بازگشت

من فاز برؤية الامام خلال الغيبة الکبري


من المناسب هنا أن نذکر بعض الاقوال والادلّة التي ساقها المحدّث النوري في معرض کلامه عن إمکانية الرؤية في الغيبة الکبري، مضافاً لما قدّمناه في المبحث الاوّل من هذا البحث، ومنها قول المحقّق الکاظمي في أقسام الاجماع الذي استخرجه من مطاوي کلمات العلماء وفحاوي عباراتهم، غير الاجماع المصطلح المعروف، قال: وثالثها أن يحصل لاحد من سفراء الامام الغائب (عجّل الله فرجه وصلّي عليه) العلم بقوله، إمّا بنقل مثله له سرّاً، أو بتوقيع أو مکاتبة، أو بالسماع منه شفاهاً، علي وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمن الغيبة، ويحصل ذلک لبعض حملة أسرارهم، ولا يمکنهم التصريح بما اطّلع عليه، والاعلان بنسبة القول إليه... [1] إلي آخر قوله.

وقال السيّد المرتضي في کتاب «تنزيه الانبياء» في جواب من قال: فإذا کان الامام (عليه السلام) غائباً بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ قلنا: الجواب: أوّل ما نقوله إنّا غير قاطعين علي أنّ الامام لا يصل إليه أحد، ولا يلقاه بشر، فهذا أمر غير معلوم، ولا سبيل إلي القطع عليه... إلي آخر کلامه.

وقال أيضاً في جواب من قال: إذا کانت العلّة في استتار الامام (عليه السلام) خوفه



[ صفحه 201]



من الظالمين، واتّقاءه من المعاندين، فهذه العلّة زائلة في أوليائه وشيعته، فيجب أن يکون ظاهراً لهم؟ فبعد کلام له، قال: وقلنا أيضاً إنّه غير ممتنع أن يکون الامام يظهر لبعض أوليائه ممّن لا يخشي من جهته شيئاً من أسباب الخوف، وإنّ هذا ممّـا لا يمکن القطع علي ارتفاعه وامتناعه، وإنّما يعلم کلّ واحد من شيعته حال نفسه، ولا سبيل له إلي العلم بحال غيره. وله في کتاب (المقنع في الغيبة) کلام يقرب ممّـا ذکره هناک.

وقال الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) في کتاب (الغيبة) في الجواب عن هذا السؤال بعد کلام له: والذي ينبغي أن يجاب عن هذا السؤال الذي ذکرناه عن المخالف أن نقول: إنّا أوّلاً لا نقطع علي استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز أن يبرز لاکثرهم، ولا يعلم کلّ إنسان إلاّ حال نفسه، فإن کان ظاهراً له فعلّته مزاحة، وإن لم يکن ظاهراً علم أ نّه إنّما لم يظهر له لامر يرجع إليه وإن لم يعلمه مفصّلاً لتقصير من جهته... [2] الخ.

واحتمل المحدّث النوري أن يکون المخفي علي الانام والمحجوب عنهم هو مکانه (عليه السلام) ومستقرّه الذي يقيم فيه، فلا يصل إليه أحد، قال: وليس في تلک القصص ما يدلّ علي أنّ أحداً لقيه (عليه السلام) في مقرّ سلطنته ومحلّ إقامته، ثمّ لا يخفي علي الجائس في خلال ديار الاخبار أ نّه (عليه السلام) ظهر في الغيبة الصغري لغير خاصّته ومواليه أيضاً، فالذي انفرد به الخواصّ في الغيبة الصغري هو العلم بمستقرّه وعرض حوائجهم عليه فيه، وهو المنفي عنهم في الغيبة الکبري، فحالهم وحال غيرهم فيها کغير الخواصّ في الغيبة الصغري [3] .



[ صفحه 202]



وشي آخر يُعلم من خلال الحکايات المنقولة في ادّعاء رؤية الامام الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبري، هو أنّ المواظبة علي العبادة والرياضة الروحيّة تهيّئ الارضيّة إلي اللقاء بالامام (عليه السلام).

قال المحدّث النوري: قد علم من تضاعيف تلک الحکايات أنّ المداومة علي العبادة والمواظبة علي التضرّع والانابة في أربعين ليلة أربعاء، في مسجد السهلة، أو ليلة الجمعة فيها، أو في مسجد الکوفة أو الحائر الحسيني علي مشرّفه السلام، أو أربعين ليلة من أيّ الليالي في أيّ محلّ ومکان [4] .

وبالنظر لکثرة الحکايات الدالّة علي هذا المعني، فإنّنا سنکتفي في هذا المبحث بذکر أسماء الجماعة الذين فازوا برؤية الامام الحجّة (عليه السلام) أو توسّلوا به فأدرکهم في اليقظة أو المنام، ونشير إلي المصادر الموجودة فيها تلک الحکايات مع إسنادها إن وجد ومختصراً منها، وإلاّ فإنّ استيفاء جميع ذلک خارجٌ عن غرض الکتاب.

وفي ما يلي نذکر بعض الاعلام الذين ادّعوا رؤية الامام الحجّة (عليه السلام) في الغيبة الکبري، وقد رتّبناهم وفقاً لترتيب الحروف الهجائيّة:


پاورقي

[1] جنّة المأوي: 321. ملحق بآخر الجزء (53) من بحار الانوار.

[2] جنّة المأوي: 322 ـ 323.

[3] جنّة المأوي: 325.

[4] جنّة المأوي: 325.