بازگشت

اسماعيل بن الحسن الهرقلي


قال العلاّمة علي بن عيسي الاربلي (رحمه الله): وأنا أذکر من ذلک قصّتين قرب عهدهما من زماني، وحدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني کان في البلاد الحلّية شخص يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل، مات في زماني وما رأيته، حکي لي ولده شمس الدين، قال: حکي لي والدي أ نّه خرج فيه وهو شابّ علي فخذه الايسر تُوثة [1] مقدار قبضة الانسان، وکانت في کلّ ربيع تشقّق ويخرج منها دم وقيح، ويقطعه ألمها عن کثير من أشغاله، وکان مقيماً بالهرقل، فحضر الحلّة يوماً، ودخل إلي مجلس السعيد رضيّ الدين عليّ بن طاووس (رحمه الله) وشکا إليه ما يجده منها، وقال: اُريد أن اُداويها، فأحضر له أطباء الحلّة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه التوثة فوق الاکحل، وعلاجها خطر، ومتي قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت.

ثمّ أورد الحکاية بتمامها، وخلاصتها أنّ السعيد رضيّ الدين ابن طاووس اصطحبه إلي بغداد، وعرضه علي الاطباء فقالوا کما قال اُولئک، فأوصاه السيّد بالصلاة والصبر والاجتهاد، فتوجّه إسماعيل إلي سامراء للزيارة، واستغاث بالله تعالي وبالامام (عليه السلام)، ثمّ إنّه رآه (عليه السلام) فارساً، فمدّ يده إليه، وجعل يلمس جانبه من کتفه إلي أن أصابت يده التوثة، فعصرها بيده، ثمّ استوي في سرج فرسه کما کان، قال: فتقدّم خطوات والتفت إليّ وقال: إذا وصلت بغداد فلا بدّ أن يطلبک أبو جعفر



[ صفحه 212]



- يعني الخليفة المستنصر - فإذا حضرت عنده وأعطاک شيئاً فلا تأخذه، وقل لولدنا الرضيّ ليکتب لک إلي عليّ بن عوض، فإنّني اُوصيه يعطيک الذي تريد، فاشتهرت حکايته بين الناس.

إلي أن قال: وکان الوزير القمي قد طلب السعيد رضيّ الدين، وتقدّم أن يعرّفه صحّة هذا الخبر، فخرج رضيّ الدين ومعه جماعة، فلمّـا رآني قال: أعنک يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابته وکشف فخذي، فلم ير شيئاً فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني علي الوزير وهو يبکي ويقول: يا مولانا، هذا أخي وأقرب الناس إلي قلبي.

قال: ثمّ إنّه اُحضر عند الخليفة المستنصر، فسأله عن القصّة، فعرّفها بها کما جرت، فتقدّم له بألف دينار، فلمّـا حضرت قال: خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة. فقال الخليفة: ممّن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا؟ قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئاً، فبکي الخليفة وتکدّر، وخرج من عنده ولم يأخذ شيئاً.

قال عليّ بن عيسي: کنت في بعض الايام أحکي هذه القصّة لجماعة عندي، وکان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي وأنا لا أعرفه، فلمّـا انقضت الحکاية قال: أنا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتفاق، وسألت السيّد صفيّ الدين محمّد بن محمّد ابن بشير العلوي الموسوي، ونجم الدين حيدر بن الايسر (رحمهما الله تعالي) وکانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم، وکانا صديقين لي وعزيزين عندي، فأخبراني بصحّة القصّة، وأ نّهما رأياها - أي فخذ إسماعيل - في حال مرضها وحال صحّتها [2] .



[ صفحه 213]




پاورقي

[1] التُّوثة: لحمة متدلية سوداء أو حمراء، وأغلب ما تخرج في الخدّ والوجنة، والظاهر من المعاجم أنّ الصواب: التُّوتة.

[2] کشف الغمّة 3: 296، بحار الانوار 52: 61 / 51.