بازگشت

الولاية الظاهرة و الباطنة


إن للاِمام ولايتين ظاهرية وباطنية ينتفع الناس في عصر الغيبة من کلتيهما.

اما تصرفات الاِمام بالولاية الباطنية فانّما تتحقق من طريق الباطن من دون حاجة الي ظهوره في مرأي الناس ومنظرهم، وهناک شواهد تدل علي تصديه لتربية النفوس المستعدة وتصرفه فيها [1] .

وقد استفاد استاذنا العلامة الطباطبائي قدّس سرّه في تفسير الميزان [2] من قوله تعالي: (وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا) [3] بقرينة غيرها من الآيات الشريفة أن للاِمام



[ صفحه 238]



اشرافاً وولاية باطنية علي قلوب الناس، والامام منبع الهداية، والهداية تجري الي أي قلب من القلوب أراد ان يهديه.

روي في کمال الدين ج1 ص253 [4] عن غير واحد، عن محمد بن همام، عن الفزاريّ، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث، عن المفضّل، عن ابن ظبيان، عن جابر الجعفيّ عن جابر الاَنصاريّ أنّه سأل النبيَّ صلي الله عليه وآله وسلم هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في غيبته؟ فقال عليه السلام: إي والذي بعثني بالنبوَّة إنّهم لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب.

واما الولاية الظاهرية التي من شؤونها حفظ الشريعة وصيانة کيان الاسلام وصون اصالتها في مسير التاريخ وطول الازمنة حتي لا يفتقر الي نزول شريعة جديدة، وکذلک سائر الامور التي تجب عليه القيام بها مع طبق الحکمة الالهية.

ولکن جميع تصرفاته في حيطة الولاية الظاهرية يتحقق امّا علي کيفية لا يعرف بشخصه، وامّا علي صورة الامدادات الغيبية لا يعرف لها اسباب ظاهرية.

نعم يتشرف الي فيض حضوره من له اهلية ذلک ولو کان لا يعرفه من حينه.

وليس معني الغيبة أنه عليه السلام لا يري ولا يراه احد، بل بمعني أنه لا يعرف وانما يقع لقائه من غير معرفة به حين الملاقاة.

علي انّ الاعتقاد بوجود الاِمام وأنّه يطلع علي اسرارنا کما يطلع علي اعلاننا، وانه في کل برهة من الزمان يحتمل ظهوره وقطعه لايدي الظالمين مع غض النظر عن الفوائد التي تترتّب علي وجوده الشريف يوجب لتربية الانسان وتزکيته ويحي في قلبه الخوف والرجاء معاً.

نعم يجب ان يعلم الناس انهم ليسوا في زمن الغيبة مطلقاً ومرسلاً وان زمانهم قد جعل من ناحية الله سبحانه وتعالي بيد إمام له قدرة، وسلطنة، وإحاطة ومعرفة



[ صفحه 239]



باسرارهم وسرائرهم.


پاورقي

[1] قال (بروفسور هانري کاربن استاذ جامعة السوريون في باريس: علي عقيدتاي ان مذهب الشتشيع هو المذهب المتفرد بحفظ رابطة الهداية الالهية بين العالم الانسانية وبين الله علي الدوام وابقي الولاية حية ثابتة علي الاستمرار.

ان مذهب اليهود قد ختم النبوة التي هي رابة بين الله وعالم الانسانية في موسي، ولم يذعن بنبوة عيسي ومحمد، وقطع تلک الرابطة بعد موسي. والنصاري توقفوا علي عيسي کذلک اهل السنة من المسلمين قطعوا تلک الرابطة ولم يذعونوا بها بعد اختتام لنبوة في خاتم الانبياء.

ومذهب التشيع هو المذهب الوحيد الذي اعتقد بختم الانبياء بمحمد صلي الله عليه وآله، ولکنه يري ان الولاية التي هي رابطة الهداية والتکميل حية بعد رسول الله وهي الرابطة التي يکشف عن اتصال عالم الانسانية بعالم الالوهية بواسطة النبوه في زمن الانبياء السالفة قبل موسي وعيسي ومحمد تم بواسطتهم وبعدهم تستمر الولاية بعقيدة الشيعه بلا انقطاع.)

کتاب شيعه، ص15.

[2] في ذيل آية 124 من البقرة.

[3] في سورة الانبياء 73.

[4] ونقله في البحار ج52 ص93.