بازگشت

السفارات الکاذبة


ادّعي البعض السفارة عن الامام المهدي (عليه السلام) کذباً وزوراً، طمعاً في ابتزاز الاموال والتزعّم علي الناس، والسفارة الکاذبة في الواقع تشويه منحرف لمفهوم السفارة الصادقة العادلة، وکان هؤلاء المدّعون للسفارة عن الامام (عليه السلام) لا يواجهون صعوبة في أوّل دعواهم، ذلک لا نّه معلوم لدي جميع الشيعة أنّ الاتّصال بالامام (عليه السلام) سرّ لا يمکن لاحد الاطلاّع عليه أو السؤال عن مکانه وزمانه، ولکنّهم لا يلبثون أن ينکشف أمرهم علي لسان السفارة الصادقة عن الامام (عليه السلام) ويتمّ تبليغ القواعد الشعبيّة بشأنهم.

ولقد بدأ التزوير في السفارة من قبل بعض النفعيين والوصوليين في عهد السفير الثاني الشيخ محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، وأمّا أبوه السفير الاوّل، فقد کان أقوي وأسمي من أن ينازعه منازع أو يعارضه معارض بعد تأريخه الحافل بالثناء مع الامامين العسکريين الماضيين (عليهما السلام)، وأدائه لمختلف أنواع الجهاد في عهدهما، وبموجب توجيهاتهما وتعاليمهما، فلن يکون للظنون أن تحوم، وللمطامع أن تطمح لمعارضته أو منازعته، لا نّها ستجابه بالنقد والانکار من کلّ جانب.

کما أنّ الظروف لم تکن مساعدة علي دعوي السفارة في أيام عثمان بن سعيد (رضي الله عنه) لانّ الغيبة الصغري لا زالت في أوّلها، وتتبّع السلطات ومطاردتهم للامام المهدي (عليه السلام) ولکلّ من يمتّ إليه بصلة لا زالت قويّة، وعليه فکيف يعرض أحد نفسه للمطاردة والخطر تلقائياً بانتحال السفارة؟

وقد ادّعي السفارة زوراً عن الامام المهدي (عليه السلام) في زمان أبي جعفر محمّد بن



[ صفحه 472]



عثمان العمري (رضي الله عنه) عدّة أشخاص، منهم: أبو محمّد الشريعي، وهو أوّل من ادّعي مقاماً لم يجعله الله فيه [1] ، ومحمّد بن نصير النميري، ادّعي ذلک الامر بعد الشريعي، وأحمد بن هلال الکرخي، وأبو طاهر محمّد بن علي بن بلال البلالي، وأبو بکر محمّد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي أبي جعفر العمري (رضي الله عنه) وإسحاق الاحمر، ورجل يعرف بالباقطاني [2] .

وکان بعض هؤلاء صالحين في أوّل أمرهم، ومن أصحاب الامامين الهادي والعسکري (عليهما السلام)، فانحرفوا وسلکوا مسلک التزوير في آخر أمرهم، فجابههم العمري (رضي الله عنه) بکلّ قوّة حتّي کان النصر حليفه، وخرجت من المهدي (عليه السلام) التواقيع والبيانات تتري بلعنهم والبراءة منهم والتأکيد علي کذب دعواهم للسفارة وسوء سريرتهم.

وأمّا الشيخ الحسين بن روح السفير الثالث للامام المهدي (عليه السلام) فقد ابتلي بأشدّهم تأثيراً وأکثرهم أتباعاً، وهو محمّد بن علي الشلمغاني العزاقري [3] ، وکان في مبدأ أمره مؤمناً مستقيماً، بل وکيلاً لابن روح، ثمّ ظهر انحرافه وسقم عقيدته.

وآخرهم في دعوي السفارة الکاذبة، أبو دلف الکاتب، حيث کان علي ذلک إلي ما بعد وفاة السمري السفير الرابع، فلعنه الشيعة وبرأوا منه، لا نّهم کانوا يعلمون أنّ من ادّعي السفارة بعد السمري فهو کافر ضالّ مضلّ [4] .



[ صفحه 473]



وممّن نسب إليه دعوي السفارة الحسين بن منصور الحلاّج، المعروف بمذهبه الصوفي، وله في هذه الدعوي مکاتبة مع أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي، کشفه فيها أبو سهل وأفحمه، ويبدو أنّ ذلک کان في عهد الحسين بن روح.


پاورقي

[1] غيبة الطوسي: 244.

[2] راجع الغيبة للطوسي: 244 ـ 245.

[3] غيبة الطوسي: 248.

[4] راجع غيبة الطوسي: 255.