بازگشت

اجماع المسلمين


أمّا عن المسلمين فهم علي اختلاف مذاهبهم وفرقهم يعتقدون بظهور الامام المهدي في آخر الزمان وعلي طِبق ما بشّر به النبيّ (صلي الله عليه وآله)، ولا يختصّ هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر، ولا فرقة دون اُخري، وما أکثر المصرّحين من علماء أهل السنّة ابتداءً من القرن الثالث الهجري وإلي اليوم بأنّ فکرة الظهور محلّ اتفاقهم، بل ومن عقيدتهم أجمع، والاکثر من هذا إفتاء الفقهاء منهم بوجوب قتل من أنکر ظهور المهدي، وبعضهم قال بوجوب تأديبه بالضرب الموجع والاهانة، حتّي يعود إلي



[ صفحه 78]



الحقّ والصواب علي رغم أنفه - علي حدّ تعبيرهم -. کما سنشير إليه في الفتوي الصادرة علي طبق معتقد المذاهب الاربعة في الفصل السادس.

ولهذا قال ابن خلدون معبّراً عن عقيدة المسلمين بظهور المهدي: «إعلم أنّ المشهور بين الکافّة من أهل الاسلام علي ممرّ الاعصار، أ نّه لا بدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيّد الدين، ويُظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي علي الممالک الاسلامية، ويسمّي المهدي».

وقد وافقه علي ذلک الاُستاذ أحمد أمين الازهري المصري - علي الرغم ممّـا عرف عنه من تطرّف إزاء هذه العقيدة - فقال معبّراً عن رأي أهل السنّة بها: «فأمّا أهل السنّة فقد آمنوا بها أيضاً» ثمّ ذکر نص ما ذکره ابن خلدون.

ثمّ قال: «وقد أحصي ابن حجر الاحاديث المرويّة في المهدي فوجدها نحو الخمسين».

ثمّ ذکر ما قرأه من کتب أهل السنّة حول المهدي فقال: «قرأت رسالة للاُستاذ أحمد بن محمّد الصديق في الردّ علي ابن خلدون سمّـاها: (إبراز الوهم المکنون من کلام ابن خلدون)، وقد فنّد کلام ابن خلدون في طعنه علي الاحاديث الواردة في المهدي وأثبت صحّة الاحاديث، وقال: إنّها بلغت التواتر».

وقال في موضع آخر: «قرأت رسالة اُخري في هذا الموضوع عنوانها: (الاذاعة لما کان ويکون بين يدي الساعة) لابي الطيّب بن أبي أحمد بن أبي الحسن الحسني».

وقال أيضاً: «قد کتب الامام الشوکاني کتاباً في صحّة ذلک سمّـاه: التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجّال والمسيح».

إذن لا فرق بين الشيعة وأهل السنّة من حيث الايمان بظهور المنقذ ما دام أهل



[ صفحه 79]



السنّة قد وجدوا في ذلک خمسين حديثاً من طرقهم، وعدّوا ظهور المهدي من أشراط الساعة، وأثبتوا بطلان کلام ابن خلدون في تضعيفه لبعض الاحاديث الواردة في ذلک، وأ نّهم ألّفوا في الردّ أو القول بالتواتر کتباً ورسائل، بل لا فرق بين جميع المسلمين وبين غيرهم من أهل الاديان والشعوب الاُخري من حيث المبدأ والايمان بأصل الفکرة وإن اختلفوا في مصداقها، مع اتفاق المسلمين علي أنّ اسمه (محمّد) کاسم النبيّ (صلي الله عليه وآله)، ولقبه عندهم هو (المهدي).

ومن هنا يعلم أنّ اتفاق أهل الاديان السابقة ومعظم الشعوب والقوميات وعباقرة الغرب وفلاسفتهم - مع تعداد الاديان، وتباين المعتقدات، واختلاف الافکار والاراء والعادات - علي أصل الفکرة، لا يمکن أبداً أن يکون بلا مستند لاستحالة تحقّق مثل هذا الاتفاق جزافاً [1] .


پاورقي

[1] المهدي المنتظر في الفکر الاسلامي: 10 ـ 12.