بازگشت

دلالة الحديث علي إمامة الحجة


إنّ عدم خلوّ الارض من إمام قائم لِلّهِ بحجّة لا يستقيم مع فرض عدم وجود الامام المهدي (عليه السلام)، وقد ذکر ابن أبي الحديد في معرض شرحه لحديث أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تخلو الارض من قائم لِلّهِ بحجّة» ما يدلّ علي هذا المعني حيث قال: کي لا يخلو الزمان ممّن هو مهيمن لِلّهِ تعالي علي عباده، ومسيطر عليهم، وهذا يکاد يکون تصريحاً بمذهب الاماميّة، إلاّ أنّ أصحابنا يحملونه علي أنّ المراد به الابدال [1] .

وقال الشيخ البهائي (رحمه الله) في کتاب (الاربعين) بعد شرحه لمفردات حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قدّمناه أوّلاً: استقامة ما دلّ عليه هذا الحديث من عدم خلوّ الارض من إمام موصوف بتلک الصفات، وکذا ما يفيده الحديث المتّفق عليه بين الخاصّة والعامّة من قوله: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» ظاهرة علي ما ذهب إليه الاماميّة من أنّ إمام زماننا هذا هو مولانا الامام الحجّة بن الحسن المهدي (عليه السلام)، ومخالفوهم من أهل السنّة يشنّعون عليهم بأ نّه إذا لم يمکن التوصّل إليه، ولا أخذ المسائل الدينية عنه، فأيّ ثمرة تترتّب علي مجرّد معرفته حتّي يکون من مات وليس عارفاً به فقد مات ميتة جاهلية.



[ صفحه 269]



والاماميّة يقولون: ليست الثمرة منحصرة في مشاهدته وأخذ المسائل عنه، بل نفس التصديق بوجوده (عليه السلام) وأ نّه خليفة الله في الارض أمر مطلوب لذاته، ورکن من أرکان الايمان، کتصديق من کان في عصر النبيّ (صلي الله عليه وآله) بوجوده ونبوّته.

وقد روي عن جابر بن عبد الله الانصاري أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ذکر المهدي فقال: ذلک الذي يفتح الله عزّ وجلّ علي يديه مشارق الارض ومغاربها يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت فيها إلاّ من امتحن الله قلبه للايمان.

قال جابر فقلت: يا رسول الله، هل لشيعته انتفاع به في غيبته؟

فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): إي والله الذي بعثني بالحقّ إنّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس وإن علاها السحاب.

ثمّ قالت الاماميّة: إنّ تشنيعکم علينا مقلوب عليکم، لا نّکم تذهبون إلي أنّ المراد بإمام الزمان في هذا الحديث صاحب الشوکة من ملوک الدنيا کائناً من کان، عالماً أو جاهلاً عدلاً أو فاسقاً، فأيّ ثمرة تترتّب علي معرفة الجاهل الفاسق ليکون من مات ولم يعرفه فقد مات ميتة جاهلية.

ولمّـا استشعر هذا بعض مخالفيهم ذهب إلي أنّ المراد بالامام في هذا الحديث الکتاب، وقالت الاماميّة: إنّ إضافة الامام إلي زمان ذلک الشخص يشعر بتبدّل الائمة في الازمنة، والقرآن العزيز لا تبدّل له بحمد الله علي مرّ الازمان.

وأيضاً فما المراد بمعرفة الکتاب التي إذا لم تکن حاصلة للانسان مات ميتة جاهليّة؟ إنّ اُريد بها معرفة ألفاظه أو الاطلاع علي معانيه أشکل الامر علي کثير من الناس، وإن اُريد مجرّد التصديق بوجوده، فلا وجه للتشنيع علينا إذا قلنا بمثله [2] .



[ صفحه 270]




پاورقي

[1] شرح ابن أبي الحديد 18: 351.

[2] الاربعين / البهائي: 431 / 36، مرآة العقول 4: 27 ـ 28.