المؤمن ذليلاً، والمنافق عزيزاً، مساجدهم معمورة بالاذان، وقلوبهم خالية من الايمان، واستخفّوا بالقرآن، وبلغ المؤمن عنهم کلّ هوان.

فعند ذلک تري وجوههم وجوه الادميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، وکلامهم أحلي من العسل، وقلوبهم أمرّ من الحنظل، فهم ذئاب، وعليهم ثياب، ما من يوم إلاّ يقول الله تبارک وتعالي: أفيَّ تغترّون؟ أم عليّ تجترئون؟ (أفَحَسِبْتُمْ أ نَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَأ نَّکُمْ إلَيْنا لا تُرْجَعون).

فوعزّتي وجلالي، لولا من يعبدني مخلصاً ما أملهت من يعصيني طرفة عين، ولولا ورع الورعين من عبادي، لما أنزلت من السماء قطرة، ولا أنبتّ ورقة خضراء.

فوا عجباه لقوم ألهتهم أموالهم، وطالت آمالهم، وقصرت آجالهم، وهم



[ صفحه 341]



يطمعون في مجاورة مولاهم، ولا يصلون إلي ذلک إلاّ بالعمل، ولا يتمّ العمل إلاّ بالعقل [16] .

232- وعن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليأتينّ علي الناس زمان يظرف فيه الفاجر، ويقرب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف.

قال: فقيل له: متي ذلک يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا اتّخذت الامانة مغنماً، والزکاة مغرماً، والعبادة استطالة، والصلة منّاً.

قال: فقيل له: متي ذلک يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلّطن النساء، وسلّطن الاماء، واُمّر الصبيان [17] .

233- وعن جابر الانصاري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، قال: منّا مهديّ هذه الاُمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم علي بعض، فلا کبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقّر کبيراً، فيبعث الله عند ذلک مهديّنا، التاسع من صلب الحسين، يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم في الدين في آخر الزمان، کما قمت به في أوّل الزمان، ويملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً [18] .

234- وعن هارون بن هلال، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يخرج المهدي حتّي



[ صفحه 342]



يرقي الظَلَمة [19] .

235- وعن مطر الورّاق، قال: لا يخرج المهدي حتّي يکفر بالله جهرة [20] .

236- وعن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا يلبث الجور بعدي إلاّ قليلاً حتّي يطلع، فکلّما طلع من الجور شيء ذهب من العدل مثله، حتّي يولد في الجور من لا يعرف غيره، ثمّ يأتي الله بالعدل، فکلّما جاء من العدل ذهب من الجور مثله، حتّي يولد في العدل من لا يعرف غيره [21] .


پاورقي

[1] إرشاد القلوب 1: 67 / باب 16.

[2] المعجم الکبير / الطبراني 18: 51 / 91.

[3] مسند الطيالسي: 108 / 803.

[4] ثواب الاعمال: 301 / 4، بحار الانوار 52: 190 / 21.

[5] جامع الاخبار: 129 / الفصل 88.

[6] مسند احمد 2: 494.

[7] المعجم الصغير / الطبراني 2: 39، مجمع الزوائد 7: 326.

[8] غيبة النعماني: 186.

[9] غيبة النعماني: 200.

[10] غيبة النعماني: 201.

[11] بحار الانوار 52: 185 / 9.

[12] بحار الانوار 52: 190 / 20.

[13] بحار الانوار 52: 254 ـ 260 / 147 عن روضة الکافي.

[14] الانعام: 65.

[15] القهوات: الخمور.

[16] بحار الانوار 52: 262 ـ 264 / 148.

[17] بحار الانوار 52: 265 / 151.

[18] بحار الانوار 52: 266 / 154.

[19] الملاحم والفتن: 77.

[20] الملاحم والفتن: 78، البرهان / المتقي الهندي: 104 / 6.

[21] مسند احمد 5: 26 ـ 27.