حديث اسم أبيه اسم أبي
أخرج الطبراني والحاکم من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أ نّه قال: لا تذهب الدنيا حتّي يبعث الله رجلاً يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي [1] .
وأخرج الخطيب بنفس الاسناد عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) أ نّه قال: لا تقوم الساعة حتّي يملک رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي [2] .
وهذا الحديث يعارض کون المهدي (عليه السلام) هو محمّد بن الحسن العسکري (عليه السلام) لا نّه صريح بأنّ المهدي هو محمّد بن عبد الله، لکنّ العبارة الاخيرة التي في الحديث
[ صفحه 383]
لا تصحّ لجملة اُمور، نذکر منها:
أنّ قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): «واسم أبيه اسم أبي»، لم ترد هذه العبارة في أغلب الروايات الصحيحة والمعوّل عليها، بل إنّ معظم روايات الحفّاظ والمحدّثين الثقات عن ابن مسعود تنتهي عند قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): «اسمه اسمي» [3] .
وقال المقدسي الشافعي في عقد الدرر: أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في کتبهم، منهم الامام أبو عيسي الترمذي في جامعه، والامام أبو داود في سننه، والحافظ أبو بکر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الداني کلّهم هکذا، أي ليس فيه «واسم أبيه اسم أبي»، ثمّ أخرج جملة من الاحاديث المؤيّدة لذلک عن الائمة الحفّاظ ومن صحاحهم ومسانيدهم المعتبرة، مشيراً إلي من أخرجها من الائمة الحفّاظ کالطبراني وأحمد بن حنبل، والترمذي، وأبي داود، والبيهقي عن عبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن عمر، وحذيفة [4] .
وعليه فلا يعقل اتّفاق هؤلاء جميعاً وغيرهم علي إسقاط هذه العبارة من الحديث لو کانت فيه، لما فيها من الاهمية في النقض علي مخالفيهم فضلاً عن الجزم في تحديد هوية الامام المنتظر (عليه السلام).
ولا يستبعد أن کون هذه العبارة من زيادات أتباع العباسيين لتأييد مهدوية
[ صفحه 384]
محمّد بن عبد الله المهدي العباسي، أو من قبل أتباع الحسنيين لترويج مهدوية محمّد ابن عبد الله بن الحسن المثنّي.
والثابت عن أئمة الهدي المعصومين (عليهم السلام) أنّ المهدي هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت، وأنّ اسمه کاسم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو ابن الامام الحسن العسکري (عليه السلام)، وقد ولد سنة 255 هـ وغاب غيبته الکبري سنة 329 هـ ولا يزال غائباً إلي اليوم حتّي يأذن الله تعالي له بالفرج فيملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.
ولو سلّمنا بصحّة الزيادة المشار إليها، فلعلّها مصحّفة عن (اسم أبيه اسم ابني) أي الحسن أو الحسين (عليهما السلام) نظراً إلي الجدّ الاکبر، أو عن (اسم ابنه اسم ابني) أي القاسم، ويؤيّده ما صحّ في الحديث «کنيته کنيتي».
وقال الکنجي: ذکر الترمذي الحديث في جامعه، ولم يذکر قوله: واسم أبيه اسم أبي. [5] وذکره أبو داود. [6] وفي معظم روايات الحفّاظ والثقات من نقلة الاخبار: «اسمه اسمي» فقط، والذي روي «واسم أبيه اسم أبي» فهو زائدة، وهو يزيد في الحديث.
وإن صحّ فمعناه «واسم أبيه اسم أبي» الحسين (عليه السلام)، وکنيته أبو عبد الله، فجعل الکنية اسماً کناية عنه أ نّه من ولد الحسين دون الحسن، ويحتمل أ نّه قال (صلي الله عليه وآله): «اسم أبيه اسم ابني» أي الحسن، ووالد المهدي اسمه الحسن، فيکون الراوي قد توهّم قوله ابني، فصحّفه فقال أبي، فوجب حمله علي هذا، جمعاً بين الروايات.
ثمّ قال: وهذا کلّه تکلّف في تأويل هذه الرواية، والقول الفصل في ذلک أنّ
[ صفحه 385]
الامام أحمد مع ضبطه وإتقانه روي هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع: واسمه اسمي.
ثمّ قال: وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن الجمّ الغفير في (مناقب المهدي) کلّهم عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ، عن عبد الله، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله). ثمّ عدّ أکثر من ثلاثين شخصاً رووه عن عاصم بدون هذه الزيادة.
وقال: ورواه غير عاصم عن زرّ - وهو عمرو بن مرّة - عن زرّ، کلّ هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلاّ ما کان من عبيد الله بن موسي عن زائدة عن عاصم فإنّه قال فيه (واسم أبيه اسم أبي)، ولا يرتاب اللبيب أنّ هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الائمة علي خلافها [7] .
وقال الشيخ الفاضل علي بن عيسي في (کشف الغمّة) بعد أن أورد ما ذکرناه: أمّا أصحابنا الشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه (عليه السلام)، وأمّا الجمهور فقد نقلوا أنّ زائدة [8] کان يزيد في الاحاديث، فوجب المصير إلي أ نّه من زياداته جمعاً بين الاقوال والروايات [9] .
پاورقي
[1] مستدرک الحاکم 4: 442، المعجم الکبير / الطبراني 10: 163 و 166.
[2] تأريخ بغداد 1: 370.
[3] راجع مسند أحمد 1: 376 و 377 و 430 و 448، وسنن الترمذي 4: 505 / 2230، والمعجم الکبير للطبراني الاحاديث 10214 و 10215 و 10217 ـ 10221 و 10223 و 10225 ـ 10227 و 10229 و 10230، مستدرک الحاکم 4: 442، وغيرها من کتب الحديث.
[4] عقد الدرر: 56.
[5] سنن الترمذي 4: 505 / 2230 و 2231.
[6] سنن أبي داود 4: 106 / 4282.
[7] البيان في أخبار صاحب الزمان: 482، المطبوع في آخر کفاية الطالب.
[8] وهو راوي الحديث.
[9] کشف الغمّة 2: 477.