بازگشت

غيبة إبراهيم


قال الشيخ الصدوق عليه الرحمة: وأمّا غيبة إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام) فإنّها تشبه غيبة قائمنا (صلوات الله عليه) بل هي أعجب منها، لانّ الله عزّ وجلّ غيّب أثر إبراهيم (عليه السلام) وهو في بطن اُمّه حتّي حوّله عزّ وجلّ بقدرته من بطنها إلي ظهرها، ثمّ أخفي أمر ولادته إلي بلوغ الکتاب أجله.

وروي الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام): أنّ أبا إبراهيم [1] کان منجّماً لنمرود ابن کنعان، فقال له: يولد في أرضنا مولود يکون هلاکنا علي يديه، فحجب النساء عن الرجال، وباشر أبو إبراهيم امرأته، فحملت به، وأرسل نمرود إلي القوابل:



[ صفحه 516]



لا يکون في البطن شيء إلاّ أعلمتنّ به، فنظرن إلي اُمّ إبراهيم، فألزم الله ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نري شيئاً في بطنها.

فلمّـا وضعت أراد أبوه أن يذهب به إلي نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنک إلي نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلي غار فأجعله فيه حتّي يأتي عليه أجله. فذهبت به إلي غار وأرضعته، ثمّ جعلت علي باب الدار صخرة وانصرفت، فجعل الله رزقه في إبهامه، فجعل يمصّها وجعل يشبّ في اليوم کما يشبّ غيره في الجمعة، ويشبّ في الجمعة کما يشبّ غيره في الشهر، ويشبّ في الشهر کما يشبّ غيره في السنة.

ثمّ استأذنت أباه في رؤيته، فأتت الغار، فإذا هي بإبراهيم وعيناه يزهران کأ نّهما سراجان، فضمّته إلي صدرها وأرضعته وانصرفت، فسألها أبوه فقالت: واريته بالتراب، فمکثت تعتلّ فتخرج في الحاجة، وتذهب إلي إبراهيم فتضمّه إليها وترضعه وتنصرف، فلمّـا تحرّک وأرادت الانصراف أخذ ثوبها وقال لها: اذهبي بي معکِ، فقالت: حتّي أستأمر أباک، فلم يزل إبراهيم في الغيبة مخفياً لشخصه کاتماً لامره حتّي ظهر فصدع بأمر الله تعالي، ثمّ غاب الغيبة الثانية، وذلک حين نفاه الطاغوت عن المصر - أي عن المدينة (أور) - فقال: (وَأعْتَزِلُکُمْ وَما تَدْعونَ مِنْ دونِ اللهِ)... [2] الاية.

قال الشيخ الصدوق: ولابراهيم (عليه السلام) غيبة اُخري سار فيها في البلاد وحده للاعتبار، ثمّ روي حديثاً يتضمّن ذلک [3] .



[ صفحه 517]




پاورقي

[1] قيل: إنّه عمّه ـ سمّـاه القرآن بأبيه لا نّه تربّي في بيته ـ لانّ آباء الانبياء موحّدون بالفطرة.

[2] مريم: 49.

[3] کمالالدين: 137 ـ 140.