بازگشت

المهدي في حديث العامة


لقد زخرت کتب الحديث والسيرة والفضائل بمزيد من الاحاديث التي أخبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيها اُمّته فوقعت طبقاً لاحاديثه (صلي الله عليه وآله)، وکان من الاُمور المستقبلية التي أخبر عنها الرسول (صلي الله عليه وآله) ولم تقع لحدّ الان، هي ظهور الامام المهدي (عليه السلام)، وقيام دولته دولة العدل والحقّ، فيملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.

وقد روي أحاديث المهدي (عليه السلام) جماعة من محدّثي السنّة في صحاحهم ومسانيدهم کالترمذي وأبي داود والحاکم وابن ماجة وأسندوها إلي جماعة من الصحابة کأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وطلحة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، واُمّ سلمة وغيرهم ممّن سمعوا رسول الله (صلي الله عليه وآله) يردّد حديث مهدي أهل البيت (عليهم السلام) ويبشّر بظهوره.

قال الشيخ عبد المحسن العبّاد [1] في محاضرة له بعنوان (عقيدة أهل السنّة والاثر في المهدي المنتظر) نشرت في مجلّة الجامعة الاسلامية [2] : أخبر الرسول اُمّته



[ صفحه 312]



عن الاُمم الماضية بأخبار لا بدّ من التصديق بها، وأ نّها وقعت وفق خبره (صلي الله عليه وآله)، کما أخبر عن اُمور مستقبلية لا بدّ من التصديق بها، والاعتقاد أ نّها ستقع علي وفق ما جاء عنه (صلي الله عليه وآله) وما من شيء يقرّب إلي الله تعالي إلاّ وقد دلّ الاُمّة عليه، ورغّبها فيه، وما من شرّ إلاّ حذّرها منه.

إنّ من بين الاُمور المستقبلية التي تجري في آخر الزمان، عند نزول عيسي بن مريم (عليه السلام) من السماء، هو خروج رجل من أهل بيت النبوّة، من ولد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، يوافق اسمه اسم الرسول (صلي الله عليه وآله) ويقال له المهدي، يتولّي إمرة المسلمين، ويصلّي عيسي بن مريم (عليه السلام) خلفه، وذلک لدلالة الاحاديث المستفيضة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) التي تلقّتها الاُمّة بالقبول، واعتقدت موجبها إلاّ من شذّ منها [3] .

فالايمان بوجود الامام المهدي (عليه السلام) عقيدة إسلامية يؤمن بها المسلمون جميعاً، وليست فکرة شيعية ولّدتها ظروف الکبت والارهاب والبؤس، للتخفيف عن النفوس التي أرهقها الظلم والتسلّط، کما يحلو للبعض التجنّي علي العقائد الاسلامية والتنکّر لسنّة الرسول (صلي الله عليه وآله).

وذکر الدکتور أحمد صبحي في کتابه (نظرية الامامة) أ نّه قد شاع الاعتقاد في انتظار المهدي (عليه السلام) عند جماعة من أهل السنّة، وإن لم يتقرّر کأصل من اُصول عقيدتهم کما هو الحال لدي الشيعة، بعد أن تحدّث فيه بعض علمائهم کالکنجي الشافعي في کتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) والسيوطي في کتابه (العرف الوردي) وابن حجر الهيثمي في کتابه (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) ويوسف بن يحيي الدمشقي في (عقد الدرر في أخبار الامام المنتظر).



[ صفحه 313]



ومضي يقول: وشارک في الاعتقاد بالمهدي المنتظر فريق آخر من علماء السنّة بالرغم من عدائهم التقليدي للشيعة وإنکارهم لاکثر عقائدهم، فيعتقد ابن تيمية بصحّة الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) وجاء فيه: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه کاسمي وکنيته کنيتي، يملا الارض عدلاً کما ملئت جوراً وذلک هو المهدي.

وفي حديث آخر له: المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة، کما يري أنّ ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود حول المهدي (عليه السلام) من الصحاح [4] .

قال السيّد عبد الله شبّر: اعلم أ نّه قد ورد في روايات متواترة وأحاديث متضافرة، البشارة بالمهدي (عليه السلام)، وبأ نّه تکون له غيبة من طرق العامة والخاصة، وقد روي ذلک من العامة البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، ومؤلف جامع الاُصول وغيرهم.

وقد ورد في کتب العامّة المعتبرة والاُصول المقرّرة من الروايات في القائم المهدي (عليه السلام) ما يزيد علي ألف حديث، وفي الصواعق المحرقة لابن حجر في أحوال العسکري (عليه السلام) ما لفظه: ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة (عليه السلام)، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لکن آتاه الله فيها الحکمة، وسمّي القائم المنتظر، قيل لا نّه (عليه السلام) ستر بالمدينة وغاب، ولم يعرف أين ذهب، وذکر نحو ذلک غيره من العامّة، کابن خلکان، وصاحب الفصول المهمّة، ومطالب السؤول، وشواهد النبوّة [5] .



[ صفحه 314]




پاورقي

[1] مدرّس في الجامعة الاسلامية في المدينة المنوّرة.

[2] العدد الثالث / السنة الاُولي، ونشرت سنة 1391 هـ في مجلة الهادي في عدديها: الاوّل، والثاني من السنة الاُولي. نقلاً عن مجلة الجامعة، ونقلناها نحن ملخّصةً في مجلّة رسالة الثقلين.

[3] رسالة الثقلين ـ العدد (25) ـ السنة (7) الصفحة 168.

[4] سيرة الائمة الاثني عشر ـ القسم الثاني: 522.

[5] حقّ اليقين / عبد الله شبّر 1: 222.