بازگشت

الذين احتجوا بأحاديث المهدي من العامة


1 - قال الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّي سنة 322 هـ: أنّ في المهدي أحاديث جياداً، قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة علي بن نفيل بن زارع النهدي: قلت: ذکره العقيلي في کتابه وقال: لا يتابع علي حديثه في المهدي، ولا يعرف إلاّ به. قال: وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه.

2 - ويري ابن حبان البستي المتوفّي سنة 254 هـ أنّ الاحاديث الواردة في المهدي مخصّصة لحديث «لا يأتي عليکم زمان إلاّ والذي بعده شرّ منه».

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، في الکلام علي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في کتاب الفتن: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: «لا يأتي عليکم زمان



[ صفحه 341]



إلاّ والذي بعده شرّ منه حتّي تلقوا ربّکم» قال: واستدلّ ابن حبان في صحيحه علي أنّ الحديث ليس علي عمومه بالاحاديث الواردة في المهدي، وأ نّه يملا الارض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً.

3 - وقال البيهقي المتوفّي سنة 458 هـ، بعد کلامه علي تضعيف: لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم، قال: والاحاديث في التنصيص علي خروج المهدي أصحّ البتة إسناداً.

نقل ذلک عنه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة محمّد بن خالد الجندي، راوي حديث: «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم» ونقله عنه أيضاً ابن القيّم في المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف.

4 - وقال محمّد بن أحمد بن أبي بکر القرطبي، صاحب التفسير المشهور، المتوفّي سنة 671 هـ، في کتابه التذکرة في اُمور الاخرة، بعد ذکر حديث «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم»، قال: إسناده ضعيف، والاحاديث عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) في التنصيص علي خروج المهدي (عليه السلام) من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصحّ من هذا الحديث، فالحکم بها دونه. وقال: يحتمل أن يکون قوله (صلي الله عليه وآله): «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم»، أي لا مهدي کاملاً إلاّ عيسي، قال: وعلي هذا تجتمع الاحاديث ويرتفع التعارض.

نقل ذلک عنه السيوطي في آخر جزء من العرف الوردي في أخبار المهدي.

5 - وقال ابن تيمية المتوفّي سنة 728 هـ في کتابه منهاج السنّة النبويّة (4: 211)، في التعليق علي الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبيّ (صلي الله عليه وآله): «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه کاسمي، وکنيته کنيتي، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً، وذلک هو المهدي»: إنّ الاحاديث التي يحتجّ بها علي خروج المهدي



[ صفحه 342]



أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره، کقوله (صلي الله عليه وآله) في الحديث الذي رواه ابن مسعود: لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم، لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يخرج فيه رجل منّي - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، ورواه الترمذي وأبو داود في رواية اُمّ سلمة. وفيه: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد، وفيه: يملک الارض سبع سنين.

ورواه عن عليّ (عليه السلام) أ نّه نظر إلي الحسين وقال: إنّ ابني هذا سيّد کما سمّـاه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وسيخرج من صلبه رجل يسمّي باسم نبيّکم، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق، يملا الارض قسطاً.

قال: وهذه الاحاديث غلط فيها طوائف، طائفة أنکروها، واحتجّوا بحديث ابن ماجة أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم»، وهذا الحديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمّد بن الوليد البغدادي وغيره عليه، وليس ممّـا يعتمد عليه، ورواه ابن ماجة عن يونس عن الشافعي، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن، يقال له محمّد بن خالد الجندي، وهو ممّن لا يحتجّ به، وليس في مسند الشافعي، وقد قيل: إنّ الشافعي لم يسمعه من الجندي، وإنّ يونس لم يسمعه من الشافعي.

وطائفة قالت: جدّه الحسين، وکنيته أبو عبد الله، فمعناه محمّد بن أبي عبد الله، وجعلت الکنية اسماً، وممّن سلک هذا ابن طلحة في کتابه الذي سمّـاه غاية السؤول في مناقب الرسول [1] .



[ صفحه 343]



6 - وعقد ابن القيم في آخر کتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف، فصلاً في الکلام علي أحاديث المهدي وخروجه، والجمع بينها وبين حديث «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم» قال فيه: فأمّا حديث «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم» فرواه ابن ماجة في سننه عن يوسف بن عبد الاعلي عن الشافعي عن محمّد ابن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالک، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، وهو ممّـا تفرّد به محمّد بن خالد. قال أبو الحسن محمّد بن الحسين الابري في کتاب مناقب الشافعي: محمّد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل.

وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) بذکر المهدي، وأ نّه من أهل بيته، وأ نّه يملک سبع سنين، وأ نّه يملا الارض عدلاً، وأنّ عيسي يخرج فيساعده علي قتل الدجّال، وأ نّه يؤمّ هذه الاُمّة ويصلّي عيسي خلفه.

وقال البيهقي: تفرّد به محمّد بن خالد هذا، وقد قال الحاکم أبو عبد الله: هو مجهول، وقد اختلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلاً عن النبيّ (صلي الله عليه وآله).

قال: فرجع الحديث إلي رواية محمّد بن خالد، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروک، والاحاديث علي خروج المهدي أصحّ إسناداً.

قال ابن القيّم: قلت: کحديث عبد الله بن مسعود عن النبيّ (صلي الله عليه وآله): لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم، لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يبعث رجل منّي - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، يملا الارض قسطاً وعدلاً، کما ملئت ظلماً وجوراً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال الترمذي: وفي الباب عن علي، وأبي سعيد، واُمّ سلمة، وأبي هريرة، ثمّ روي حديث أبي هريرة وقال: حسن



[ صفحه 344]



صحيح.

ثمّ قال ابن القيّم: وفي الباب عن حذيفة بن اليمان، وأبي اُمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وثوبان، وأنس بن مالک، وجابر، وابن عباس وجابر. ثمّ أورد عدّة أحاديث رواها بنص أهل السنن والمسانيد وغيرها، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف أورده للاستئناس به.

ثمّ قال: وهذه الاحاديث أربعة أقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي عن أربعة أقوال:

أحدها: أ نّه المسيح بن مريم، واحتجّ أصحاب هذا القول بحديث محمّد بن خالد الجندي المتقدّم، وقد بيّنّا حاله، وأ نّه لا يصحّ، ولو صحّ لم يکن به حجّة، لانّ عيسي (عليه السلام) أعظم مهدي بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وبين الساعة، وقد دلّت السنّة الصحيحة عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) علي نزوله علي المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحکمه بکتاب الله، وقتله اليهود والنصاري، ووضعه الجزية، وإهلاک أهل الملل في زمانه، فيصحّ أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن کان غيره مهدياً، کما يقال لا علم إلاّ ما نفع، ولا مال إلاّ ما وقي وجه صاحبه، وکما يصحّ أن يقال: إنّما المهدي عيسي بن مريم، يعني المهدي الکامل المعصوم [2] .

القول الثاني: أ نّه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهي زمانه، ثمّ ذکر حديثين منهما ذکر مجيء الرايات السود من قبل المشرق من جهة خراسان،



[ صفحه 345]



وأشار إلي ضعفهما، ثمّ قال مشيراً إلي أوّلها وثانيها: هذا والذي قبله لو صحّ لم يکن فيه دليل علي المهدي الذي تولّي من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان.

القول الثالث: أ نّه رجل من أهل بيت النبيّ (صلي الله عليه وآله) يخرج في آخر الزمان، وقد امتلات الارض جوراً وظلماً، فيملاها قسطاً وعدلاً، وأکثر الاحاديث علي هذا تدلّ.

ثمّ أورد بعض الاحاديث في خروج المهدي، ثمّ قال: وأمّا الامامية فلهم قول رابع، وهو أنّ المهدي هو محمّد بن الحسن العسکري المنتظر، من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن، الحاضر في الامصار، الغائب عن الابصار.

7 - وقال أبو الحسن السمهودي، المتوفّي سنة 911 هـ: ويتحصّل ممّـا ثبت في الاخبار عن المهدي ا نّه من ولد فاطمة.

8 - وقال ابن حجر المکّي المتوفّي سنة 974 هـ في کتابه القول المختصر في علامات المهدي المنتظر: الذي يتعيّن اعتقاده ما دلّت عليه الاحاديث الصحيحة من وجود المهدي المنتظر الذي يخرج الدجّال وعيسي خلفه، وأ نّه المراد حيث اُطلق المهدي.

9 - وقال الحافظ عماد الدين بن کثير، في کتاب الفتن والملاحم تحت عنوان في ذکر المهدي الذي يکون في آخر الزمان: وهو أحد الخلفاء الراشدين الائمة المهديين.

10 - وقال الترمذي: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، سمعت زيداً القمّي، سمعت أبا الصديق الناجي يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يکون بعد نبيّنا حدث، فسألت نبيّ الله (صلي الله عليه وآله) فقال: إنّ في اُمّتي المهدي، يخرج فيعيش



[ صفحه 346]



خمساً أو سبعاً أو تسعاً - زيد الشاکّ.

قال: قلنا: وما ذاک؟ قال: سنين، قال: يجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني. قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وأبو الصديق الناجي اسمه بکر ابن عمرو، ويقال: بکر بن قيس، وهذا دليل علي أنّ أکثر مدّته تسع، وأقلّها خمس أو سبع، ولعلّه هو الخليفة الذي يحثي المال حثياً. والله العالم.

وفي زمانه تکون الثمار کثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم.

11 - وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير، المتوفّي سنة 1032 هـ في کتابه المذکور: وأخبار المهدي کثيرة شهيرة، أفردها غير واحد في التأليف. إلي أن قال: أخبار المهدي لا يعارضها خبر: «لا مهدي إلاّ عيسي بن مريم».

وقال المناوي عند حديث «لن تهلک اُمّة أنا في أوّلها، وعيسي بن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها» أراد بالوسط ما قبل الاخر، لانّ نزوله (عليه السلام) لقتل الدجّال يکون في زمن المهدي، ويصلّي عيسي خلفه، کما جاءت به الاخبار، وجزم به جمع من الاخيار.

وذکر عند حديث «منّا الذي يصلّي عيسي بن مريم خلفه» أ نّه بعد نزوله يجيء فيجد الامام المهدي يريد الصلاة، فيتأخّر ليتقدّم، فيقدّمه عيسي (عليه السلام) ويصلّي خلفه. قال: فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الاُمّة! ثمّ قال: ولا ينافي ما ذکر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الاثار، من أنّ عيسي هو الامام المهدي، وجزم به السعد التفتازاني، وعلّله بأفضليّته، لامکان الجمع بأنّ عيسي (عليه السلام) يقتدي بالمهدي أوّلاً



[ صفحه 347]



ليظهر أ نّه نزل تابعاً لنبيّنا حاکماً بشرعه...

12 - وقال الشيخ محمّد السفاريني في کتابه لوامع الانوار البهيّة وسواطع الاسرار الاثريّة، الذي شرح فيه نظمه في العقيدة المسمّي «الدرّة المغنية في عقد الفرقة المرضية».



وما أتي بالنص من أشراط

فکلّه حقٌّ بلا شطاط



منها الامام الخاتم النصيح

محمّد المهدي والمسيح



منها: أي من أشراط الساعة التي وردت بها الاخبار، وتواترت في مضمونها الاثار، أي من العلامات العظمي، وهي أوّلها أن يظهر الامام المقتدي بأقواله وأفعاله، الخاتم للائمة ولا إمام بعده، کما أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) هو الخاتم للنبوّة والرسالة، فلا نبيّ ولا رسول بعد الفصيح اللسان، لا نّه من صحيح العرب أهل الفصاحة والبلاغة.

ثمّ قال: وقوله: محمّد المهدي، هذا اسمه وأشهر أوصافه، فأمّا اسمه فمحمّد، جاء ذلک في عدّة أخبار.

إلي أن قال: وفي رواية من حديث لابن مسعود، قال: إنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال: لاتذهب الدنيا حيث يملک رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملا الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً. أخرجه الطبراني في معجمه الصغير، وأخرجه الترمذي، ولفظه: حتّي يملک العرب رجل من أهل بيتي، وقال: حديث حسن صحيح. وکذلک أخرجه أبو داود في سننه.

إلي أن قال: وأمّا تسميته ووصفه بالمهدي، فقد ثبتت له هذه الصفة في عدّة أخبار، وأمّا نسبه فإنّه من أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وآله). ثمّ إنّ الروايات الکثيرة والاخبار الغزيرة ناطقة أ نّه من ولد فاطمة البتول ابنة النبيّ الرسول (صلي الله عليه وآله) ورضي



[ صفحه 348]



عنها وعن أولادها الطاهرين.

وجاء في بعض الاحاديث أ نّه من ولد العباس، والاوّل أصحّ، قال ابن حجر في کتابه القول المختصر: وأمّا ما روي «إنّ المهدي من ولد العباس عمّي» فقال الدارقطني: حديث غريب، تفرّد به محمّد بن الوليد مولي بني هاشم. قال: ولا ينافيه خبر الرافعي عن ابن عباس مرفوعاً: «ألا اُبشّرک يا عمّ أنّ ذرّيتک الاصفياء، ومن عترتک الخلفاء، ومنک المهدي في آخر الزمان، به ينشر الله الهدي، ويطفئ نيران الضلالة، إنّ الله فتح بنا هذا الامر، وبذرّيتک يختم».

ثمّ أورد ابن حجر عدّة أخبار في هذا المعني، ثمّ قال: فهذه الاخبار کلّها لا تنافي أنّ المهدي من ذرّية رسول الله (صلي الله عليه وآله) من ولد فاطمة الزهراء، لانّ الاحاديث التي فيها أنّ المهدي من ولدها أکثر وأصحّ، بل قال بعض حفّاظ الاُمّة وأعيان الائمة: إنّ کون المهدي من ذرّيته (صلي الله عليه وآله) ممّـا تواتر عنه ذلک، فلا يسوغ العدول ولا الالتفات إلي غيره.

ثمّ ذکر الشيخ السفاريني خمس فوائد، تکلّم علي کلّ واحدة منها، الاُولي في حليته وصفته، والثانية في سيرته، والثالثة في علامات ظهوره، والرابعة الاشارة إلي بعض الفتن الواقعة قبل خروجه، والخامسة في مولده وبيعته ومدّة ملکه ومتعلّقات ذلک.

ثمّ قال بعد الانتهاء من الکلام علي الفوائد الخمس: قد ذکرت الاقوال في المهدي، حتّي قيل: (لا مهدي إلاّ عيسي) والصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهدي غير عيسي، وأ نّه يخرج قبل نزول عيسي، وقد کثرت بخروجه الروايات حتّي بلغت حدّ التواتر المعنوي، وشاع ذلک بين علماء السنّة حتّي عدّ من معتقداتهم.



[ صفحه 349]



ثمّ ذکر بعض الاثار والاحاديث في خروج المهدي، وأسماء بعض الصحابة الذين رووها، ثمّ قال: وقد روي عمّن ذکر من الصحابة وغير من ذکر منهم روايات متعدّدة، وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالايمان بخروج المهدي واجب، کما هو مقرّر عند أهل العلم، ومدوّن في عقائد أهل السنّة والجماعة.

13 - وقال الشيخ محمّد بشير السهسواني الهندي المتوفّي سنة 1326 هـ في کتابه صيانة الانسان عن وسوسة الشيخ دحلان: وبعد انقراض قرن الصحابة أتي اُمّته ما يوعدون من الحوادث والبدع، وکلّما أحدثت بدعة رفع مثلها من السنّة، ولکن في قرن التابعين وأتباع التابعين لم تظهر البدع ظهوراً فاشياً، وأمّا بعد قرن أتباع التابعين فقد تغيّرت الاحوال تغيّراً فاحشاً، وغلبت البدع، وصارت السنّة غريبة، واتّخذ الناس البدعة سنّة، والسنّة بدعة، ولا تزال السنّة في المستقبل غريبة إلاّ ما استثني من زمان المهدي (رضي الله عنه) وعيسي (عليه السلام) إلي أن تقوم الساعة علي شرار الناس.

14 - وقال الشيخ شمس الحقّ العظيم آبادي المتوفّي سنة 1329 هـ في حاشيته المسمّـاة عون المعبود علي سنن أبي داود: وخرّج أحاديث المهدي (عليه السلام) جماعة من الائمة، منهم أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والبزّاز، والحاکم، والطبراني، وأبو يعلي الموصلي، وأسندوها إلي جماعة من الصحابة، مثل علي (عليه السلام)، وابن عباس، وابن عمر، وطلحة، وعبد الله بن مسعود، وأبي هريرة، وأنس، وأبي سعيد الخدري، واُمّ حبيبة، واُمّ سلمة، وثوبان، وقرّة بن إياس، وعلي الهلالي، وعبد الله بن الحارث بن جزء، وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف.



[ صفحه 350]



15 - وقال الشيخ محمّد أنور شاه الکشميري المتوفّي سنة 1352 هـ في کتابه عقيدة الاسلام: أخرج مسلم في نزول عيسي (عليه السلام) عن جابر يقول: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: لا تزال طائفة من اُمّتي يقاتلون علي الحقّ ظاهرين إلي يوم القيامة. قال: فينزل عيسي بن مريم فيقول أميرهم: تعال صلّ بنا. فيقول: لا، إنّ بعضکم علي بعض اُمراء تکرمة الله لهذه الاُمّة.

قال الکشميري: المراد به أ نّه لا يؤمّ في تلک الصلاة، حتّي لا يتوهّم أنّ الاُمّة المحمّدية سلبت الولاية [3] .

16 - وقال الشيخ محمّد بن علي الصبّان المتوفّي سنة 1206 هـ في بيانه مزايا وخصائص أهل البيت (عليهم السلام): ومنها: أنّ منهم مهديّ آخر الزمان. أخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وآخرون: المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

وقال: وصحّ مرفوعاً أ نّه (صلي الله عليه وآله) قال: «ينزل عيسي بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صلّ بنا، فيقول: لا، إنّما بعضکم أئمة علي بعض».

ونقل کلام ابن حجر في (الصواعق) حيث قال: الاظهر أنّ خروج المهدي قبل نزول عيسي، وقيل: بعده، وقد تواترت الاخبار عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) بخروجه وأ نّه من أهل بيته، وأ نّه يملا الارض عدلاً، وأ نّه يساعد عيسي علي قتل الدجّال، بباب لدّ بأرض فلسطين، وأ نّه يؤمّ هذه الاُمّة، ويصلّي عيسي خلفه [4] .



[ صفحه 351]




پاورقي

[1] کذا، والظاهر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول.

[2] وهذا التأويل بعيد ومردود بکون الامام المهدي (عليه السلام) غير عيسي (عليه السلام)، فقد ثبت أ نّه الامام المعصوم الثاني عشر من أهل البيت (عليهم السلام)، وأنّ عيسي (عليه السلام) يظهر في زمانه، ويأتمّ به، فالصواب أنّ الحديث لا يصحّ کما صرّح به أهل العلم.

[3] عقيدة أهل السنّة والاثر / الشيخ عبد المحسن العباد: 181 ـ 191، مجلّة رسالة الثقلين ـ العد (25) ـ السنة (7).

[4] إسعاف الراغبين: 145 و 152.