بازگشت

الامام المهدي والنداء السماوي


يمکن أن نلحظ من خلال بشارة «يوحنا» الاشارة إلي الامام المهدي (عليه السلام) حيث جاء في «سفر يوحنا»:

ثمّ رأيت ملاکاً طائراً في وسط السماء.

معه بشارة أبدية ليبشّر الساکنين علي الارض.

وکلّ اُمّة وقبيلة ولسان وشعب.

منادياً بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجداً.

لا نّه قد جاءت ساعة حکمه.

واسجدوا لصانع السماء والارض والبحر وينابيع المياه.

نجد في هذا النص الذي أخبر عنه «يوحنا» إشارة إلي (الصيحة الحقّ)، قال



[ صفحه 85]



تعالي: (فَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ المُنادِ مِنْ مَکان قَريب ، يَوْمَ يَسْمَعونَ الصَّيْحَةَ بِالحَقِّ ذلِکَ يَوْمُ الخُروج) [1] .

فالقائم (عليه السلام) ينادي باسمه واسم أبيه حسب ما جاء في تفسير الاية (41) من سورة (ق)، وما جاء في تفسير الاية (42) (الصيحة بالحقّ) هي صيحة القائم من السماء، وذلک يوم الخروج.

ولا تنحصر فکرة المنقذ بالاديان السماوية، بل إنّ هذه الفکرة نجدها في مختلف المذاهب والفلسفات بما فيها الوثنية والالحادية.

ولخّص الشهرستاني عقيدة النصاري في العبارة الاتية: (نؤمن بالله الواحد الاب مالک کلّ شيء وصانع ما يُري وما لا يُري، وبالابن الواحد يسوع المسيح ابن الله الواحد، بکر الخلائق کلّها، الذي ولد من أبيه قبل العوالم کلّها، وليس بمصنوع، إله حقّ من إله حقّ، من جوهر أبيه الذي بيده اُتقنت العوالم وخلق کلّ شيء من أجلنا ومن أجل معشر الناس ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسّد من روح القدس وصار إنساناً، وقُتل وصُلب أيام فيلاطوس، ودفن ثمّ قام في اليوم الثالث وصعد إلي السماء وجلس عن يمين أبيه وهو مستعدّ للمجيء تارةً اُخري للقضاء بين الاموات والاحياء...).

بينما استقرّت أوضاع الديانة البرهمية علي الاعتقاد بتثليث الالهة، وإن کان ثالوثها يختلف عن ثالوث المسيحيين في نشأه کلّ أقنوم من أقانيمه وعمله وصفاته، وذلک أ نّها تقرّر أنّ الاله براهما کان قبل الوجود وأ نّه خلق العالم وسمّي نفسه الخالق.

ثمّ انبثق منه الاله سيفا Civa وهو الاله المدمّر الموکل بالخراب والفناء، ولو تُرک هذا الاله وشأنه لفنيت السماوات والارض ومن فيهنّ ولهذا انبثق من (براهما)



[ صفحه 86]



إله ثالث محافظ مجدّد هو الاله (فيشنو).

ويظهر أنّ فکرة الخلاص بتقديم الاله نفسه فداءً لتکفير خطيئة أزليّة متلبّسة بها الانسانية، قد انتقلت إلي المسيحية من الديانات الهندية کذلک، فالبرهميون يعتقدون أنّ کريشنا هو الاله (فيشنو) قد خلّص الانسان بتقديم نفسه ذبيحةً عنه، ويصوّرون (فيشنو) مصلوباً مثقوب اليدين والرجلين وعلي قميصه قلب الانسان معلّقاً.

ويعتقد البوذيون في (بوذا) حتّي أ نّه ليسمّونه (المسيح) المولود الوحيد ومخلّص العالم، ويقولون: إنّه إله کامل تجسّد (بالناسوت) وأ نّه قدّم نفسه ذبيحةً ليکفّر ذنوب البشر.

وتجدر الاشارة هنا إلي أنّ (المسيح) في «العقيدة المانوية» کلّ حياته وولادته وآلامه من أجل التکفير عن خطايا البشر، فالشخص الذي رُبط علي الصليب في رأيهم لم يکن المسيح بعينه، وإنّما کان عميلاً للشيطان الذي أراد أن يوقف نشاط المسيح، فربطه المسيح علي الصليب بنفسه عقاباً علي سوء سلوکه، أمّا المسيح فإنّه اختفي وسيعود في المستقبل.

ومن هنا يتّضح أنّ جميع الديانات والفلسفات تؤکّد علي مسألة ظهور المنقذ والمخلّص في آخر الزمان.

فالحقائق والاشارات التي ورد ذکرها في «الکتاب المقدّس» بشأن الرسول (صلي الله عليه وآله) أکّد القرآن المجيد علي وجودها فيه، کما أکّد علي وجود منتظرين للرسول الاکرم (صلي الله عليه وآله وسلم) من اليهود والنصاري في المدينة المنوّرة قبل ظهور دعوة الاسلام [2] .



[ صفحه 87]




پاورقي

[1] سورة ق: 41 و 42.

[2] أهل البيت في الکتاب المقدّس: 121 ـ 135.