بازگشت

فضائله و مناقبه


ورد في مصادر العامة والخاصة أنّ مقام الامام المهدي (عليه السلام) مقام عظيم عند الله سبحانه، فهو طاووس أهل الجنّة، ومن سادتها، وأ نّه سيّد في الدنيا والاخرة، وأنّ الله تعالي يجري علي يديه کرامات وآيات ومعجزات عديدة عند ظهوره.

ووردت في مصادر الشيعة کثير من الاحاديث المفصّلة في الامام القائم (عليه السلام)، فهو حجّة الله علي الخلق، والقائم بالحقّ، ونور الله في الارض، وخليفة الله في أرضه، ومعدن علم الله ومستودع سرّه، وشريک القرآن في وجوب الطاعة، وغيرها من الکرامات التي يطول شرحها، وقد تقدّم في الفصول السابقة من کتابنا هذا بيان الکثير منها.

ولقد کان الائمة(عليهم السلام) في طليعة المعبّرين عن فضل الامام المهدي (عليه السلام) ومقامه.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يعطف الهوي علي الهدي، إذا عطفوا الهدي علي الهوي، ويعطف الرأي علي القرآن إذا عطفوا القرآن علي الرأي... إلي أن قال: وتخرج له الارض أفاليذ أکبادها، وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريکم کيف عدل السيرة، ويحيي ميّت الکتاب والسنّة [1] .



[ صفحه 4]



وقال (عليه السلام): قد لبس للحکمة جنّتها، وأخذ بجميع أدبها، من الاقبال عليها والتضرّع لها، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الاسلام، وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الارض بجرانه... بقيّة من بقايا حجّته، خليفة من خلائف أنبيائه [2] .

وصرّح کثير من الاعلام ببيان فضائله وعظيم فضله (عليه السلام).

قال محمّد بن طلحة الشافعي: الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص بن علي المتوکّل بن [محمّد] القانع بن عليّ الرضا (عليهم السلام).



فهذا الخَلَف الحُجّة قد أيّده اللهُ

هداه منهج الحقِّ وآتاه سَجاياهُ



وأعلي في ذُري العَلياء بالتأييد مَرْقاهُ

وذو العِلم بما قال إذا أدرک مَعناهُ



تري الاخبار في المهديّ جاءَت بمسمّـاهُ

وقد أبداه بالنِّسبة والوَصْفِ وسمّـاهُ



ويکفي قوله منّي لاشراق مُحَيّاهُ

ومِن بَضْعَته الزهراء مجراه ومرساهُ



ولن يبلُغَ ما اُوتيه أمثالٌ وأشباهُ

فإن قالوا هو المهديّ ما ماتوا بما فاهوا



قد وقع من النبوّة في أکنافِ عناصرها، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها، ونزَع من القرابة بسِجال معاصرها، وبرَع في صفات الشرف وعقدت



[ صفحه 5]



عليه بخناصرها، واقتني من الانساب شرف نصابها، واعتلي عند الانتساب علي شرف أحسابها، واجتني جَنَي الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من وُلد الطُّهرِ البتول، المجزوم بکونها بَضعَة من الرسول، فالرسالة أصلُه، وإنّها لاشرف العناصر والاُصول [3] .

وقال عليّ بن عيسي الاربلي: مناقب المهدي (عليه السلام) ظاهرة النور، منيرة الظهور، سافرة الاشراق، مشرقة السفور، مسوّرة بالعلاء، عالية السور، آمرة بالعدل، عادلة في الاُمور، يکاد المداد أن يبيّض من إشراق ضيائها، وتذعن الثوابت لارتفاعها وعلائها، وتتضاءل الشموس للالائها.

نور الانوار، وسلالة الاخيار، وبقية الاطهار، وذخيرة الابرار، والثمرة المتخلّفة من الثمار، صاحب الزمان الغائب عن العيان، الموجود في کلّ الازمان، القويّ في ذات الله، الشديد علي أعداء الله، المؤيّد بنصر الله، المخصوص بعناية الله، القائم بأمر الله، المنصور بعون الله.

قد تعاضدت الاخبار علي ظهوره، وتظاهرت الروايات علي إشراق نوره، وستسفر ظلم الايام والليالي بسفوره، وتنجلي به الظلم انجلاء الصباح عن ديجوره، ويخرج من سرار الغيبة، فيملا القلوب بسروره، ويسير عدله في الافاق، فيکون أضوأ من البدر في مسيره، ويعيد الله به دينه، ويوضح منهاج الشرع وقانونه، ويصدع بالدلالة، ويقوم بتأييد الامامة والرسالة، ويردّ الايام حالية بعد عطلتها، وقويّة بعد ضعف قوّتها، ويجدّد الشريعة المحمّديّة بعد اندحاضها، ويبرم عقدها بعد انتقاضها، ويعيدها بعد ذهابها وانقراضها، ويبسطها بعد تجعّدها وانقباضها،



[ صفحه 6]



ويجاهد في الله حقّ جهاده، ويطهّر من الادناس أقطار بلاده، ويصلح من الدين ما سعت الاعداء في إفساده، ويحيي بجدّه واجتهاده سنّة آبائه وأجداده، ويملا الدنيا عدلاً کما ملئت جوراً، ويخلق للظلم دوراً، ويجدّد للعدل دوراً.

يُردي الطغاة المارقين، ويبيد العتاة والمنافقين، ويکفّ عادية الاشرار والفاسقين، ويسوق الناس سياقة لم يرَ من قبله من أحد من السابقين، ولا تري بعده من اللاحقين، فزمانه حقّاً زمان المتّقين، وأصحابه هم المأمور بالکون معهم في قوله تعالي: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [4] خلصوا بتسليکه من الريب، وسلموا بتزيينه من العيب، وأخذوا بهداه وطريقه، واهتدوا من الحقّ إلي تحقيقه، ووفّقهم الله إلي الخيرات بتسديده وتوفيقه.

به ختمت الخلافة والامامة، وإليه انتهت الرياسة والزعامة، وهو الامام من لدن مات أبوه إلي يوم القيامة، فأوصافه زاد الرفاق، ومناقبه شائعة في الافاق، تهزم الجيوش باسمه، وينزل الدهر علي حکمه، فالويل في حربه، والسلامة في سلمه، يجدّد من الدين الرسوم الدارسة، ويشيد معالم السنن الطامسة، ويخفض منار الجور والعدوان، ويرفع شعار أهل الايمان، ويعطّل السبت والاحد، ويدعو إلي الواحد الاحد، المنزّه عن الصاحبة والولد، ويتقدّم في الصلاة علي السيّد المسيح، کما ورد في الخبر الصحيح، والحقّ الصريح، صلوات الله والسلام والتحيّة والاکرام، علي المأموم والامام [5] .

وممّـا تقدّم يتّضح أنّ فضائل الامام المهدي (عليه السلام) کثيرة، لکثرة وغزارة



[ صفحه 7]



الاخبار والاحاديث الواردة فيه (عليه السلام)، وفي ما يلي نورد بعض ما صرّحت به الاخبار من فضائله وکراماته (عليه السلام).


پاورقي

[1] نهج البلاغة: الخطبة 138.

[2] نهج البلاغة: الخطبة 182.

[3] کشف الغمّة 3: 233، عن مطالب السؤول.

[4] التوبة: 119.

[5] کشف الغمّة / الاربلي 3: 357.