عبدالرحمن جامي
السادس - نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي، وقيل: الشافعي، صاحب (شرح کافية ابن الحاجب) المشهور:
قال صاحب (الشقائق النعمانيّة في علماء الدولة العثمانيّة) بعد ذکر الطريقة النقشبنديّة وذکر جمله من مشايخها ما لفظه: ومنهم الشيخ العارف بالله عبد الرحمن ابن أحمد الجامي، اشتغل أوّلاً بالعلم الشريف، وصار من أفاضل عصره، ثمّ صحب مشايخ الصوفيّة، وتلقّي کلمة التوحيد من الشيخ العارف بالله تعالي سعد الدين الکاشغري، وصحب الخواجة عبيد الله السمرقندي، وانتسب إليه أتمّ الانتساب.
إلي أن قال: وکان مشتهراً بالعلم والفضل، وبلغ صيت فضله إلي الافاق حتّي دعاه السلطان بايزيد خان إلي مملکته، وأرسل إليه جوائز سنيّة.
وعدّ من مصنّفاته: شرح الکافية، وشواهد النبوّة بالفارسيّة، ونفحات الاُنس بالفارسيّة، وسلسلة الذهب طعن فيها علي طوائف الرافضيّة. وقال: کلّ تصانيفه مقبولة عند العلماء الفضلاء.
وأثني عليه ثناءً بليغاً محمود بن سليمان الکفوي في (أعلام الاخيار) وقال عن کتابه (شواهد النبوّة): إنّه کتاب جليل معروف معتمد.
وفي (کشف الظنون) شواهد النبوّة فارسي، لمولانا نور الدين عبد الرحمن بن أحمد الجامي، وذکر أ نّه ترجمه غير واحد من العلماء.
وعن صاحب (تأريخ الخميس)، أ نّه قال في أوّله: إنّه انتخبه من الکتب المعتبرة، وعدّ منها شواهد النبوّة.
وقد روي الجامي في (شواهد النبوّة) ما يوافق مذهب الامامية في اعتقادهم بالامام المهدي (عليه السلام) وکونه الحجّة بن الحسن العسکري (عليه السلام) وأ نّه آخر الائمة الاثني عشر.
[ صفحه 413]
فقد روي الجامي في (شواهد النبوّة) أخباراً في ولادة المهدي (عليه السلام)، وبعض معجزاته، هذا ملخّص ترجمتها:
روي عن حکيمة عمّة أبي محمّد الزکي (عليه السلام) أ نّها قالت: کنت يوماً عند أبي محمّد (عليه السلام) فقال: يا عمّة، باتي الليلة عندنا، فإنّ الله تعالي يعطينا خلفاً. فقلت: يا ولدي، ممّن؟ فإنّي لا أري في نرجس أثر حمل أبداً. فقال: يا عمّة، مَثل نرجس مثل اُمّ موسي، لا يظهر حملها إلاّ في وقت الولادة. فبتّ عنده، فلمّـا انتصف الليل قمت فتهجّدت، وقامت نرجس وتهجّدت، وقلت في نفسي: قرب الفجر ولم يظهر ما قاله أبو محمّد (عليه السلام). فناداني من مقامه: لا تعجلي يا عمّة، فرجعت إلي بيت کانت فيه نرجس، فرأيتها وهي ترتعد، فضممتها إلي صدري، وقرأت عليها (قُلْ هُوَ اللهُ أحَد) و (إنَّا أنْزَلْناه) وآية الکرسي، فسمعت صوتاً من بطنها يقرأ ما قرأت، ثمّ أضاء البيت، فرأيت الولد علي الارض ساجداً فأخذته، فناداني أبو محمّد من حجرته: يا عمّة، ائتيني بولدي، فأتيته به، فأجلسه في حجره، ووضع لسانه في فمه، وقال: تکلّم يا ولدي بإذن الله تعالي.
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلي الَّذينَ اسْتُضْعِفوا في الارْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثين) [1] .
ثمّ رأيت طيوراً خضراً أحاطت به، فدعا أبو محمّد (عليه السلام) واحداً منها، وقال: خذه واحفظه حتّي يأذن الله تعالي فيه، فإنّ الله بالغ أمره.
فسألت أبا محمّد (عليه السلام): ما هذا الطير، وما هذه الطيور؟
فقال: هذا جبرئيل، وهؤلاء ملائکة الرحمة، ثمّ قال: يا عمّة، ردّيه إلي اُمّه،
[ صفحه 414]
کي تقرّ عينها ولا تحزن، ولتعلم أنّ وعد الله حقّ، ولکنّ أکثرهم لا يعلمون، فرددته إلي اُمّه.
ولمّـا ولد کان مقطوع السرّة، مختوناً، مکتوباً علي ذراعه الايمن: (جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إنَّ الباطِلَ کانَ زَهوقاً).
قال: وروي غيرها أ نّه لمّـا ولد جثا علي رکبتيه، ورفع سبّابته إلي السماء وعطس، وقال: الحمد لله ربّ العالمين.
وروي عن آخر قال: دخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) فقلت: يا بن رسول الله من الخلف والامام بعدک؟ فدخل الدار ثمّ خرج وقد حمل طفلاً کأ نّه البدر في ليلة تمامه، في سنّ ثلاث سنين، فقال: لولا کرامتک عليّ لما أريتک هذا الولد، اسمه اسم رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وکنيته کنيته، هو الذي يملا الارض عدلاً وقسطاً، کما ملئت جوراً وظلماً.
وروي عن آخر قال: دخلت يوماً علي أبي محمّد (عليه السلام)، فرأيت عن يمينه بيتاً أسبل عليه ستراً، فقلت: يا سيّدي، من صاحب هذا الامر بعدک؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج صبي في غاية النظافة، علي خدّه الايمن خال، وله ذوائب، فجلس في حجر أبي محمّد (عليه السلام)، فقال أبو محمّد (عليه السلام): هذا صاحبکم، ثمّ قام من حجره، فقال له: يا بني ادخل إلي الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: قم وانظر في البيت، فدخلت البيت فلم أرَ فيه أحداً.
وروي عن آخر، قال: بعثني المعتضد مع رجلين وقال: إنّ الحسن بن علي توفّي في سرّ من رأي، فأسرعوا في المسير، واهجموا علي داره، فکلّ من رأيتم فيها فأتوني برأسه.
فذهبنا ودخلنا داره، فرأينا داراً نَضِرة طيّبة، کأنّ البنّاء فرغ من عمارتها
[ صفحه 415]
الساعة، ورأينا فيها ستراً فرفعناه، فرأينا سرداباً، فدخلنا فيه، فرأينا بحراً في أقصاه حصير مفروش علي وجه الماء، ورجلاً في أحسن صورة عليه وهو يصلّي، ولم يلتفت إلينا، فسبقني أحد الرجلين، فدخل الماء فغرق واضطرب، فأخذت بيده وخلّصته، فأراد الاخر أن يتقدّم إليه فغرق وخلّصته، فتحيّرت فقلت: يا صاحب البيت، المعذرة إلي الله وإليک، فإنّي والله ما علمت الحال، ولا علمت إلي أين جئنا، وقد تبت إلي الله ممّـا فعلت، فلم يلتفت إلينا أبداً، فرجعنا وقصصنا عليه القصّة، فقال: اکتموا هذا الامر وإلاّ أمرت بضرب أعناقکم [2] .
پاورقي
[1] القصص: 28 / 5.
[2] المجالس السنيّة 5: 724 ـ 728، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 89 ـ 92، منتخب الاثر: 323.