في وکلائه في الغيبة الصغري
1 ـ کمال الدين: ج2 ص432
حدثنا محمَّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن علي بن زکريا بمدينة السلام قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن خيلان قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن غياث بن أسيد قال: ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه يوم الجمعة وأُمه ريحانة ويقال لها: نرجس ويقال: صقيل ويقال سوسن، وکان مولده عليه السَّلام لثمان ليال خلون من شعبان سنة ست وخمسين ومائتين ووکيله عثمان بن سعيد.
فلما مات عثمان بن سعيد أوصي إلي إبنه أبي جعفر محمد بن عثمان، وأوصي أبو جعفر إلي أبي القاسم الحسين بن روح، وأوصي أبو القاسم إلي أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فلما حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي، فقال: لله أمر هو بالغه، فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي السمري رضي الله عنه.
غيبة الشيخ: ص226
الحسين بن إبراهيم بن ابن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد عن خاله أبي إبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي عن أبيه وعمه عبدالله بن إبراهيم وجماعة من أهلنا يعني بني نوبخت أن أبا جعفر العمري لما اشتدت حاله إجتمع جماعة من وجوه الشيعة منهم أبو علي بن همام وأبو عبدالله بن محمَّد الکاتب وأبو عبدالله الباقطاني وأبو سهل
[ صفحه 529]
إسماعيل بن علي النوبختي وأبو عبدالله بن الوجنا وغيرهم من الوجوه والاَکابر فدخلوا علي أبي جعفر فقالوا: له أن حدث أمر فمن يکون مکانک؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينکم وبين صاحب الامر عجل الله فرجه والوکيل له والثقة الامين، فارجعوا إليه في امورکم وعولوا عليه في مهماتکم فبذلک امرت وقد بلغت.
غيبة الشيخ: ص222
جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن علي بن الاسود القمّي أنا أبا جعفر العمري قدّس سرّه حفر لنفسه قبراً وسواه بالساج، فسألته عن ذلک فقال: للناس أسباب، ثم سألته عن ذلک، فقال: قد أمرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلک بشهرين رضي الله عنه وأرضاه.
الاحتجاج: ج2 ص297
خرج التوقيع إلي أبي الحسن السّمري: يا عليَّ بن محمَّد السمري أعظم الله أجر إخوانک فيک، فانّک ميّت ما بينک وبين ستة أيّام فاجمع أمرک ولا توص إلي أحد يقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالي ذکره، وذلک بعد طول الاَمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الاَرض جوراً، وسيأتي من شيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألا فمن أدَّعي المشاهدة قبل خروج السّفيانيّ والصيحة فهو کذَّاب مفتر، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.
نبذة من الکرامات التي جرت علي
يد وکلائه عليه السَّلام
کمال الدين: ج2 ص518
حدثنا الحسين بن عليّ بن محمَّد القمّي المعروف بأبي عليّ البغدادي قال: کنت
[ صفحه 530]
ببخاري، فدفع إليَّ المعروف بابن جاوشير عشرة سبائک ذهباً وأمرني أن أسلمها بمدينة السلام إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدّس الله روحه ـ فحملتها معي فلمّا بلغت آموية ضاعت منّي سبيکة من تلک السّبائک ولم أعلم بذلک حتّي دخلت مدينة السلام، فأخرجت السبائک لاسلّمها فوجدتها قد نقصت واحدة فاشتريت سبيکة مکانها بوزنها وأضفتها إلي التسع السبائک.
ثمَّ دخلت علي الشيخ أبي القاسم الحسن بن روح ـ قدَّس الله روحه ـ ووضعت السبائک بين يديه فقال لي: خذ تلک السبيکة الّتي اشتريتها ـ وأشار إليها بيده ـ وقال: إنَّ السبيکة الّتي ضيّعتها قد وصلت إلينا وهوذا هي، ثمَّ أخرج إليّ تلک السبيکة التي کانت ضاعت منّي بآموية فنظرت إليها فعرفتها.
قال الحسين بن عليّ بن محمَّد المعروف بأبي عليَّ البغداديِّ ورأيت تلک السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وکيل مولانا عليه السَّلام من هو؟ فأخبرها بعض القمّيين أنّه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار إليها فدخلت عليه وأنا عنده، فقالت له أيّها الشيخ أيُّ شيء معي؟ فقال: ما معک فألقيه في الدِّجلة ثمَّ ائتيني حتّي أخبرک، قال: فذهبت المرأة وحملت ما کان معها فألقته في الدِّجلة، ثمَّ رجعت ودخلت إلي أبي القاسم الرُّوحي ـ قدّس الله روحه ـ فقال أبو القاسم لمملوکة له: أخرجي إليَّ الحقَّ، فأخرجت إليه حقّه فقال للمرأة: هذه الحقّة التي کانت معک ورميت بها في الدِّجلة أخبرک بما فيها أو تخبريني؟ فقالت له: بل أخبرني أنت، فقال: في هذه الحقّة زوج سوار ذهب، وحلقة کبيرة فيها جوهرة، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر، وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق. فکان الاَمر کما ذکر، لم يغادر منه شيئاً. ثمَّ فتح الحقّة فعرض عليَّ ما فيها فنظرت المرأة إليه، فقالت: هذا الذي حملته بعينه ورميت به في الدَّجلة، فغشي عليَّ وعلي المرأة فرحاً بما شاهدناه من صدق الدَّلالة.
ثمّ قال الحسين لي بعد ما حدَّثني بهذا الحديث: أشهد عند الله عزّوجلّ يوم القيامة بما حدَّثت به أنّه کما ذکرته لم أزد ولم أنقص منه، وحلف بالاَئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدَّث به وما زاد وما نقص منه.
[ صفحه 531]
غيبة الشيخ: ص188
أخبرني محمَّد بن النعمان والحسين بن عبيدالله عن محمَّد بن أحمد الصفواني ـ رحمه الله ـ قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمر مائة سنة وسبع عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمَّد العسکريين عليهما السَّلام وحجب بعد الثمانين وردت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام، وذلک أني کنت مقيماً عنده بمدينة الران من أرض آذربايجان وکان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السَّلام علي يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري وبعده علي أبي القاسم بن روح ـ قدّس الله روحهما ـ فانقطعت عنه المکاتبة نحواً من شهرين فقلق ـ رحمه الله ـ لذلک فبينا نحن عنده نأکل إذ دخل البواب مستبشراً فقال له فيج العراق لا يسمي بغيره فاستبشر القاسم وحول وجهه إلي القبلة فسجد ودخل کهل قصير يري أثر الفيوج عليه وعليه جبة مصرية، وفي رجله نعلم محاملي، وعلي کتفه مخلاة، فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطشت وماء فغسل يده وأجلسه إلي جانبه فأکلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل فاخرج کتابا أفضل من النصف المدرج فناوله القاسم فاخذه وقبله ودفعه إلي کاتب له يقال له ابن أبي سلمة فاخذه أبو عبدالله ففضه وقرأه حتي أحس القاسم بنکاية فقال: ياأبا عبدالله خير، فقال: خير فقال: ويحک خرج في شيء فقال أبو عبدالله: ما تکره فلا، قال القاسم: فما هو؟ قال نعي الشيخ إلي نفسه بعد ورود هذا الکتاب باربعين يوماً، وقد حمل اليه سبعة أثواب فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من ديک، فضحک ـ رحمه الله ـ فقال: ما اؤُمل بعد هذا العمر، فقال الرجل الوارد فاخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً فأخذه القاسم، وکان عند قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السَّلام، وکان له صديق يقال له عبدالرحمن بن محمد البدري، وکان شديد النصب، وکان بينه وبين القاسم ـ نضر الله وجهه ـ مودة في أمور الدنيا شديدة، وکان القاسم يوده، وقد کان عبدالرحمن وافي إلي الدار لاصلاح بين أبي جعفر
[ صفحه 532]
بن حمدون الهمداني وبين ختنه ابن القاسم، فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه أحدهما يقال له أبو حامد بن عمران المفلس والآخر أبو عليّ بن جحدر أن إقرئا هذا الکتاب عبدالرحمن بن محمَّد فاني أحب هدايته وأرجو يهديه الله بقراءة هذا الکتاب، فقالا له الله الله الله فان هذا الکتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فکيف عبدالرحمن بن محمَّد، فقال أن أعلم أني مفشٍ لسر لا يجوز لي إعلانه لکن من محبتي لعبدالرحمن بن محمَّد وشهوتي أن يهديه الله عزّوجلّ لهذا الاَمر هوذا، أقرئه الکتاب، فلما مر ذلک اليوم ـ وکان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب ـ دخل عبدالرحمن بن محمَّد وسلم عليه فأخرج القاسم الکتاب فقال له إقرأ هذا الکتاب وانظر لنفسک فقرأ عبدالرحمن الکتاب فلما بلغ إلي موضع النعي رمي الکتاب عن يده وقال للقاسم: يا ابا محمَّد إتق الله فانک رجل فاضل في دينک متمکن من عقلک والله عزّوجلّ يقول: (وما تدري نفس ماذا تکسب غداً وما تدري نفس بأيِّ أرض تموت) وقال: (عالم الغيب لا يظهر علي غيبه أحداً) فضحک القاسم وقال له أتم الآية (إلا من أرتضي من رسول) ومولاي عليه السلام هو الرضا من الرسول وقال: قد علمت انّک تقول هذا ولکن ارخ اليوم فان أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في هذا الکتاب فاعلم أني ليست علي شيء، وإن أنامت فانظر لنفسک، فورخ عبدالرحمن اليوم وافترقوا، وحمّ القاسم يوم السابع من ورود الکتاب، واشتدت به في ذلک اليوم العلة، واستند في فراشه إلي الحائط، وکان ابن الحسن بن القاسم مدمناً علي شرب الخمر، وکان متزوجاً إلي أبي عبدالله بن حمدون الهمداني وکان جالساً ورداؤه مستور علي وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية، وأبو جعفر بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبکي إذا اتکي القاسم علي يديه إلي خلف وجعل يقول: يامحمَّد ياعليّ ياحسن ياحسين ياموالي کونوا شفعائي إلي الله عزّوجل، وقالها الثانية، وقالها الثالثة، فلما بلغ في الثالثة ياموسي ياعلي تفرقعت أجفان عينيه کما يفرقع الصبيان شقائق النعمان وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بکمه عينيه وخرج من عينيه شبية بماء اللحم مدّ طرفه إلي إبنه فقال ياحسن إليَّ يا أبا حامد يا أبا علي إلي، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلي
[ صفحه 533]
الحدقتين صحيحتين، فقال له أبو حامد تراني وجعل يده علي کل واحد منا وشاع الخبر في الناس والعامة، وانتابه الناس من العوام ينظرون اليه ورکب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبدالله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه فقال له: يا أبا محمَّد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتماً فصه فيروزج فقربه منه فقال عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم ـ رحمه الله ـ فلم يمکنه قراءته وخرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره، والتفت القاسم إلي إبنه الحسن فقال له: إنّ الله منزلک ومرتبک مرتبة فاقبلها بشکر، فقال له الحسن يا أبه قد قبلتها، قال القاسم علي ماذا؟ قال: علي ما تأمرني به يا أبه، قال: علي أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن يا أبه وحق من أنت في ذکره لارجعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إلي السماء وقال: اللهم ألهم الحسن طاعتک وجنبه معصيتک ثلاث مرات، ثم دعا بدرج فکتب وصيته بيده ـ رحمه الله ـ وکانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه وکان فيما أوصي الحسن أن قال: يابني إن اهلت لهذا الاَمر ـ يعني الوکالة لمولانا ـ فيکون قوتک من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه، وسائرها ملک لمولاي، وإن لم تؤهل له فاطلب خيرک من حيث يتقبل الله، وقبل الحسن وصيته علي ذلک، فلما کان في يوم الاَربعين وقد طلع الفجر مات القاسم ـ رحمه الله ـ فوافاة عبدالرحمن يعدو في الاَسواق حافياً حاسراً وهو يصيح: واسيداه، فاستعظم الناس ذلک منه وجعل الناس يقولون ماالذي تفعل بنفسک، فقال إسکتوا فقد رأيت ما لم تروه وتشيع ورجع عما کان عليه ووقف الکثير من ضياعه، وتولي أبو علي بن جحدر غسل القاسم وأبو حامد يصب عليه الماء، وکفن في ثمانية أثواب علي بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الاَثواب التي جاءته من العراق، فلما کان بعد مدة يسيرة ورد کتاب تعزية علي الحسن من مولانا عليه السَّلام في آخره دعاء، ألهمک الله طاعته وجنبک معصيته، وهو الدعاء الذي کان دعا به أبوه، وکان آخره قد جعلنا أباک إماماً لک وفعاله لک مثالاً.
[ صفحه 534]
کمال الدين: ج2 ص516
حدّثنا أبو جعفر محمَّد بن عليِّ بن أحمد بن بزرج بن عبدالله بن منصور بن يونس بن برزج صاحب الصادق عليه السَّلام قال: سمعت محمَّد بن الحسن الصيرفيّ الدَّورقيّ المقيم بأرض بلخ يقول: أردت الخروج إلي الحجِّ وکان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضّة، فجعلت ما کان معي من الذَّهب سبائک وما کان معي من الفضّة نقرأ وکان قد دفع ذلک المال إلي لاسلّمه من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدّس الله روحه ـ قال: فلمّا نزلت سرخس ضربت خيمتي علي موضع فيه رمل، فجعلت أميّز تلک السبائک والنقر فسقطت سبيکة من تلک السبائک منّي وغاضت في الرَّمل وأنا لا أعلم قال: فلمّا دخلت همدان ميّزت تلک السبائک والنقر مرَّة أُخري اهتماماً منّي بحفظها ففقدت منها سبيکة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل ـ أو قال: ثلاثة وتسعون مثقالاً ـ قال: فسبکت مکانها من مالي بوزنها سبيکة وجعلتها بين السبائک، فلمّا وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح ـ قدَّس الله روحه ـ وسلّمت إليه ما کان معي من السبائک والنقر، فمدَّيده من بين [تلک] السبائک إلي السبيکة التي کنت سبکتها من مالي بدلاً ممّا ضاع منّي فرمي بها إليَّ وقال لي: ليست هذه السبيکة لنا وسبيکتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتک في الرَّمل فارجع إلي مکانک وانزل حيث نزلت واطلب السبيکة هناک تحت الرَّمل فانّک ستجدها وستعود إلي هاهنا فلا تراني.
قال: فرجعت إلي سرخس ونزلت حيث کنت نزلت، فوجدت السبيکة تحت الرَّمل وقد نبت عليها الحشيش، فأخذت السبيکة وأنصرفت إلي بلدي، فلمّا کان بعد ذلک حججت ومعي السبيکة فدخلت مدينة السلام وقد کان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مضي، ولقيت أبا الحسن عليّ بن محمَّد السمريّ رضي الله عنه فسلّمت السبيکة إليه.
[ صفحه 535]
غيبة الشيخ: ص198
واخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثني محمَّد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رحمه الله ـ قال: کنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ رضي الله عنه ـ مع جماعة منهم علي بن عيسي القصري فقام إليه رجل فقال اني أريد أن أسألک عن شي فقال له سل عمّا بدالک، فقال الرجل: أخبرني عن الحسين عليه السَّلام أهو وليُّ الله؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله عزّوجلّ عدوه علي وليه؟ فقال له أبو القاسم قدس سره: إفهم عني ما أقول لک إعلم أن الله تعالي لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالکلام ولکنه ـ جلت عظمته ـ يبعث اليهم رسلاً من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولو بعث اليهم رسلاً من غير صفتهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤهم ـ وکانوا من جنسهم يأکلون ويمشون في الاَسواق ـ قالوا لهم: أنتم مثلنا لا نقبل منکم حتي تأتوا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنکم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عزّوجلّ لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها فمنهم من جاء بالطوفان بعد الاعذار والانذار ففرق جميع من طغي وتمرد ومنهم من ألقي في النار فکانت عليه برداً وسلاماً، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد الناقة وأجري من ضرعها لبناً، ومنهم من فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون وجعل له العصار اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفکون، ومنهم من أبرأ الاَکمه وأحيي الموتي باذن الله وأنبأهم بما يأکلون وما يدخرون في بيوتهم، ومن من انشق له القمر وکلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلک، فلما أتوا بمثل ذلک وعجز الخلق من اُممهم أن يأتوا بمثله کان من تقدير الله جل جلاله ولطفه بعباده وحکمته أن جعل انبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين، واُخري مغلوبين، وفي حال قاهرين، واُخري مقهورين، ولو جعلهم عزّوجلّ في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة دون الله عزّوجلّ، ولما عرف فضل صبرهم علي البلاء والمحن والاختبار ولکنه
[ صفحه 536]
جعل أحوالهم في ذلک کأحوال غيرهم ليکونوا في حال المحنة والبلوي صابرين، وفي العافية والظهور علي الاَعداء شاکرين، ويکونوا في جميع احوالهم متواضعين، غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم عليهم السَّلام الهاً هو خالقهم ومديرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله، ويکونوا حجّة لله ثابتة علي من تجاوز الحد فيهم وادعي لهم الربوبيّة، أو عاند وخالف وعصي، وجحد بما أتت به الاَنبياء والرسل وليهلک من هلک عن بينة ويحيي من حي عن بينة (قال محمَّد بن ابراهيم بن اسحاق «رضي الله عنه» فعدت إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدّس سرّه ـ من الغد وأنا أقول في نفسي أتراه ذکر لنا يوم أمس عند نفسه فابتدأني؟ فقال: يامحمَّد بن إبراهيم لاَن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مکان سحيق أحب إليّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي، بل ذلک من الاَصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه.
غيبة الشيخ: ص192
وبهذا الاسناد عن الصفواني قال: وافي الحسن بن علي الوجناء النصيبي سنة سبع وثلاثمائة ومعه محمَّد بن الفضل الموصلي، وکان رجلاً شيعياً غير أنه ينکر وکالة أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ ويقول إن هذه الاَموال تخرج في غير حقوقها، فقال الحسن بن علي الوجناء لمحمد بن الفضل: ياذا الرجل إتق الله فان صحة وکالة أبي القاسم کصحة وکالة أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، وقد کانا نزلا ببغداد علي الزاهر، وکنا حضرنا للسلام عليهما، وکان قد حضر هناک شيخ لنا يقال له أبو الحسن بن ظفر وأبو القاسم بن الاَزهر، فطال الخطاب بين محمَّد بن الفضل وبين الحسن بن عليّ، فقال محمَّد بن الفضل للحسن من لي بصحة ما تقول وتثبت وکالة الحسين بن روح؟ فقال الحسن بن علي الوجناء: إبين لک ذلک بدليل يثبت في نفسک، وکان مع محمَّد بن الفضل دفتر کبير فيه ورق طلحي مجلد بأسود فيه حسباناته فتناول الدفتر الحسن وقطع منه نصف ورقة کان فيه بياض وقال لمحمد بن الفضل: إبروا لي قلماً فبري قلماً واتفقا علي شيء بينهما لم أقف أنا عليه واطلع عليه أبا الحسن بن ظفر
[ صفحه 537]
وتناول الحسن بن علي الوجناء القلم وجعل يکتب ما اتفقا عليه في تلک الورقة بذلک القلم المبري بلا مداد ولا يؤثر فيه حتي ملاَ الورقة ثم ختمه وأعطاه لشيخ کان مع محمَّد بن الفضل أسود يخدمة وأنفذ بها إلي أبي القاسم الحسين بن روح ومعنا إبن الوجناء لم يبرح، وحضرت صلاة الظهر فصلينا هناک، ورجع الرسول فقال: قال لي: امضر فان الجواب يجيء، وقدمت المائدة فنحن في الاَکل اذ ورد الجواب في تلک الورقة مکتوب بمداد عن فصل فصل، فلطم محمَّد بن الفضل وجهه ولم يتهنأ بطعامه وقال لابن الوجناء: قم معي فقام معه حتي دخل علي أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ وبقي يبکي ويقول: ياسيدي أقلني أقالک الله، فقال أبو القاسم يغفر الله لنا ولک إن شاء الله.
غيبة الشيخ: ص195
(وأخبرنا جماعة) عن محمَّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، قال أخبرنا محمَّد بن علي بن متيل قال: کانت إمرأة يقال لها زينب من أهل آبة، وکانت إمرأة محمد بن عبديل الآبي معها ثلاثمائة دينار فصارت إلي عمي جعفر بن أحمد بن متيل وقالت: أُحب أن يسلم هذا المال من يدي إلي يد أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ قال: فانفذني معها اترجم عنها فلما دخلت علي أبي القاسم بن روح ـ رضي الله عنه ـ أقبل عليها بلسان آبي فصيح فقال لها زينب چونا چون بدا کوليه چونسته ومعناه کيف أنت وکيف کنت وما خبر صبيانک، فاستغنت من الترجمة وسلمت المال ورجعت.
غيبة الشيخ: ص186
أخبرني الحسين بن عبيدالله، عن أبي الحسن محمَّد بن أحمد بن داود القمّي ـ رحمه الله ـ عن أبي علي بن همام قال: أنفذ محمَّد بن علي بن همام قال: أنفذ محمَّد بن علي الشلمغاني العزاقري إلي الشيخ الحسين بن روح يسأله أن يباهله وقال: أنا صاحب الرّجل وقد امرت باظهار العلم وقد أظهرته باطناً وظاهراً فباهلني فأنفذ اليه الشيخ ـ رضي الله عنه ـ في جواب ذلک أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم فتقدم العزاقري فقتل وصلب واخذ معه إبن أبي عون،
[ صفحه 538]
وذلک في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
غيبة الشيخ: ص196
وأخبرني جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، قال حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين کانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة علي الحاج وهي سنة تناثر الکواکب أن والدي ـ رضي الله عنه ـ کتب إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ رضي الله عنه ـ يستأذن في الخروج إلي الحج فخرج في الجواب لا تخرج في هذه السنة فاعاد فقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب إن کان لابدّ فکن في القافلة الاَخيرة فکان في القافلة الاَخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الاَخر.
هذا آخر الکتاب، وقد أوردنا فيه جملة وافية حد التواتر من النصوص المعرفة للمهدي عليه السَّلام بالتصريح بسام أبيه وأسماء آبائه الطاهرين، من أراد الاستقصاء فعليه بالتتبع التام في جميع کتب العامة والخاصة، أضف علي ذلک الاَحاديث المتضمنة لذکر أسماء الائمة الاثني عشر حيث تنطبق حسب الترتيب المذکور فيها علي حجة بن الحسن العسکري عليه السَّلام ووواحد بعد واحد من آبائه، والاَحاديث الدالة علي أن أوصياء النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهديِّ القائم عليه السَّلام فإنّها أيضاً تنطبق بحسب القرآئن الخارجية علي حجة بن الحسن العسکريّ عليه السَّلام وعلي آبائه حتي ينتهي إلي علي عليه السَّلام.
فإنَّ الوصاية تقتضي عدم انقطاع الزمان بينهم وأن يتصل زمان بعضهم ببعض فيکون زمان القائم عليه السَّلام متصلا بزمان الامام الحادي عشر ويمتد من حين وفاة الامام الحادي عشر إلي أن يشاء الله ظهوره وقيامه، وهاتان القسمان من الاَحاديث کثيرة جداً لم نقصد ايرادها في هذا الکتاب ومن أرادها فليراجع کتب الاَحاديث المتضمنة لحالات المهديّ القائم عجل الله تعالي فرجه وجعلنا من کلِّ مکروه وقاه، والحمد لله وصلّي الله عليه وعلي آبائه الطاهرين.