بازگشت

الحسين بن منصور الحلاج


لمّـا قدم الحسين بن منصور الصوفي المشهور إلي بغداد، أراد أن يغري أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي، وهو من علمائنا الاجلاّء في تلک الفترة، وکان يمتّ إلي الشيخ ابن روح النوبختي (رضي الله عنه) بصلة نسب.

وتخيّل أ نّه ممّن تنطلي عليه حيله وخدعه، فکاتبه وادّعي له أ نّه وکيل الامام المهدي (عليه السلام)، وقد أخرج الخطيب البغدادي شيئاً من ذلک، کما أخرج الشيخ في غيبته بعض التفاصيل حوله، ويبدو من الروايات أنّ أبا سهل استطاع أن يکشفه ويفحمه ويظهر عجزه، فأمسک الحلاّج عنه وأيس منه [1] .

وذهب الحلاّج إلي قم، فکاتب علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي(رحمه الله) وهو من أجلاّء علمائنا، وأبو الشيخ الصدوق (قدس سره)، وادّعي له الحلاّج أ نّه رسول الامام (عليه السلام) ووکيله، فلمّـا وصل خطابه إلي ابن بابويه مزّقه، وقال لرسول الحلاّج: ما أفرغک للجهالات! فقال له الرجل: فإنّ الرجل قد استدعانا، فَلِمَ خرّقت مکاتبته؟ وضحکوا منه وهزءوا به.

ثمّ نهض ابن بابويه إلي دکّانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه، وعندما وصل نهض لاحترامه کلّ من کان هناک غير رجل رآه جالساً في الموضع، فلم ينهض له ولم يعرفه ابن بابويه.

فلمّـا جلس وأخرج حسابه ودواته کما يکون التجّار، أقبل علي بعض من کان حاضراً فسأله عنه فأخبره، فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه، وقال له: تسأل عنّي وأنا حاضر؟ فقال له ابن بابويه: أکبرتک أ يّها الرجل وأعظمت قدرک



[ صفحه 488]



أن أسألک. فقال له: تخرق رقعتي وأنا اُشاهدک تخرقها. فقال له: فأنت الرجل إذن؟ ثمّ قال: خذ يا غلام برجله وقفاه، وسحبوه من الدار سحباً. ثمّ قال له: أتدّعي المعجزات عليک لعنة الله؟ فاُخرج بقفاه. قال الراوي: فما رأيناه بعدها بقم [2] .

وذکر ابن الاثير في حوادث سنة 309 هـ عقائد الحلاّج الباطلة، وأنّ الخلافة ألقت القبض عليه، وأفتي الفقهاء بإباحة دمه، ولمّـا سمع الحلاّج ذلک، قال: ما يحلّ لکم دمي واعتقادي الاسلام، ومذهبي السنّة، ولي فيها کتب موجودة فالله الله في دمي، وتفرّق الناس، وکتب الوزير إلي الخليفة المقتدر العباسي يستأذنه في قتله، وأرسل الفتاوي إليه، فأذِن في قتله، فسلّمه الوزير إلي صاحب الشرطة، فضربه الف سوط فما تأوّه، ثمّ قطع يده ثمّ رجله ثمّ يده ثمّ رجله، ثمّ قُتل واُحرق بالنار، فلمّـا صار رماداً اُلقي في دجلة ونصب الرأس ببغداد، ثمّ اُرسل إلي خراسان لا نّه کان له بها أصحاب [3] .


پاورقي

[1] راجع غيبة الطوسي: 248.

[2] غيبة الطوسي: 248 ـ 249، الغيبة الصغري / محمّد الصدر: 529 ـ 532، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 22، بحار الانوار 51: 369.

[3] الکامل في التأريخ 7: 4 ـ 6.