بازگشت

محيي الدين بن عربي


الخامس - الشيخ الاکبر محيي الدين أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن محمّد «بن عربي» الحاتمي الطائي الاندلسي، المتوفّي سنة 638 هـ:

ذکر الامام المهدي (عليه السلام) علي وفق ما تقوله الشيعة الاماميّة في کتابه (الفتوحات المکّية) وهو کتاب مشهور کشهرة صاحبه.

حکي الشعراني في (اليواقيت والجواهر) عن الفيروزآبادي صاحب القاموس مدحاً کثيراً في الشيخ محيي الدين «بن عربي» وثناءً عظيماً عليه، منه قوله: کان الشيخ محيي الدين بحراً لا ساحل له، ولمّـا جاور بمکّة شرّفها الله تعالي، کان البلد إذ ذاک مجمع العلماء والمحدّثين، وکان الشيخ هو المشار إليه بينهم في کلّ علم تکلّموا فيه، وکانوا کلّهم يتسارعون إلي مجلسه، ويتبرّکون بالحضور بين يديه، ويقرأون عليه تصانيفه.

قال: ومصنّفاته بخزائن مکّة إلي الان أصدق شاهد علي ما قلناه، وکان أکثر اشتغاله بمکّة بسماع الحديث وإسماعه، وصنّف فيها (الفتوحات المکّية) کتبها عن ظهر قلب جواباً لسؤال سأله عنه تلميذه بدر الحبشي.

وحکي عنه أيضاً في أوائل (اليواقيت والجواهر) أ نّه کان يقول: لم يبلغنا عن أحد من القوم أ نّه بلغ في علم الشريعة والحقيقة ما بلغ الشيخ محيي الدين أبداً.



[ صفحه 409]



وقال الفيروزآبادي: وأمّا کتبه فهي البحار الزواخر التي ما وضع الواضعون مثلها، ومن خصائصها ما واظب أحدٌ علي مطالعتها إلاّ وتصدّر لحلّ المشکلات في الدين ومعضلات مسائله، وهذا الشأن لا يوجد في کتب غيره أبداً، وهذا يسير من ثنائه عليه واستيفاؤه يطول به المقام.

وحکي في (اليواقيت والجواهر) الثناء عليه من جماعة کثيرة من العلماء منهم: الشيخ کمال الدين الزملکاني، وقطب الدين الحموي، وصلاح الدين الصفدي، وقطب الدين الشيرازي، وفخر الدين الرازي، والامام السبکي وغيرهم ممّن يطول الکلام بتعدادهم وذکر ثنائهم عليه.

أمّا عبارة الشيخ محيي الدين بن عربي في (الفتوحات المکّية) المصرّحة بذکر الامام المهدي (عليه السلام) والتي توافق ما ذهب إليه الامامية في أ نّه ابن الحسن العسکري (عليه السلام)، فقد أوردها في الباب السادس والستين وثلاثمائة في المبحث الخامس من (الفتوحات) ونقلها عنه الشعراني المتوفّي سنة 973 هـ في أوائل المبحث الخامس والستّين من (اليواقيت والجواهر) [1] ونقلها عنه الحمزاوي في (مشارق الانوار) والصبّان في (إسعاف الراغبين).

قال ابن عربي: واعلموا أ نّه لا بدّ من خروج المهدي (عليه السلام)، لکن لا يخرج حتّي تمتلئ الارض جوراً وظلماً، فيملاها قسطاً وعدلاً، ولو لم يکن من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالي ذلک اليوم حتّي يلي ذلک الخليفة، وهو من عترة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، من ولد فاطمة (عليها السلام)، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، والده الحسن العسکري ابن الامام علي النقي ابن محمّد التقي ابن الامام علي الرضا ابن



[ صفحه 410]



الامام موسي الکاظم ابن الامام جعفر الصادق ابن الامام محمّد الباقر ابن الامام زين العابدين علي ابن الامام الحسين ابن الامام عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه).

يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلي الله عليه وآله)، يبايعه المسلمون ما بين الرکن والمقام، يشبه رسول الله (صلي الله عليه وآله) في الخَلق، وينزل عنه في الخُلق، إذ لا يکون أحد مثل رسول الله (صلي الله عليه وآله) في أخلاقه، والله تعالي: (وَإنَّکَ لَعَلي خُلُق عَظيم) [2] .

هو أجلي الجبهة، أقني الانف، أسعد الناس به أهل الکوفة، يقسم المال بالسويّة، ويعدل في الرعيّة، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني وبين يديه المال، فيجثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمل.

يخرج علي فترة من الدين، يمسي الرجل جاهلاً وجباناً وبخيلاً فيصبح عالماً شجاعاً کريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً.

يقفو أثر رسول الله (صلي الله عليه وآله) لا يخطئ، له ملک يسدّده من حيث لا يراه، يحمل الکَلّ، ويعين الضعيف، ويساعد علي نوائب الحقّ، يفعل ما يقول، ويقول ما يفعل، ويعلم ما يشهد.

يصلحه الله في ليلة، يفتح المدينة الروميّة بالتکبير مع سبعين ألفاً من المسلمين، من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمي مأدبة الله بمرج عکا، يبيد الظلم وأهله، ويقيم الدين وأهله، وينفخ الروح في الاسلام، يعزّ الله به الاسلام بعد ذلّه، ويحييه بعد موته.

يضع الجزية ويدعو إلي الله بالسيف، فمن أبي قُتِل، ومن نازعه خُذِل، يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه، حتّي لو کان رسول الله (صلي الله عليه وآله) حيّاً لحکم به، فلا يبقي في



[ صفحه 411]



زمانه إلاّ الدين الخالص عن الرأي، يخالف في غالب أحکامه مذاهب العلماء، فينقبضون منه لذلک، لظنّهم أنّ الله تعالي لا يحدث بعد أئمتهم مجتهداً.

وأطال في ذکر وقائعه (عليه السلام) معهم، ثمّ قال: واعلم أنّ المهدي إذا خرج يفرح به المسلمون خاصّتهم وعامّتهم، وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء له، يتحمّلون أثقال المملکة، ويعينونه علي ما قلّده الله تعالي.

ينزل عليه عيسي بن مريم (عليه السلام) بالمنارة البيضاء شرقي دمشق متّکئاً علي ملکين، ملک عن يمينه، وملک عن يساره، والناس في صلاة العصر، فيتنحّي له الامام عن مکانه، فيتقدّم فيصلّي بالناس، يأمر الناس بسنّته (صلي الله عليه وآله)، يکسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويقبض الله المهدي طاهراً مطهّراً.

وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، ويخسف بجيشه في البيداء، فمن کان مجبوراً من ذلک الجيش مکرهاً، يحشر علي نيّته، وقد جاءکم زمانه، وأظلّکم أوانه، وقد ظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو قرن الصحابة، ثمّ الذي يليه، ثمّ الذي يلي الثاني، ثمّ جاء بينهما فترات، وحدثت اُمور، وانتشرت أهواء، وسفکت دماء، فاختفي إلي أن يجيء الوقت الموعود، فشهداؤه خير الشهداء، واُمناؤه أفضل الاُمناء.

وقد استوزر الله له طائفة خبأهم الله تعالي له في مکنون غيبه، يفتحون مدينة الروم بالتکبير، فيکبّرون التکبيرة الاُولي، فيسقط ثلثها، ويکبّرون الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور، ويکبّرون الثالثة فيسقط الثالث، فيفتحونها من غير سيف [3] .



[ صفحه 412]




پاورقي

[1] اليواقيت والجواهر 2: 143، مطبعة المصطفي البابي الحلبي بمصر ـ 1378 هـ.

[2] القلم: 4.

[3] المجالس السنيّة 5: 720 ـ 724، في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) 5: 86 ـ 89.