عرض مجمل
1- قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في الارشاد:
لقد جاءت الاخبار بذکر علامات لزمان قيام القائم (عليه السلام) وحوادث تکون أمام قيامه، وآيات ودلالات، فمنها:
خروج السفياني، وقتل الحسني، واختلاف بني العباس في الملک الدنياوي، وکسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره علي خلاف العادات، وخسف بالبيداء، وخسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، ورکود الشمس من عند الزوال إلي وسط أوقات العصر، وطلوعها من المغرب.
وقتل نفس زکيّة بظهر الکوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الرکن والمقام، وهدم سور الکوفة، وإقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر وتملّکه للشامات، ونزول الترک الجزيرة، ونزول الروم الرملة.
[ صفحه 247]
وطلوع نجم بالمشرق يضيء کما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّي يکاد يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقي في الجوّ ثلاثة أيام أو سبعة أيام، وخلع العرب أعنّتها وتملّکها البلاد وخروجها عن سلطان العجم.
وقتل أهل مصر أميرهم، وخراب الشام، واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلي مصر، ورايات کندة إلي خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتّي تُربَط بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها، وبثقٌ في الفرات حتّي يدخل الماء أزقّة الکوفة، وخروج ستّين کذاباً کلّهم يدّعي النبوّة، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب کلّهم يدّعي الامامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر ممّـا يلي الکرخ بمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار، وزلزلة حتّي ينخسف کثير منها، وخوف يشمل أهل العراق، وموت ذريع فيه، ونقص من الانفس والاموال والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّي يأتي علي الزرع والغلاّت، وقلّة ريع لما يزرعه الناس.
واختلاف صنفين من العجم، وسفک دماء کثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم من أهل البدع حتّي يصيروا قردة وخنازير [1] ، وغلبة العبيد علي بلاد السادات، ونداء من السماء حتّي يسمعه أهل
[ صفحه 248]
الارض کلّ أهل لغة بلغتهم، ووجه وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس، وأموات ينشرون من القبور حتّي يرجعوا إلي الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون.
ثمّ يختم ذلک بأربع وعشرين مطرة تتّصل، فتحيا بها الارض من بعد موتها، وتُعرف برکاتها، وتزول بعد ذلک کلّ عاهة عن معتقدي الحقّ من شيعة المهدي(عليه السلام)، فيعرفون عند ذلک ظهوره بمکّة، فيتوجّهون نحوه لنصرته، کما جاءت بذلک الاخبار [2] .
2- وقال المقدسي الشافعي في (عقد الدرر)، الفصل الرابع:
قد وردت الاثار بتبيين ما يکون لظهور الامام المهدي (عليه السلام) من العلامات، وتواترت الاخبار بتعيين ما يتقدّم أمامه من الفتن والحوادث والدلالات.
وقد تضمّن هذا الباب جملة جميلة، وشحنت فصوله من اُصول أصيلة.
ثمّ ذُکِر في هذا الفصل الاخير منها زبدة صُبَرَة [3] ، ليکتفي بها المطّلع عليه خَبَره.
فمن ذلک أحوالٌ کريهة المنظر صعبة المراس، وأهوال أليمة المخبر وفتن الاحلاس، وخروج علج من جهة المشرق يزيل ملک بني العباس، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، ولا يتوجّه إلي جهة إلاّ مُنحها، ولا ترفع إليه راية إلاّ مزّقها، ولا يستولي علي قرية حصينة إلاّ أخربها وأحرقها، ولا يحکم علي نعمة إلاّ أزالها، وقلّ ما يروم
[ صفحه 249]
من الاُمور شيئاً إلاّ نالها، وقد نزع الله الرحمة من قلبه وقلب من حالفه، وسلّطهم نقمة علي من عصاه وخالفه، ولا يرحمون من بکي، ولا يجيبون من شکا، يقتلون الاباء والاُمّهات، والبنين والبنات، يهلکون بلاد العجم، والعراق، ويذيقون الاُمّة من بأسهم أمرّ مذاق.
وفي ضمن ذلک حرب وهرب وإدبار، وفتن شداد وکرب وبوار، وکلّما قيل انقطعت تمادت وامتدّت، ومتي قيل تولّت توالت واشتدّت، حتّي لا يبقي بيت من العرب إلاّ دخلته، ولا مسلم إلاّ وصلته.
ومن ذلک سيف قاطع واختلاف شديد وبلاء عامّ حتّي تُغبط الرمم البوالي، وظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السماء ثلاث ليالي، وخروج ستّين کذّاباً کلّ منهم يدّعي أ نّه مرسل من عند الله الواحد المعبود.
وخسف قرية من قري الشام، وهدم حائط مسجد الکوفة ممّـا يلي دار عبد الله بن مسعود، وطلوع نجم بالمشرق يضيء کما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّي يلتقي طرفاه أو يکاد، وحمرة تظهر في السماء، وتنتشر في اُفقهها وليست کحمرة الشفق المعتاد.
وعقد الجسر ممّـا يلي الکرخ لمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها وخسف يهلک فيه کثير من الانام، وبثق في الفرات حتّي يدخل الماء علي أهل الکوفة فيخرب کوفتهم.
ونداء من السماء يعمّ أهل الارض، ويُسمع کلّ أهل لغة بلغتهم، ومسخ قوم من أهل البدع وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم، وصوت في ليلة النصف من رمضان، يوقظ النائم ويفزع اليقظان، ومعمعة في شوّال، وفي ذي القعدة حرب وقتال، ونهب الحاجّ في ذي الحجّة، ويکثر القتل حتّي يسيل الدم علي المحجّة،
[ صفحه 250]
وتُهتک المحارم في الحرم، وترتکب العظائم عند البيت المعظّم.
ثمّ العجب کلّ العجب، بين جمادي ورجب، ويکثر الهرج ويطول فيه اللُّبْث، ويقتل ثلث ويموت الثلث، ويکون ولاة الامر کلّ منهم جائراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح کافراً، ولعلّ هذا الکفر مثل کفر العشير، فإنّه في بعض الروايات إلي نحو ذلک يشير، وانسياب الترک ونزولهم جزيرة العرب، وتجهيز الجيوش ويقتل الخليفة وتشتدّ الکُرَب، وينادي مناد علي سور دمشق: ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب.
ومن ذلک رجل من کندة أعرج، يخرج من جهة المغرب، مقرون بألويته النصر، فلا يزال سائراً بجيشه وقوّة جأشه حتّي يظهر علي مصر.
ومن ذلک خراب معظم البلاد حتّي تعود حصيداً کأن لم تغن بالامس، واستيلاء السفياني وجنده علي الکور الخمس، وذبح رجل هاشمي بين الرکن والمقام.
ورکود الشمس وکسوفها في النصف من شهر الصيام، وخسوف القمر آخره عبرة للانام، وتلک آيتان لم يکونا منذ أهبط الله آدم (عليه السلام)، وفتن وأهوال کثيرة، وقتل ذريع بين الکوفة والحيرة.
ومن ذلک خروج السفياني ابن آکلة الاکباد من الوادي اليابس، وعتوّه وتجنيده الاجناد ذوي القلوب القاسية والوجوه العوابس، وظهور أمره وتغلّبه علي البلاد، وتخريبه المدارس والمساجد وإظهاره للظلم والفجور والفساد، وتعذيبه کلّ راکع وساجد، وقتله العلماء والفضلاء والزهّاد، مستبيحاً سفک الدماء المحرّمة، ومعاندته لال محمّد أشدّ العناد متجرّياً علي إهانة النفوس المکرّمة، والخسف بجيشه بالبيداء ومن معهم من حاضر وباد جزاءً بما عملوا، ويغادرهم غدرهم مَثُلَةً للعباد، ولم يبلغوا ما أمّلوا.
[ صفحه 251]
وآخر الفتن والعلامات قتل النفس الزکيّة، فعند ذلک يخرج الامام المهدي ذو السيرة المرضيّة، فيشمّر عن ساق جدّه في نصرة هذه الاُمّة، حاسراً عن ساعد زنده لکشف هذه الغمّة، متحرّکاً لتسکين ثائرة الفتن عند التهابها، متقرّباً لتبعيد دائرة المحن بعد اقترابها، صارفاً أعنّة العناية لتدارک هذا الامر، مباشراً بنفسه الکريمة إطفاء هذا الجمر، مُخلِصاً في تخليص البلاد من أيدي الفسقة الفجرة، کافّاً عن صلحاء العباد أکفّ المرقة الکفرة، وجبريل علي مقدّمته، وميکائيل علي ساقته، والظفر مقرون ببنوده، والنصر معقود بألويته، وقد فرح أهل السماء وأهل الارض والطير والوحش بولايته.
فيسير إلي الشام في طلب السفياني بجأش قويّة وهمّة سنيّة، وجيوش نُصرة قد طبّقت البريّة، ونفحات نشره قد طيّبت البريّة، فيهزم جيش السفياني ويذبحه عند بحيرة طبرية، فتندرس آثار الظلم، وتنکشف حنادس الظلمة، وتعود المحنة منحة، واللاواء نعمة.
ويخرج إليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أکرم العرب فرساً وأجودهم سلاحاً يؤيّد الله بهم الدين.
وتقبل الرايات السود من قبل المشرق کأنّ قلوبهم زبر الحديد، يعيد الله تعالي بهم من الاسلام کلّ خلق جديد.
ثمّ يسير إلي دمشق في جيشه العرمرم، ويقيم بها مدّة مؤيّداً منصوراً ومکرّم، ويأمر بعمارة جامعها، وترميم ما وهي منها وتهدّم، وتنعم الاُمّة في أيامه نعمة لم ينعمها قبلها أحدٌ من الاُمم، فيا طوبي لمن أدرک تلک الايام الغرّ وتملّي بالنظر إلي تلک الغرّة الغرّاء ولتربة تقبّل أقدامه لَثَم [4] .
[ صفحه 252]
پاورقي
[1] روي عن أبي الحسن موسي بن جعفر (عليه السلام) في قوله تعالي: (سَنُريهِمْ آياتِنا في الافاقِ وَفي أنْفُسِهِمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أ نَّهُ الحَقّ) (فصّلت 41: 53) أ نّه قال: الفِتَن في الافاق، والمسخ في أعداء الله. الارشاد 2: 373، بحار الانوار 52: 221 / 83.
[2] الارشاد للمفيد 2: 368.
[3] أي مجتمع.
[4] عقد الدرر: 153 ـ الفصل الرابع.