بازگشت

الشيخ حسن العراقي


الحادي عشر - الشيخ حسن العراقي:

قال الشعراني في (الطبقات الکبري) المسمّـاة بلواقح الانوار في طبقات الاخيار، في الجزء الثاني منه: ومنهم العارف بالله سيّدي حسن العراقي (رحمه الله تعالي)، المدفون بالکوم خارج باب الشريعة بالقرب من برکة الرطلي وجامع البشري، تردّدت إليه مع سيّدي أبي العباس الحريثي، وقال: اُريد أن أحکي لک حکايتي من مبتدأ أمري إلي وقتي هذا، کأ نّک کنت رفيقي من الصغر.

کنت شاباً من دمشق، وکنت صانعاً، وکنّا نجتمع يوماً في الجمعة علي اللهو واللعب والخمر، فجاء لي التنبيه من الله تعالي يوماً: ألهذا خُلِقت؟ فترکت ما هم فيه وهربت منهم، فتبعوا ورائي، فلم يُدرِکوني، فدخلت جامع بني اُميّة، فوجدت شخصاً يتکلّم علي الکرسي في شأن المهدي (عليه السلام)، فاشتقت إلي لقائه، فصرت



[ صفحه 423]



لا أسجد سجدة إلاّ وسألت الله تعالي أن يجمعني إليه، فبينما أنا ليلة بعد صلاة المغرب اُصلّي صلاة السنّة إذا بشخص جلس خلفي وحسّ علي کتفي وقال لي: قد استجاب الله دعاءک، يا ولدي ما لک؟ أنا المهدي.

فقلت: تذهب معي إلي الدار؟ فذهب، وقال: أخلِ لي مکاناً أتفرّد فيه، فأخليت له مکاناً، فأقام عندي سبعة أيام بلياليها، ولقّنني الذکر، وقال: اُعلّمک وردي تدوم عليه إن شاء الله تعالي، تصوم يوماً وتفطر يوماً، وتصلّي کلّ ليلة خمسمائة رکعة، وکنت شابّاً أمرد حسن الصورة، فکان يقول: لا تجلس قطّ إلاّ ورائي، وکانت عمامته کعمامة العجم، وعليه جبّة من وبر الجمال، فلمّـا انقضت السبعة أيام خرج فودّعته، وقال لي: حسن ما وقع لي قطّ مع أحد ما وقع معک، فدم علي وردک حتّي تعجز، فإنّک تعمّر عمراً طويلاً.

وقد تقدّم قول الشعراني أنّ حسن العراقي أخبره أ نّه سأل المهدي عن عمره لمّـا اجتمع به، وإن علياً الخوّاص وافقه علي عمر المهدي، وبالغ الشعراني في طبقاته في الثناء علي عليّ الخوّاص وتعداد مناقبه حتّي أ نّه قال: إنّه کان اُمّياً، وکان يتکلّم علي معاني الکتاب والسنّة کلاماً تحيّر فيه العلماء، وکان محلّ کشفه اللوح المحفوظ عن المحو والاثبات، فإذا قال قولاً لا بدّ أن يقع علي الصفة التي قال، بل کان يخبر الشخص بواقعته التي أتي لاجلها قبل أن يتکلّم، إلي غير ذلک.

قال السيّد محسن الامين (رحمه الله): إنّا وإن کنّا لا نعلم صحّة جميع ما ادّعي من مشاهدة بعض مشايخ الصوفيّة لصاحب الزمان (عليه السلام)، بل نعلم أنّ بعض ما ادّعوه من ذلک هو من جملة خرافاتهم وتمويهاتهم، إلاّ أنّا أوردنا ذلک حجّة علي من يستنکر ويستبعد وجود صاحب الزمان (عليه السلام) وغيبته، بل ينسب الامامية في اعتقادهم ذلک إلي الحمق، حتّي قال بعضهم: إنّهم عارٌ علي بني آدم، وقال آخر: إنّ من أوصي إلي



[ صفحه 424]



أحمق الناس صرف إلي من يقول بغيبة المهدي... ومع ذلک لا يستنکر ولا يستعظم أن يکون الشيخ علي الخوّاص وهو اُمّي ينکشف له اللوح المحفوظ عن المحو والاثبات، ويخبر بما في النفوس ويطّلع علي الغيب، والشيخ محيي الدين بن العربي يجتمع بالانبياء والمرسلين في مکّة المکرّمة ويخاطبهم ويخاطبونه ويطوف بالکعبة وتطوف به حقيقة وتتکلّم ابنته في المهد، کما حکي ذلک کلّه الشعراني في (اليواقيت والجواهر) عن (الفتوحات المکية)، ويعتقد لامثال هؤلاء أعظم الکرامات ومع ذلک فهو ينسب الامامية إلي الحمق باعتقاد ما يعتقده هؤلاء، ويخبرون به عن أنفسهم من وجود صاحب الزمان والاجتماع به، ليس هذا بإنصاف [1] .


پاورقي

[1] المجالس السنيّة 5: 737 ـ 739، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 98 ـ 100.