بازگشت

حديث المهدي من ولد الحسن


روي أبو داود في السنن عن أبي إسحاق، قال: قال علي (عليه السلام) وقد نظر إلي ابنه الحسن: إنّ ابني هذا سيّد کما سمّـاه النبيّ (صلي الله عليه وآله) وسيخرج من صلبه رجل يسمّي



[ صفحه 386]



باسم نبيّکم في الخُلق، ولا يشبهه في الخَلق، يملا الارض عدلاً [1] .

وإلي ظاهر هذه الرواية ذهب بعض علماء العامة، وزعموا أنّ المهدي المنتظر من أولاد أبي محمّد الحسن الزکي المجتبي (عليه السلام)، والحقّ أ نّه لا يصحّ الاستناد إلي رواية أبي داود لجملة اُمور منها:

1 - اختلاف النقل عن أبي داود، ففي عقد الدرّ، نقل هذا الحديث عن أبي داود في السنن، وفيه «أنّ عليّاً (عليه السلام) نظر إلي ابنه الحسين (عليه السلام)» کما صرّح به السيّد صدر الدين الصدر في کتابه (المهدي (عليه السلام)) [2] ، وکذلک نقله عنه الجزري الشافعي في (أسمي المناقب) وفيه أيضاً: «أنّ عليّاً (عليه السلام) نظر إلي ابنه الحسين (عليه السلام)» [3] .

2 - إنّ جماعة من الحفّاظ نقلوا هذه القصّة بعينها، وفيها: أنّ عليّاً نظر إلي ابنه الحسين (عليه السلام) کالترمذي والنسائي والبيهقي، کما أکّده السيّد صدر الدين الصدر في کتاب (المهدي (عليه السلام)) [4] .

3 - احتمال التصحيف فيها، فإنّ لفظ الحسين والحسن يتشابهان في رسم الکتابة، ووقوع التصحيف فيهما وارد جدّاً.

4 - أ نّها مخالفة لما عليه المشهور من علمائهم کما نص عليه بعضهم، وقد ذکرنا



[ صفحه 387]



أقوالهم في أوّل هذا الفصل، ويأتي في الفصل السابع مزيد من أقوالهم المؤيّدة لکون الامام المهدي (عليه السلام) هو التاسع من ولد الحسين (عليه السلام).

5 - إنّ هذه الرواية معارضة بأخبار کثيرة أصحّ منها سنداً وأظهر دلالة، وقد تقدّم بعضها وسيأتي في فصول الکتاب اللاحقة کثير منها. نذکر منها هنا حديث حذيفة بن اليمان، قال: خطبنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) فذکّرنا بما هو کائن، ثمّ قال: لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجلّ ذلک اليوم حتّي يبعث فيه رجلاً من ولدي، اسمه اسمي، فقال سلمان الفارسي (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدک؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده علي الحسين (عليه السلام) [5] .

6 - إنّه حديث مجهول، لانّ أبا داود قال في أوّله: (حُدّثت عن هارون بن المغيرة) دون أن يذکر الشيخ الذي حدّثه، ولا عبرة في الحديث المجهول.

7 - بالنظر إلي العلل التي قدّمناها، يبدو أنّ الحديث موضوع لاغراض سياسية أو شخصيّة، ويؤيّد هذا أنّ أتباع الحسنيين قد زعموا مهدوية محمّد بن عبد الله بن الحسن، الشهيد سنة 145 هـ، فلا يستبعد وضع هذا الحديث من قبلهم لتأييد مهدويّته وللاکثار من أنصاره ومؤيّديه.

وعليه فحديث أبي داود مخالف للصحّة من کلّ وجه قدّمناه، وإذا سلّمنا بصحّته فإنّه لا يعارض الاحاديث المؤکّدة بأنّ المهدي (عليه السلام) من ولد الامام الحسين (عليه السلام)، لانّ الامام المهدي (عليه السلام) حسيني الاب حسنيّ الاُمّ کما قدّمناه، لکون اُمّ جدّه الامام محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) هي فاطمة بنت الامام الحسن المجتبي (عليه السلام)،



[ صفحه 388]



ومنه يعلم أنّ الامام الباقر (عليه السلام) حسيني الاب حسنيّ الاُمّ وذرّيته تکون من ذرية السبطين حقيقة، ومنهم الامام المهدي (عليه السلام).

ويؤيّد هذا ما روي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أ نّه قال لفاطمة (عليه السلام): والذي بعثني بالحقّ منهما - يعني الحسن والحسين - مهديّ هذه الاُمّة [6] .


پاورقي

[1] سنن أبي داود 4: 108 / 4290، جامع الاُصول 11: 49 / 7814، کنز العمّـال 13: 647، الفتن / نعيم بن حمّـاد 1: 374.

[2] المهدي (عليه السلام) / صدر الدين الصدر: 68.

[3] أسمي المناقب: 165 ـ 168 / 61.

[4] المهدي (عليه السلام) / صدر الدين الصدر: 68.

[5] عقد الدرر: 45، الباب الاوّل، فرائد السمطين 2: 325 / 575، ذخائر العقبي: 136، السيرة الحلبيّة 1: 193.

[6] البرهان / المتقي الهندي: 94 / 19.