تفاوت نسخ کتب الحديث
بالمقايسة مع ثروات الامم الاخري تأتي ثروة المسلمين من المؤلفات في المرتبة
الاولي من حيث درجة المحافظة عليها عبر الاجيال من الغلط والزيادة والنقصان
والتحريف، خاصة کتب الحديث الشريف. وهذا الانجاز العقائدي العلمي الانساني
يعود الفضل فيه إلي الاسلام.
وفي مقابل ذلک توجد نقطة ضعف في کتب الحديث المطبوعة في هذا العصر
الاخير، وهي تفاوتها عن نسخها المخطوطة التي وصلت إلينا أو التي نقل منها العلماء
في الاجيال السابقة. ففي حالات عديدة يمکن تفسير هذه الفروقات بأنها خلل
طبيعي من أيدي الطابعين کما کان في الماضي من أيدي النساخ، ولکن في حالات
أخري کثيرة لا يمکن تفسيرها بذلک بل تجد نفسک مجبرا علي توجيه الاتهام والبحث
عن المتهم.. ولا نريد الاطالة بذکر الامثلة المتعددة علي ذلک فستراها في هذا المعجم.
وسواء أحسنا الظن فقلنا إن أصحاب دور النشر والمطابع أشخاص غير
متخصصين وغير دقيقين فلا غرابة أن يقع منهم التصحيف والسقط في کلمات أو
سطور، بل في صفحات. أو أسأنا الظن وحکمنا بأن التفاوت بين الاصول
والمطبوع عمل مقصود من أهل بعض الاهواء ومن ورائهم بعض الحکام، أو قلنا
بقول ثالث أو رابع. فإن الامر الذي نتفق عليه جميعا أن طباعة کتب الحديث
خاصة عند إخواننا السنة لا يجوز أن تبقي علي هذه الحالة بأيدي أناس تنقصهم الخبرة
والدقة، بل من الضروري علي مستوي العالم الاسلامي أو علي مستوي کل بلد أن
لا يجاز طبع کتاب الحديث إلا بعد تدقيقه من قبل هيئة متدينة من علماء الحديث تقوم
بتطبيق نصه علي عدد کثير من النسخ المخطوطة من قرون مختلفة، حتي يکون الکتاب
مصححا موثقا ترکن إليه النفس ويطمئن القلب. وبدون ذلک تبقي مطبوعات
تراثنا الحديثي في معرض ضعف الاعتبار، بل في معرض التهمة بالخضوع لاهواء
الحکام والتجار. وعندما يبلغنا وجود هذه الهيئة في أي بلد إسلامي فإن لنا معهم
حديثا أوسع من هذه الاشارة وأعمق.