علمه بالمغيبات
30- روي محمّد بن حمويه، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: شککت عند مضيّ أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، واجتمع عند أبي مال جليل فحمله، ورکبت السفينة معه مشيّعاً له، فوعک وعکاً شديداً فقال: يا بني، ردّني فهو الموت، وقال لي: اتّق الله في هذا المال، وأوصي إليّ ومات بعد ثلاثة أيام.
فقلت في نفسي: لم يکن أبي ليوصي بشيء غير صحيح، أحملُ هذا المال إلي العراق، وأکتري داراً علي الشطّ، ولا اُخبر أحداً بشيء، فإن وضح لي کوضوحه في أيام أبي محمّد (عليه السلام) أنفذته، وإلاّ أنفقته في ملاذّي وشهواتي.
فقدمت العراق، واکتريت داراً علي الشطّ وبقيت أياماً، فإذا أنا برقعة مع رسول، فيها: يا محمّد، معک کذا وکذا، حتّي قصّ عليّ جميع ما معي، وذکر في جملته شيئاً لم اُحط به علماً، فسلّمته إلي الرسول، وبقيت أياماً لا يرفع بي رأس،
[ صفحه 43]
فاغتممت فخرج إليّ: قد أقمناک مقام أبيک، فاحمد الله [1] .
31- وروي محمّد بن أبي عبد الله السياري، قال: أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب، فقُبلت وردّ عليّ السوار، واُمرت بکسره فکسرته، فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس وصفر، فأخرجته وأنفذت الذهب بعد ذلک فقبل [2] .
32- وقال عليّ بن محمّد: أوصل رجل من أهل السواد مالاً، فرُدّ عليه وقيل له: أخرج حقّ ولد عمّک منه، وهو أربعمائة درهم، وکان الرجل في يده ضيعة لولد عمّه، فيها شرکة قد حبسها عنهم، فنظر فإذا الذي لولد عمّه من ذلک المال أربعمائة درهم، فأخرجها وأنفذ الباقي فقُبِل [3] .
33- وعن عليّ بن الحسين اليماني، قال: کنت ببغداد فتهيّأتْ قافلة لليمانيين، فأردت الخروج معهم، فکتبت التمس الاذن في ذلک، فخرج: لا تخرج معهم، فليس لک في الخروج معهم خيرة، وأقم الکوفة، قال: فأقمت، وخرجت القافلة، فخرجت عليهم بنو حنظلة فاجتاحتهم.
[ صفحه 44]
قال: وکتبت أستأذن في رکوب الماء، فلم يؤذن لي، فسألت عن المراکب التي خرجت تلک السنة في البحر، فعُرِّفتُ أ نّه لم يسلم منها مرکب، خرج عليها قوم يقال لهم: البوراج، فقطعوا عليها [4] .
34- وعنه قال: وردت العسکر، فأتيت الدرب مع المغيب، ولم اُکلّم أحداً ولم أتعرّف إلي أحد، فأنا اُصلّي في المسجد بعد فراغي من الزيارة، فإذا بخادم قد جاءني فقال لي: قم، فقلت له: إلي أين؟ فقال: إلي المنزل، قلت: ومن أنا! لعلّک اُرسلت إلي غيري؟ فقال: لا، ما اُرسلت إلاّ إليک، أنت عليّ بن الحسين، وکان معه غلام فسارّه، فلم أدرِ ما قال حتّي أتاني بجميع ما أحتاج إليه، وجلستُ عنده ثلاثة أيام، واستأذنته في الزيارة من داخل الدار، فأذن لي فزرت ليلاً [5] .
35- وقال الحسين بن الفضل: وردت العراق وعملت علي ألاّ أخرج إلاّ عن بيّنة من أمري ونجاح من حوائجي، ولو احتجت أن اُقيم بها حتّي أتصدّق [6] ، قال: وفي خلال ذلک يضيق صدري بالمقام، وأخاف أن يفوتني الحجّ.
قال: فجئت يوماً إلي محمّد بن احمد - وکان السفير يومئذ - أتقاضاه، فقال لي: صِر إلي مسجد کذا وکذا، فإنّه يلقاک رجل. قال: فصرت إليه، فدخل عليّ
[ صفحه 45]
رجل، فلمّـا نظر إليّ ضحک، وقال لي: لا تغتمّ، فإنّک ستحجّ في هذه السنة، وتنصرف إلي أهلک وولدک سالماً، قال: فاطمأننت وسکن قلبي، وقلت: هذا مصداق ذلک.
قال: ثمّ وردت العسکر [7] ، فخرجت إليّ صرّة فيها دنانير وثوب، فاغتممتُ وقلت في نفسي: جَدّي [8] عند القوم هذا؟ واستعملت الجهل فرددتها، ثمّ ندمت بعد ذلک ندامةً شديدةً وقلت في نفسي: کفرتُ بردّي علي مولاي، وکتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالاثم، وأستغفر من زللي، فأنفذتها، وقمت أتطهّر للصلاة، وأنا إذ ذاک اُفکّر في نفسي وأقول: إن رُدّت عليّ الدنانير لم أحلل شدّها، ولم اُحدث فيها شيئاً حتّي أحملها إلي أبي، فإنّه أعلم منّي.
فخرج إلي الرسول الذي حمل الصرّة، وقال: قيل لي: أسأت إذ لم تُعلِم الرجل، إنّا ربما فعلنا ذلک بموالينا ابتداءً، وربما سألونا ذلک يتبرّکون به. وخرج إليّ: أخطأت في ردّک برّنا، فإذا استغفرت الله فالله يغفر لک، وإذا کانت عزيمتک وعقد نيّتک فيما حملناه إليک ألاّ تُحدِث فيه حدثاً إذا رددناه إليک، ولا تنتفع به في طريقک، فقد صرفناه عنک، فأمّا الثوب فخذه لتحرم فيه.
قال: وکتبت في معنيين، وأردت أن أکتب في الثالث فامتنعت منه، مخافة أن يکره ذلک، فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسّراً، والحمد لله.
قال: وکنت واقفت جعفر بن إبراهيم النيسابوري بنيسابور علي أن أرکب معه إلي الحجّ واُزامله، فلمّـا وافيتُ بغداد بدا لي وذهبت أطلب عديلاً، فلقيني
[ صفحه 46]
ابن الوجناء [9] ، وکنت قد صرت إليه وسألته أن يکتري لي، فوجدته کارهاً، فلمّـا لقيني قال لي: أنا في طلبک، وقد قيل لي: إنّه يصحبک فأحسِن عِشرته، واطلب له عديلاً واکترِ له [10] .
36- وعن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عبد الحميد، قال: شککت في أمر حاجز [11] ، فجمعت شيئاً ثمّ صرت إلي العسکر، فخرج إليّ: ليس فينا شکّ، ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا، فرُدّ ما معک إلي حاجز بن يزيد [12] .
37- وعن عليّ بن محمّد، عن عدّة من أصحابنا، عن احمد بن الحسن والعلاء ابن رزق الله، عن بدر غلام احمد بن الحسن، قال: وردتُ الجبل وأنا لا أقول بالامامة، اُحبّهم جملةً، إلي أن مات يزيد بن عبد الله، فأوصي في علّته أن يُدْفَع الشهري السمند [13] وسيفه ومِنْطَقته إلي مولاه، فخفت إن لم أدفع الشهري إلي اذکوتکين [14] نالني منه استخفاف، فقوّمت الدابة والسيف والمِنطَقة سبعمائة دينار في
[ صفحه 47]
نفسي، ولم اُطلع عليه أحداً، ودفعت الشهري إلي اذکوتکين، وإذا الکتاب قد ورد عليّ من العراق أن وجّه السبعمائة دينار التي لنا قبلک من ثمن الشهري والسيف والمنطقة [15] .
38- وعن عليّ بن محمّد، قال: حمل رجل من أهل آبة [16] شيئاً يوصله، ونسي سيفاً کان أراد حمله، فلمّـا وصل الشيء کتب إليه بوصوله، وقيل في الکتاب: ما خبر السيف الذي اُنسيته؟ [17] .
39- وعن الحسن بن عيسي العُريضي، قال: لمّـا مضي أبو محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، ورد رجل من مصر بمال إلي مکّة لصاحب الامر، فاختُلف عليه، وقال بعض الناس: إنّ أبا محمّد قد مضي عن غير خلف، وقال آخرون: الخلف من بعده جعفر، وقال آخرون: الخلف من بعده ولده.
فبعث رجلاً يکنّي أبا طالب إلي العسکر، يبحث عن الامر وصحّته، ومعه کتاب، فصار الرجل إلي جعفر وسأله عن برهان، فقال له جعفر: لا يتهيّأ لي في هذا الوقت.
فصار الرجل إلي الباب، وأنفذ الکتاب إلي أصحابنا المرسومين بالسفارة، فخرج إليه: آجرک الله في صاحبک فقد مات، وأوصي بالمال الذي کان معه إلي ثقة
[ صفحه 48]
يعمل فيه بما يجب، واُجيب عن کتابه، وکان الامر کما قيل له [18] .
40- وعن محمّد بن شاذان النيسابوري، قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص منها عشرون درهماً، فلم اُحبّ أن أنفذها ناقصة، فوزنت من عندي عشرين درهماً، وبعثت بها إلي الاسدي، ولم أکتب ما لي فيها، فورد الجواب: وصلت خمسمائة درهم، لک منها عشرون درهماً [19] .
41- وعن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني، قال: کان للناحية [20] عليّ خمسمائة دينار، فضقت بها ذرعاً، ثمّ قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين ديناراً، قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولم أنطق بذلک، فکتب إليّ محمّد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمّد بن هارون بالخمسائة دينار التي لنا عليه [21] .
42- وعن احمد بن أبي روح، قال: وجّهت إليّ امرأة من أهل دينور فأتيتها،
[ صفحه 49]
فقالت: يا ابن أبي روح، أنت أوثق من في ناحيتنا ورعاً، وإنّي اُريد أن اُودعک أمانة وأجعلها في رقبتک تؤدّيها وتقوم بها.
فقلت: أفعل إن شاء الله.
فقالت: هذه دراهم في هذا الکيس المختوم، لا تحلّه ولا تنظر ما فيه حتّي تؤدّيه إلي من يخبرک بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير، وفيه ثلاثة لؤلؤات تساوي عشرة دنانير، ولي إلي صاحب الزمان (عليه السلام) حاجة اُريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها.
فقلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها اُمّي في عرسي، ولا أدري ممّن استقرضتها، ولا أدري إلي من أدفعها، فإن أخبرک بها، فادفعها إلي من يأمرک به.
قال: وکنت أقول بجعفر بن علي، فقلت: هذه المحنة بيني وبين جعفر.
فحملت المال وخرجت حتّي دخلت بغداد، فأتيت حاجز بن يزيد الوشّاء، فسلّمت عليه وجلست، فقال: ألک حاجة؟ فقلت: هذا مال دُفِع إليّ لادفعه إليک، أخبرني کم هو؟ ومن دفعه إليّ؟ فإن أخبرتني دفعته إليک.
قال: لم اُؤمر بأخذه، وهذه رقعة جاءتني بأمرک، فإذا فيها: لا تقبل من احمد ابن أبي روح، وتوجّه به إلينا إلي سرّ من رأي. فقلت: لا إله إلاّ الله، هذا أجلّ شيء أردته.
فخرجت به، ووافيت سرّ من رأي، فقلت: أبدأ بجعفر، ثمّ تفکّرت وقلت: أبدأ بهم، فإن کانت المحنة من عندهم وإلاّ مضيت إلي جعفر.
فدنوت من دار أبي محمّد (عليه السلام)، فخرج إليّ خادم فقال: أنت احمد بن أبي روح؟ قلت: نعم. قال: هذه الرقعة اقرأها، فقرأتها فإذا فيها: بسم الله الرحمن
[ صفحه 50]
الرحيم، يا ابن أبي روح، أودعتک حايل بنت الديراني کيساً فيه ألف درهم بزعمک، وهو خلاف ما تظنّ، وقد أدّيت فيه الامانة، ولم تفتح الکيس ولم تدرِ ما فيه، وإنّما فيه ألف درهم، وخمسون ديناراً صحاحاً، ومعک قرطان زعمت المرأة أ نّها تساوي عشرة دنانير، وقد صدقت، مع الفصّين اللذين فيهما، وفيهما ثلاث حبّات لؤلؤ شراؤهما بعشرة دنانير، وهي تساوي أکثر، فادفعهما إلي جاريتنا فلانة، فإنّا قد وهبناهما لها، وصِر إلي بغداد، وادفع المال إلي حاجز، وخذ منه ما يعطيک لنفقتک إلي منزلک.
فأمّا العشرة دنانير التي زَعَمَت أنّ اُمّها استقرضتها في عرسها، وهي لا تدري مَن صاحبها، ولا تعلم لمن هي، هي لکلثوم بنت احمد، وهي ناصبيّة، فتحرّجت أن تعطيها، فإن أحبّت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلک، فلتفرّقها علي ضعفاء أخواتها، ولا تعودن يا ابن أبي روح إلي القول بجعفر والمحنة له، وارجع إلي منزلک، فإنّ عدوّک قد مات، وقد أورثک الله أهله وماله.
قال: فرجعت إلي بغداد، وناولت الکيس حاجزاً، فوزنه فإذا فيه ألف درهم صحاح وخمسون ديناراً، فناولني ثلاثين درهماً، وقال: اُمرنا بدفعها إليک لتنفقها.
فأخذتها وانصرفت إلي الموضع الذي نزلت فيه، فإذا أنا بفيج [22] قد جاءني من المنزل يخبرني بأنّ حموي قد مات، وأنّ أهلي أمروني بالانصراف إليهم، فرجعت فإذا هو قد مات، وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم [23] .
[ صفحه 51]
43- وعن نصر بن الصباح، قال: أنفذ رجلٌ من أهل بلخ خمسة دنانير إلي الصاحب (عليه السلام)، وکتب معها رقعة غيّر فيها اسمه، فأوصلها إلي الصاحب (عليه السلام)، فخرج الوصول باسمه ونسبه والدعاء له [24] .
44- وروي الشيخ الکليني بالاسناد عن احمد بن الحسن، قال: أوصي يزيد ابن عبد الله بدابّة وسيف ومال، وأنفذ ثمن الدابّة وغير ذلک ولم يبعث السيف، فورد: کان مع ما بعثتم سيف فلم يصل، أو کما قال [25] .
45- وروي بالاسناد عن علي بن محمّد، قال: کان ابن العجمي جعل ثلثه للناحية، وکتب بذلک، وقد کان قبل إخراجه الثلث دفع مالاً لابنه أبي المقدام، ولم يطّلع عليه أحد، فکتب إليه: فأين المال الذي عزلته لابي المقدام [26] .
46- وروي بالاسناد عن الحسين بن الحسن العلوي، قال: کان رجل من ندماء روزحسني [27] وآخر معه، فقال له: هو ذا [28] يجبي الاموال وله وکلاء، وسمّوا
[ صفحه 52]
جميع الوکلاء في النواحي، وأنهي ذلک إلي عبيد الله بن سليمان الوزير، فهمّ الوزير بالقبض عليهم.
فقال السلطان: اطلبوا أين هذا الرجل [29] ، فإنّ هذا أمر غليظ.
فقال عبيد الله ابن سليمان: نقبض علي الوکلاء.
فقال السلطان: لا، ولکن دسّوا لهم قوماً لا يعرفون بالاموال، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه.
قال: فخرج [30] : «بأن يتقدّم إلي جميع الوکلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً، وأن يمتنعوا من ذلک، ويتجاهلوا الامر».
فاندسّ لمحمّد بن احمد رجل لا يعرفه، وخلا به، فقال: معي مال اُريد أن اُوصله، فقال له محمّد: غلطت، أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطّفه ومحمّد يتجاهل عليه، وبثّوا الجواسيس، وامتنع الوکلاء کلّهم لما کان تقدّم إليهم [31] .
47- وروي الکشّي بالاسناد، قال: إنّ محمّد بن إبراهيم بن مهزيار لمّـا حضرت أباه الوفاة، دفع إليه مالاً وأعطاه علامةً، وقال: من أتاک بها فادفع إليه، ولم يعلم بالعلامة إلاّ الله، ثمّ جاءه شيخ فقال: أنا العمري، هات المال، وهو کذا وکذا، ومعه العلامة، فدفع إليه المال [32] .
[ صفحه 53]
48- وروي الشيخ حسين بن عبد الوهاب في (عيون المعجزات) بالاسناد عن محمّد بن جعفر، قال: خرج بعض إخواننا يريد العسکر في أمر من الاُمور، قال: فوافيت عُکبرا [33] ، فبينما أنا قائم اُصلّي إذ أتاني رجل بصرّة مختومة، فوضعها بين يدي وأنا اُصلّي، فلمّـا انصرفت من صلاتي، فضضت خاتم الصرّة، وإذا فيها رقعة بشرح ما خرجت له، فانصرفت من عکبرا [34] .
49- وروي الحسن بن خفيف، عن أبيه، قال: حملت حرماً من المدينة إلي الناحية، ومعهم خادمان، فلمّـا وصلنا إلي الکوفة، شرب أحد الخدم مسکراً في السرّ، ولم نقف عليه، فورد التوقيع بردّ الخادم الذي شرب المسکر، فرددناه من الکوفة ولم نستخدمه [35] .
50- وروي الراوندي، عن أبي غالب الزراري، قال: تزوّجت بالکوفة امرأة من قوم يقال لهم بنو هلال خزّازون، وحصلت لها منزلة من قلبي، فجري بيننا کلام اقتضي خروجها عن بيتي غضباً، ورمت ردّها، فامتنعت عليّ، لا نّها کانت في أهلها في عزّ وعشيرة، فضاق لذلک صدري، وتجهّزت إلي السفر، فخرجت إلي بغداد أنا وشيخ من أهلها، فقدمناها وقضينا الحقّ في واجب الزيارة، وتوجّهنا إلي
[ صفحه 54]
دار الشيخ أبي القاسم بن روح، وکان مستتراً من السلطان، فدخلنا وسلّمنا.
فقال: إن کان لک حاجة فاذکر اسمک ها هنا، وطرح إليّ مدرجة [36] کانت بين يديه، فکتبت فيها اسمي واسم أبي، وجلسنا قليلاً، ثمّ ودّعناه، وخرجت إلي سرّ من رأي للزيارة، فزرنا وعدنا، فأتينا دار الشيخ، فأخرج المدرجة التي کنت کتبت فيها اسمي، وجعل يطويها علي أشياء کانت مکتوبة فيها، إلي أن انتهي إلي موضع اسمي، فناولنيه فإذا تحته مکتوب بقلم دقيق: أمّا الزراري في حال الزوج والزوجة، فسيصلح الله بينهما.
وکنت عندما کتبت اسمي، أردت أن أسأله الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة، ولم أذکره، بل کتبت اسمي وحده، فجاء الجواب کما کان في خاطري من غير أن أذکره، ثمّ ودّعنا الشيخ، وخرجنا من بغداد حتّي قدمنا الکوفة، فيوم قدومي أو من غده، أتاني إخوة المرأة، فسلّموا عليّ، واعتذروا إليّ ممّـا کان بيني وبينهم من الخلاف والکلام، وعادت الزوجة علي أحسن الوجوه إلي بيتي، ولم يجرِ بيني وبينها خلاف ولا کلام مدّة صحبتي لها، ولم تخرج من منزلي بعد ذلک إلاّ بإذني حتّي ماتت [37] .
51- وقال الشيخ سعيد بن عبد الله الراوندي: إنّ أبا محمّد الدعلجي [38] ، کان
[ صفحه 55]
له ولدان، وکان من خيار أصحابنا، وکان قد سمع الاحاديث، وکان أحد ولديه علي الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن، کان يغسّل الاموات، وولد آخر يسلک مسالک الاحداث في فعل الحرام، وکان قد دُفِع إلي أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وکان ذلک عادة الشيعة وقتئذ، فدفع شيئاً منها إلي ابنه المذکور بالفساد، وخرج إلي الحجّ.
فلمّـا عاد حکي أ نّه کان واقفاً بالموقف، فرأي إلي جانبه شابّاً حسن الوجه، أسمر اللون بذؤابتين، مقبلاً علي شأنه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّـا قرب نَفر الناس التفت إليّ وقال: يا شيخ، أما تستحي؟ قلت: من أيّ شيء يا سيّدي؟
قال: يدفع إليک حجّة عمّن تعلم، فتدفع منها إلي فاسق يشرب الخمر، يوشک أن تذهب عينک هذه، وأومأ إلي عيني، وأنا من ذلک اليوم إلي الان علي وَجَل ومخافة.
وسمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ذلک، قال: فما مضي عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّي خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت [39] .
52- وروي الشيخ قطب الدين الراوندي عن محمّد بن الحسين، قال: إنّ التميمي حدّثني عن رجل من أهل أسد آباد، قال: صرت إلي العسکر ومعي ثلاثون ديناراً في خرقة منها دينار شامي، فوافيت الباب، وإنّي لقاعد، إذ خرج إليّ غلام، فقال: هات ما معک. قلت: ما معي شيء. فدخل ثمّ خرج، وقال: معک ثلاثون
[ صفحه 56]
ديناراً في خرقة خضراء، منها دينار شامي، ومعها خاتم کنت تمنّيته، فأوصلته ما کان معي وأخذت الخاتم [40] .
53- روي الشيخ الکليني بالاسناد عن الفضل الخزّاز المدائني مولي خديجة بنت محمّد أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنّ قوماً من أهل المدينة من الطالبيين کانوا يقولون بالحقّ، فکانت الوظائف ترد عليهم في وقت معلوم، فلمّـا مضي أبو محمّد (عليه السلام) رجع قوم منهم عن القول بالولد، فوردت الوظائف علي من ثبت منهم علي القول بالولد، وقطع عن الباقين، فلا يذکرون في الذاکرين، والحمد لله ربّ العالمين [41] .
54- وقال الصدوق: حدّثنا الحسين بن علي بن محمّد القمي المعروف بأبي علي البغدادي، قال: کنت ببخارا فدفع إليّ المعروف بابن جاوشير عشرة سبائک ذهباً، وأمرني أن اُسلّمها بمدينة السلام إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدّس الله روحه)، فحملتها معي، فلمّـا بلغت أموية [42] ضاعت منّي سبيکة من تلک السبائک، ولم أعلم بذلک حتّي دخلت مدينة السلام، فأخرجت السبائک لاُسلّمها فوجدتها ناقصة واحدة منها، فاشتريت سبيکة مکانها بوزنها، وأضفتها إلي التسع سبائک، ثمّ دخلت علي الشيخ أبي القاسم الروحي (قدّس الله روحه)
[ صفحه 57]
ووضعت السبائک بين يديه، فقال لي: خذ لک تلک السبيکة التي اشتريتها، وأشار إليها بيده، فإنّ السبيکة التي ضيّعتها قد وصلت إلينا وذا هي، ثمّ أخرج إليّ تلک السبيکة التي کانت ضاعت مني بأموية، فنظرت إليها وعرفتها [43] .
55- وقال الحسين بن علي بن محمّد المعروف بأبي علي البغدادي: ورأيت تلک السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وکيل مولانا (عليه السلام) من هو؟ فأخبرها بعض القميين أ نّه أبو القاسم الحسين بن روح، وأشار لها إليه، فدخلت عليه وأنا عنده فقالت له: أ يّها الشيخ، أيّ شيء معي؟
فقال: ما معک فالقيه في دجلة، ثمّ ائتيني حتّي اُخبرک.
قال: فذهبت المرأة، وحملت ما کان معها، فألقته في دجلة، ثمّ رجعت ودخلت إلي أبي القاسم الروحي (قدّس الله روحه)، فقال أبو القاسم (رضي الله عنه) لمملوکة له: أخرجي إليّ الحقة، فأخرجت إليه حقة. فقال للمرأة: هذه الحقة التي کانت معک ورميت بها في دجلة، اُخبرک بما فيها أو تخبريني؟
فقالت له: بل أخبرني.
فقال: في هذه الحقة زوج سوار ذهب، وحلقة کبيرة فيها جوهر، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر، وخاتمان أحدهما فيروزج والاخر عقيق، وکان الامر کما ذکر لم يغادر منه شيئاً.
ثمّ فتح الحقة فعرض عليّ ما فيها، ونظرت المرأة إليه، فقالت: هذا الذي حملته بعينه، ورميت به في دجلة، فغشي عليّ وعلي المرأة فرحاً بما شاهدناه من
[ صفحه 58]
صدق الدلالة.
قال الحسين بعد ذکره هذا الحديث: أشهد بالله تعالي، أنّ هذا الحديث کما ذکرته لم أزد فيه ولم أنقص منه، وحلف بالائمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم)، لقد صدق فيما حدّث به، ما زاد فيه ولا نقص منه [44] .
56- ذکر الشيخ الموثوق به عثمان بن سعيد العمري أنّ ابن أبي غانم القزويني قال: إنّ العسکري (عليه السلام) لا خلف له، فشاجرته الشيعة، وکتبوا إلي الناحية، وکانوا يکتبون لا بسواد، بل بالقلم الجاف، علي الکاغد الابيض ليکون علماً معجزاً.
فورد جواباً إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاکم من الضلال والفتن، إنّه انتهي إلينا شکّ جماعة منکم في الدين وفي ولاية وليّ أمرهم، فغمّنا ذلک لکم لا لنا، لانّ الله معنا والحقّ معنا، فلا يوحشنا من بَعُدَ علينا، ونحن صنائع ربّنا والخلق صنائعنا، ما لکم في الريب تتردّدون؟ أما علمتم ما جاءت به الاثار من أئمتکم، أفرأيتم کيف جعل الله لکم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (عليه السلام)؟ کلّما غاب عَلَم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّـا قبضه الله إليه ظننتم أ نّه أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه؟ کلاّ ما کان ذلک ولا يکون حتّي تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم کارهون، فاتّقوا الله وسلّموا لنا، وردّوا الامر إلينا، فقد نصحت لکم، والله شاهد عليّ وعليکم [45] .
[ صفحه 59]
پاورقي
[1] الارشاد 2: 355، الکافي 1: 434 / 5، بحار الانوار 51: 311 / 32.
[2] الارشاد 2: 356، الکافي 1: 435 / 6، بحار الانوار 51: 297 / 12.
[3] الارشاد 2: 356، الکافي 1: 435 / 8، کمال الدين: 486 / 6، الثاقب في المناقب: 597 / 540، بحار الانوار 51: 326 / 45.
[4] الارشاد 2: 358، الکافي 1: 436 / 12، کمال الدين: 491 / 14، بحار الانوار 51: 330 / 53.
[5] الارشاد 2: 358، الکافي 1: 436، کمال الدين: 491، بحار الانوار 51: 330.
[6] أتصدّق هنا بمعني: أسأل من شدّة الحاجة.
[7] العسکر: مدينة سامراء.
[8] أي حظّي ونصيبي، مستصغراً ما جاءه.
[9] قال العلاّمة المجلسي: يظهر من کتب الغيبة أنّ ابن الوجناء هو أبو محمّد ابن الوجناء، وکان من نصيبين، ومن وقف علي معجزات القائم (عجّل الله فرجه)، مرآة العقول 6: 188.
[10] الارشاد 2: 360، الکافي 1: 436 / 13.
[11] وهو ممّن رأي الامام صاحب الزمان (عليه السلام) ووقف علي معجزاته، وکان من الوکلاء في بغداد، راجع کمال الدين: 442 / 16.
[12] الارشاد 2: 361، الکافي 1: 437 / 14.
[13] الشهري السمند: اسم فرس.
[14] اذکوتکين: قائد ترکي للعباسيين، وکان قد أغار علي الجبل.
[15] الارشاد 2: 363، الکافي 1: 438 / 16، بحار الانوار 51: 311 / 34.
[16] آبة: بلدة تقابل ساوة، وأهلها شيعة.
[17] الارشاد 2: 365، الکافي 1: 439 / 20، بحار الانوار 51: 299 / 17.
[18] الارشاد 2: 364، الکافي 1: 439 / 19، کمال الدين: 498، بحار الانوار 51: 299 / 16.
[19] الارشاد 2: 365، الکافي 1: 439 / 23، رجال الکشّي 2: 814 / 1017، کمال الدين: 485 / 5، الخرائج والجرائح 2: 697 / 14، بحار الانوار 51: 425 / 44.
[20] الناحية: کناية عن صاحب الزمان (عليه السلام)، ويقال له (عليه السلام): الجهة الفلانيّة، والجانب الفلاني.
[21] الارشاد 2: 367، الکافي 1: 440 / 28، الخرائج والجرائح 1: 472 / 16.
[22] الفيج: هو الذي يحمل الاخبار من بلد إلي بلد، وقيل: هو الذي يسعي بالکتب.
[23] الثاقب في المناقب: 594 / 537، الخرائج والجرائح 2: 699 / 17، فرج المهموم: 257.
[24] دلائل الامامة: 527 / 500.
[25] مدينة المعاجز 8: 91 / 2705، عن الکافي 1: 523 / 22.
[26] مدينة المعاجز 8: 93 / 2709، عن الکافي 1: 524 / 26.
[27] لعلّه کان والياً بالعسکر.
[28] أشار به إلي الامام صاحب الزمان (عليه السلام).
[29] يعني الامام الحجّة (عليه السلام).
[30] أي التوقيع من الامام (عليه السلام).
[31] مدينة المعاجز 8: 95 / 2713، عن الکافي 1: 525 / 30، إعلام الوري: 449.
[32] مدينة المعاجز 8: 112 / 2730، عن رجال الکشّي: 531 / 1015.
[33] عکبرا: بليدة من نواحي الدجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
[34] مدينة المعاجز 8: 137 / 2740، عن عيون المعجزات: 145 ـ 146.
[35] مدينة المعاجز 8: 138 / 2744، عن عيون المعجزات: 146.
[36] المدرجة: الورقة التي تکتب فيها الرسالة، أو يدرج فيها الکتاب.
[37] الخرائج والجرائح 1: 479 / 20، مدينة المعاجز 8: 157 / 2759.
[38] وهو أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن أبي محمّد عبد الله الحذّاء الدعلجي، منسوب إلي موضع خلف باب الکوفة ببغداد، يقال لاهله الدعالجة، وکان فقيهاً عارفاً، ذکره النجاشي في کتابه، وقال: وعليه تعلّمت المواريث، وله کتاب الحجّ. فرج المهموم: 256.
[39] الخرائج والجرائح 1: 480 / 21، فرج المهموم: 256، بحار الانوار 52: 59 / 42.
[40] الخرائج والجرائح 1: 696 / 11، بحار الانوار 51: 294 / 6، مدينة المعاجز 8: 168 / 2766.
[41] مدينة المعاجز 8: 79 / 2689، عن الکافي 1: 518 / 7.
[42] ويقال لها آمل البط، وهي مدينة في غربي جيحون في طريق بخاري من مرو، خرّبها التتر.
[43] الانوار البهيّة: 291.
[44] الانوار البهيّة: 292.
[45] الانوار البهيّة: 293.