بازگشت

کرامات المهدي مع سعد بن عبدالله القمي


1298 - يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتک ومواليک، فقال: يا مولاي أيجوز أن

أمد يدا طاهرة إلي هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟

فقال مولاي: يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال

والحرام منها، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: هذه

لفلان بن فلان، من محلة کذا بقم، يشتمل علي اثنين وستين دينارا،

فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وکانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون

دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من أجرة

الحوانيت ثلاثة دنانير فقال مولانا: صدقت يا بني دل الرجل علي

الحرام منها، فقال عليه السلام: فتش عن دينار رازي السکة، تاريخه

سنة کذا، قد انطمس من نصف إحدي صفحتيه نقشه، وقراضة آملية

وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في

شهر کذا من سنة کذا علي حائک من جيرانه من الغزل منا وربع من فأتت

علي ذلک مدة وفي انتهائها قيض لذلک الغزل سارق، فأخبر به الحائک

صاحبه فکذبه واسترد منه بدل ذلک منا ونصف من غزلا أدق مما کان دفعه

إليه واتخذ من ذلک ثوبا، کان هذا الدينار مع القراضة ثمنه فلما فتح

رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها

علي حسب ما قال، واستخرج الدينار والقراضة بتلک العلامة.

ثم أخرج صرة أخري فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة کذا

بقم تشتمل علي خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها. قال: وکيف ذاک؟

قال: لانها من ثمن حنطة حاف صاحبها علي أکاره في المقاسمة،

وذلک أنه قبض حصته منها بکيل واف وکان ما حص الاکار بکيل

بخس فقال مولانا: صدقت يا بني.

ثم قال: يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها علي

أربابها فلا حاجة لنا في شئ منها، وائتنا بثوب العجوز. قال أحمد:

وکان ذلک الثوب في حقيبة لي فنسيته.

فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبومحمد

عليه السلام فقال: ما جاء بک يا سعد؟ فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق

علي لقاء مولانا، قال: والمسائل التي أردت أن تسأله عنها؟ قلت:

علي حالها يا مولاي قال: فسل قرة عيني - وأومأ إلي الغلام - فقال لي

الغلام: سل عما بدا لک منها، فقلت له: مولانا وابن مولانا إنا روينا

عنکم أن رسول الله صلي الله عليه وآله جعل طلاق نسائه بيد أمير

المؤمنين عليه السلام حتي أرسل يوم الجمل إلي عائشة: إنک قد أرهجت

علي الاسلام وأهله بفتنتک، وأوردت بنيک حياض الهلاک بجهلک، فإن

کففت عني غربک وإلا طلقتک، ونساء رسول الله صلي الله عليه وآله قد

کان طلاقهن وفاته، قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل، قال: فإذا

کان طلاقهن وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله قد خليت لهن السبيل

فلم لا يحل لهن الازواج؟ قلت: لان الله تبارک وتعالي حرم الازواج

عليهن، قال: کيف وقد خلي الموت سبيلهن؟ قلت: فأخبرني يا ابن

مولاي عن معني الطلاق الذي فوض رسول الله صلي الله عليه وآله حکمه

إلي أمير المؤمنين عليه السلام، قال: إن الله تقدس اسمه عظم شأن

نساء النبي صلي الله عليه وآله فخصهن بشرف الامهات، فقال رسول

الله: يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله علي الطاعة،

فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليک فأطلق لها في الازواج وأسقطها

من شرف أمومة المؤمنين.

قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل

للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبينة وهي السحق دون

الزنا فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد

ذلک من التزوج بها لاجل الحد وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم

خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن

أبعده فليس لاحد أن يقربه.

قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسي عليه السلام

-(فاخلع نعليک إنک بالواد المقدس طوي) -فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها

کانت من إهاب الميتة، فقال عليه السلام: من قال ذلک فقد افتري علي

موسي واستجهله في نبوته لانه ما خلا الامر فيها من خطيئتين إما أن تکون

صلاة موسي فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن کانت صلاته جائزة جاز له

لبسهما في تلک البقعة، وإن کانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر

من الصلاة وإن کانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب علي موسي أنه

لم يعرف الحلال من الحرام وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز، وهذا کفر.

قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما قال: إن موسي ناجي ربه

بالواد المقدس فقال: يا رب إني قد أخلصت لک المحبة مني، وغسلت

قلبي عمن سواک - وکان شديد الحب لاهله - فقال الله تعالي: -(اخلع

نعليک) -أي أنزع حب أهلک من قلبک إن کانت محبتک لي خالصة،

وقلبک من الميل إلي من سواي مغسولا.

قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل کهيعص قال: هذه

الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زکريا، ثم قصها علي

محمد صلي الله عليه وآله وذلک أن زکريا سأل ربه أن يعلمه أسماء

الخمسة فأهبط عليه جيرئيل فعلمه إياها، فکان زکريا إذا ذکر محمدا

وعليا وفاطمة والحسن والحسين سري عنه همه، وانجلي کربه، وإذا

ذکر الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: يا

إلهي ما بالي إذا ذکرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا

ذکرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالي عن قصته،

وقال: کهيعص فالکاف اسم کربلا. و الهاء هلاک العترة.

و الياء يزيد، وهو ظالم الحسين عليه السلام. و العين عطشه.

و الصاد صبره.

فلما سمع ذلک زکريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من

الدخول عليه، وأقبل علي البکاء والنحيب وکانت ندبته إلهي أتفجع

خير خلقک بولده إلهي أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه، إلهي أتلبس عليا

وفاطمة ثياب هذه المصيبة، إلهي أتحل کربة هذه الفجيعة بساحتهما؟!

ثم کان يقول: أللهم ارزقني ولدا تقر به عيني علي الکبر، واجعله

وارثا وصيا، واجعل محلة مني محل الحسين، فإذا رزقتنيه فافتني

بحبه، ثم فجعني به کما تفجع محمدا حبيبک بولده فرزقه الله يحيي

وفجعه به. وکان حمل يحيي ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام

کذلک، وله قصة طويلة.

قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام

لانفسهم، قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن

تقع خيرتهم علي المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من

صلاح أو فساد؟ قلت: بلي، قال: فهي العلة، وأوردها لک ببرهان

ينقاد له عقلک أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالي وأنزل

عليهم الکتاب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الامم وأهدي إلي

الاختيار منهم مثل موسي وعيسي عليهما السلام هل يجوز مع وفور

عقلهما وکمال علمهما إذا هما بالاختيار أن يقع خيرتهما علي المنافق

وهما يظنان أنه مؤمن، قلت: لا، فقال: هذا موسي کليم الله مع وفور

عقله وکمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه

عسکره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشک في إيمانهم وإخلاصهم،

فوقعت خيرته علي المنافقين، قال الله تعالي: -(واختار موسي قومه

سبعين رجلا لميقاتنا - إلي قوله - لن نؤمن لک حتي نري الله جهرة

فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) -فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة

واقعا علي الافسد دون الاصلح وهو يظن أنه الاصلح دون الافسد علمنا

أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تکن الضمائر وتتصرف

عليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة

الانبياء علي ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.

ثم قال مولانا: يا سعد وحين ادعي خصمک أن رسول الله صلي الله

عليه وآله لما أخرج مع نفسه مختار هذه الامة إلي الغار إلا علما منه أن

الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد أمور التأويل والملقي إليه أزمة الامة

وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود، وتسريب

الجيوش لفتح بلاد الکفر، فکما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته إذ

لم يکن من حکم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة

من غيره إلي مکان يستخفي فيه وإنما أبات عليا علي فراشه لما لم يکن

يکترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه

نصب غيره مکانه للخطوب التي کان يصلح لها. فهلا نقضت عليه دعواه

بقولک أليس قال رسول الله صلي الله عليه وآله: الخلافة بعدي ثلاثون

سنة فجعل هذه موقوفة علي أعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون

في مذهبکم فکان لا يجد بدا من قوله لک: بلي، قلت: فکيف تقول

حينئذ: أليس کما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لابي بکر علم أنها

من بعد أبي بکر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي فکان

أيضا لا يجد بدا من قوله لک: نعم، ثم کنت تقول له: فکان الواجب

علي رسول الله صلي الله عليه وآله أن يخرجهم جميعا ـ علي الترتيب ـ

إلي الغار ويشفق عليهم کما أشفق علي أبي بکر ولا يستخف بقدر هؤلاء

الثلاثة بترکه إياهم وتخصيصه أبا بکر وإخراجه مع نفسه دونهم.

ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو کرها؟ لم لم

تقل له: بل أسلما طمعا وذلک بأنهما کانا يجالسان اليهود وي ستخبرانهم

عما کانوا يجدون في التوراة وفي سائر الکتب المتقدمة الناطقة بالملاحم

من حال إلي حال من قصة محمد صلي الله عليه وآله ومن عواقب

أمره، فکانت اليهود تذکر أن محمدا يسلط علي العرب کما کان بختنصر

سلط علي بني إسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب کما ظفر بختنصر ببني

إسرائيل غير أنه کاذب في دعواه أنه نبي. فأتيا محمدا فساعداه علي

شهادة ألا إله إلا الله وبايعاه طمعا في أن ينال کل واحد منهما من جهته

ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله فلما آيسا من ذلک تلثما

وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين علي أن يقتلوه فدفع الله

تعالي کيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا کما أتي طلحة والزبير عليا

عليه السلام فبايعاه وطمع کل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد،

فلما آيسا نکثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله کل واحد منهما مصرع

أشباههما من الناکثين.

قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاة مع

الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باکيا

فقلت: ما أبطاک وأبکاک؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي

إحضاره، قلت: لا عليک فأخبره، فدخل عليه مسرعا وانصرف من

عنده متبسما وهو يصلي علي محمد وآل محمد، فقلت: ما الخبر؟

قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه.

قال سعد: فحمدنا الله تعالي علي ذلک وجعلنا نختلف بعد ذلک اليوم إلي

منزل مولانا أياما، فلا نري الغلام بين يديه فلما کان يوم الوداع دخلت أنا

وأحمد بن إسحاق وکهلان من أهل بلدنا وانتصب أحمد بن إسحاق بين

يديه قائما وقال: يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتدت المحنة، فنحن

نسأل الله تعالي أن يصلي علي المصطفي جدک وعلي المرتضي أبيک وعلي

سيدة النساء أمک وعلي سيدي شباب أهل الجنة عمک وأبيک وعلي الائمة

الطاهرين من بعدهما آبائک، وأن يصلي عليک وعلي ولدک ونرغب إلي

الله أن يعلي کعبک ويکبت عدوک، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائک.

قال: فلما قال هذه الکلمات استعبر مولانا حتي استهلت دموعه وتقاطرت

عبراته ثم قال: يا ابن إسحاق لا تکلف في دعائک شططا فإنک ملاق الله

تعالي في صدرک هذا فخر أحمد مغشيا عليه، فلما أفاق قال: سألتک

بالله وبحرمة جدک إلا شرفتني بخرقة أجعلها کفنا، فأدخل مولانا يده

تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال: خذها ولا تنفق علي نفسک

غيرها، فإنک لن تعدم ما سألت، وإن الله تبارک وتعالي لن يضيع أجر

من أحسن عملا.

قال سعد: فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان علي

ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق وثارت به علة صعبة أيس من حياته

فيها، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق

برجل من أهل بلده کان قاطنا بها، ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة

واترکوني وحدي، فانصرفنا عنه ورجع کل واحد منا إلي مرقده. قال

سعد: فلما حان أن ينکشف الليل عن الصبح اصابتني فکرة ففتحت عيني

فإذا أنا بکافور الخادم (خادم مولانا أبي محمد عليه السلام) وهو يقول:

أحسن الله بالخير عزاکم، وجبر بالمحبوب رزيتکم، قد فرغنا من غسل

صاحبکم ومن تکفينه، فقوموا لدفنه فإنه من أکرمکم محلا عند سيدکم.

ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا علي رأسه بالبکاء والعويل حتي قضينا حقه،

وفرغنا من أمره (رحمه الله). [1] .


پاورقي

[1] المصادر:

-: کمال الدين: ج 2 ص 454 ب 43 ح 21 - حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي

المعروف بالکرماني قال: حدثنا أ بوالعباس أحمد بن عيسي الوشاء البغدادي قال: حدثنا

أحمد بن طاهر القمي قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال: حدثنا أحمد بن

مسرور، عن سعد بن عبدالله القمي قال: کنت امرءا لهجا بجمع الکتب المشتملة علي

غوامض العلوم ودقائقها، کلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها

ومسغلقها، شحيحا علي ما أظفر به من معضلاتها ومشکلاتها، متعصبا لمذهب الامامية، راغبا

عن الامن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلي التباغض والتشاتم، معيبا للفرق

ذوي الخلاف، کاشفا عن مثالب أئمتهم، هتاکا لحجب قادتهم، إلي أن بليت بأشد النواصب

منازعة، وأطولهم مخاصمة، وأکثرهم جدلا، وأشنعهم سؤالا وأثبتهم علي الباطل قدما.

فقال ذات يوم - وأنا أناظره -: تبأ لک ولاصحابک يا سعد إنکم معاشر الرافضة تقصدون علي

المهاجرين والانصار بالطعن عليهما، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما، هذا

الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، أما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه

إلي الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد لامر التأويل والملقي إليه أزمة

الامة، وعليه المعول في شعب الصدع، ولم الشعث، وسد الخلل، وإقامة الحدود،

وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرک، وکما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته، إذ ليس من

حکم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلي مکان يستخفي فيه، ولما رأينا

النبي متوجها إلي الانجحار ولم تکن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد

رسول الله بأبي بکر للغار للعلة التي شرحناها، وإنما أبات عليا علي فراشه لما لم يکن يکترث

به، ولم يحفل به لاستثقاله، ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مکانه للخطوب التي

کان يصلح لها.

قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتي، فما زال يعقب کل واحد منها بالنقض والرد علي، ثم

قال: ياسعد ودونکها أخري بمثلها تخطم أنوف الروافض، ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ

من دنس الشکوک والفاروق المحامي عن بيضة الاسلام کان يسران النفاق، واستدللتم بليلة

العقبة، أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو کرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه

المسألة عني خوفا من الالزام وحذرا من أني إن أقررت له بطوعهما للاسلام احتج بأن بدء النفاق

ونشأه في القلب لا يکون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار البأس الشديد في حمل

المرء علي من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالي -(فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده

وکفرنا بما کنا به مشرکين فلم يک ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) -وإن قلت: أسلما کرها کان

يقصدني بالطعن إذ لم تکن ثمة سيوف منتضاة کانت تريهما البأس.

قال سعد: فصدرت عنه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب وتقطع کبدي من الکرب وکنت

قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا علي أن

أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد عليه السلام فارتحلت

خلفه وقد کان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأي فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا

قال: بخير لحاقک بي، قلت: الشوق ثم العادة في الاسولة قال: قد تکافينا علي هذه الخطة

الواحدة، فقد برح بي القرم إلي لقاء مولانا أبي محمد عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن

معاضل في التأويل ومشاکل في التنزيل فدونکها الصحبة المبارکة فإنها تقف بک علي ضفة بحر

لا تنقضي عجائبه، ولا تفني غرائبه، وهو إمامنا.

فوردنا سر من رأي فانتهينا منها إلي باب سيدنا فاستأذنا فخرج علينا الاذن بالدخول عليه وکان علي

عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بکساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم،

علي کل صرة منها ختم صاحبها.

قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد

استوفي من لياليه أربعا بعد عشر، وعلي فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقة

والمنظر، علي رأسه فرق بين وفرتين کأنه ألف بين واوين، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع

بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المرکبة عليها، قد کان أهداها إليه بعض رؤساء أهل

البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به علي البياض شيئا قبض الغلام علي أصابعه، فکان

مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها کيلا يصده عن کتابة ما أراد فسلمنا عليه فألطف في

الجواب وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من کتبة البياض الذي کان بيده، أخرج أحمد بن إسحاق

جرابه من طي کسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي عليه السلام إلي الغلام وقال له: -

-: دلائل الامامة: ص 274 - وأخبرني أبوالقاسم عبدالباقي بن يزداد بن عبدالله البزاز، قال:

حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين

وثلاثمائة قال: أخبرنا أبوعلي أحمد بن محمد بن يحيي العطار، عن سعد بن عبدالله بن

خلف القمي قال: - بتفاوت إلي قوله فلا نري الغلام عليه السلام وفيه:.. واقشعهم..

وتسرية.. بلاد الکفر.. إلي الاحجار.. تحطم آناف.. تراها الناس.. خير أهل بلدي..

بعض المناهل.. بي الشوق.. الاحل منها والاحرم.. داري السکة.. عني غرتک.. من

خصلتين.. سواي مشغول.. عليه الهموم.. رضيا يوازي محله.. تسلطا علي العرب..

وتابعاه طمعا.

-: الاحتجاج: ج 2 ص 461 بتفاوت کثير مرسلا عن سعد بن عبدالله القمي: -

-: ثاقب المناقب: ص 254 ب 15 - مختصرا بتفاوت، مرسلا عن سعد بن عبدالله: -

-: الخرائج: ج 1 ص 481 ب 13 ح 22 - مختصرا بتفاوت، مرسلا عن سعد بن عبدالله: -

-: تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 299 ح 1 - مختصرا، عن الاحتجاج.

-: إرشاد القلوب: ج 1 ص 421 - مختصرا، عن أبي جعفر بن بابويه، يرفعه إلي سعد بن

عبدالله: -

-: منتخب الانوار المضيئة: ص 145 ف 10 - کما في کمال الدين بتفاوت، عن ابن بابويه، وفيه

.. في إيثار.. والتعادي.. أزمة التنزيل.. متوجها إلي الاحجاب يحطم.. ما بين الاحل

والاحرم.. أزيد بها لک.. علمنا أن الاختيار لا يجوز.. الشهادة ب الوحدانية.

-: إثبات الهداة: ج 1 ص 115 ب 6 ف 5 ح 166 - عن کمال الدين.

وفي: ص 196 ب 7 ف 16 ح 106 - بعضه، عن الخرائج.

وفي: ج 3 ص 671 ب 33 ف 1 ح 41 - عن کمال الدين، بعضه.

وفي: ص 695 ب 33 ف 3 ح 121 - بعضه عن الخرائج.

-: وسائل الشيعة: ج 13 ص 276 ب 29 ح 21 - عن کمال الدين، بعضه.

-: حلية الابرار: ج 2 ص 557 ح 15 - کما في کمال الدين بتفاوت عن ابن بابويه، وفيه..

مستغلقها.. إلي الانجهار.. فما زال يقصد.. خير أهل بلدي.. هذه الجملة.. غرتک..

يثق به.. وجبر بالخير.

وفي: ص 568 - بعضه عن مسند فاطمة.

-: تبصرة الولي: ص 771 ح 37 - عن ابن بابويه بتفاوت.

-: البرهان: ج 3 ص 3 ح 3 - کما في کمال الدين، عن ابن بابويه، بعضه، وفيه.. إلي

لقاء.. تسأل عنها.. فأهبط الله عليه جبرئيل.. والحسن سري عنه.. بساحتها.. عند

الکبر.. ثم أفجعني کما...

-: مدينة المعاجز: ص 593 - بعضه، عن غيبة ابن بابويه، والظاهر أنه کمال الدين.

وفي: ص 594 - کما في دلائل الامامة، عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري.

وفي: ص 615 - عن الخرائج.

-: البحار: ج 13 ص 65 ب 3 ح 4 - عن الاحتجاج.

وفي: ج 38 ص 88 ب 60 ح 10 - بعضه، عن کمال الدين، وفيه.. حياض الهلکة

بجهلک.. عزبک.. فإذا کان وفاة خلي لهن... ثم أشار إلي مثله في الاحتجاج.

وفي: ج 52 ص 78 ب 19 ح 1 - عن کمال الدين، نقله بتمامه، وفيه.. بين الاحل

والاحرم منها.. إرثا له من أخيه خمسة وأربعون.. صاحب هذه الجملة.. مدة قيض (في)

انتهائها لذلک الغزل سارقا.. إلي الغلام عما بدا. طلقهن وفاته.. کان وفاة.. من

التزويج.. من خطبين.. فيها جائزة.. الحرام وعلم ما جاز فيه الصلاة.. والحسن سري

عنه.. ثم أفجعني به.. ببرهان يثق به.. أنزل الکتب عليهم.. ما أخرج مع نفسه..

الهارب من البشر.. ولاستثقاله.. کاذب في دعواه فأتيا.. فدخل عليه وانصرف.. کهلان

من أرضنا..، ثم أشار إلي مثله في دلائل الامامة، وکذا في الاحتجاج.

ثم قال أقول: قال النجاشي بعد توثيق سعد والحکم بجلالته: لقي مولانا أبا محمد

عليه السلام ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لابي محمد عليه السلام ويقولون هذه حکاية

وموضوعة عليه. أقول: الصدوق أعرف بصدق الاخبار والوثوق عليها من ذلک البعض الذي لا

يعرف حاله، ورد الاخبار التي تشهد متونها بصحتها بمحض الظن والوهم مع إدراک سعد زمانه

عليه السلام، وإمکان ملاقاة سعد له عليه السلام إذ کان وفاته بعد وفاته عليه السلام بأربعين سنة

تقريبا ليس إلا للازراء بالاخبار وعدم الوثوق بالاخيار والتقصير في معرفة شأن الائمة الاطهار، إذ

وجدنا أن الاخبار المشتملة علي المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إما يقدحون فيها أو في

راويها، بل ليس جرم أکثر المقدوحين من أصحاب الرجال إلا نقل مثل تلک الاخبار.

وفي: ج 104 ص 185 ب 8 ح 14 - بعضه، عن الاحتجاج.

-: البحار: ج 8 ص 212 - الطبعة الحجرية، عن الاحتجاج.

-: نور الثقلين: ج 5 ص 351 ح 21 - بعضه، عن کمال الدين.

وفي: ص 371 ح 15 - بعضه، عن کمال الدين، وفيه.. إلي لقاء.. تسأل عنها..

واسقطها من تشرف الامهات ومن شرف أمومة...

-: ينابيع المودة: ص 459 ب 81 - بعضه، عن الغيبة.