الحاجة الاساسية في علم الحديث
جرت وتجري مجاولات للاستفادة من جهاز الکميوتر في فهرسة کتب الحديث
والتفسير وغيرها من العلوم الاسلامية، ولکن العمل الاساسي والاهم لخدمة علوم
الحديث أن نعطي الکميوتر ا لمعلومات التي تمکننا أن نستخرج منها هوية کاملة لکل
حديث رواه المسلمون، تشمل جميع المصادر التي روته، وجميع أسانيده، وفروق
ألفاظه، وکلمات المحدثين والعلماء حوله وموارد استدلالهم به، ثم الاحاديث المشابهة
له کثيرا، والمعارضة أيضا. بحيث تتيسر للباحث کل ا لمعلومات التي يتوقف عليها
حکمه علي سند النص أو دلالته.
والعمل الثاني الذي يکمله: فهرسة علم الرواة أو علم الرجال بإعطاء أسماء
جميع رواة الحديث عند المسلمين إلي الکميوتر بحيث يستطيع الباحث أن يستخرج أي معلومة يريدها عن الراوي.
بهذه الخطوة الاساسية العظيمة فقط يمکن الشروع في الفهرسة الموضوعية للعلوم التي تناولتها أحاديث السنة الشريفة، وهو باب واسع من شأنه إذا تقدم العلم فيه وتطور
أن يصحح کثيرا من ا لمعلومات، ويقرب إلي حد کبير وجهات النظر بين الفقهاء
المسلمين ومفکريهم ومذاهبهم و اتجاهاتهم.
أما قبل عمل هوية لکل حديث فإن الفهرسة الموضوعية ستکون ناقصة مبتورة
وأحيانا مشوهة، لانه عندما يکون الاساس في معرض التغير لادني سبب يکون ما يبني عليه أکثر تزلزلا.
إنه من الضروري أن نلتفت إلي الفرق الجوهري بين عمل الفهرسة
الموضوعية في القرآن الکريم والسنة الشريفة، فالنص القرآني نص قطعي محدد بأعلي درجات القطعية والتحديد، وهو بذلک جاهز لانواع العمل الفهرسي الموضوعي وغير
الموضوعي. أما نص الحديث الشريف فلابد أن نرفع أولا درجة ثبوته وتفاوت الفاظه
وملابسات دلالته إلي أکبر حد ممکن. ليکون بذلک جاهزا لعمل الفهرسة والبحث
الموضوعي. ولهذا السبب الجذري تبقي کل الجهود الموضوعية في الاحاديث الشريفة
رغم فوائدها الکثيرة للباحثين والمسلمين مهددة بانکشاف ضعفها أو بانهيارها، لان
الوحدة الحديثية التي بنيت عليها لم تکن مکتملة الهوية.
لقد وصلنا من تجربة أربع سنوات في تهيئة هوية لنحو ألفين من الاحاديث حول
الامام المهدي عليه السلام وما يکون قبله وبعده، إلي أن عملنا بدون الکميوتر يشبه
الصناعة اليدوية بالنسبة إلي الصناعة الحديثة. فالعمل اليدوي وإن تميز بجماله الخاص
وقيمته المعنوية، لکن کلفته من الوقت ومحدودية إنتاجه نقطتا ضعف لا تجبران.
لهذا نتقدم بالدعوة المخلصة إلي جميع علماء الاسلام و المؤسسات والعاملين في
حقل الحديث الشريف أن يرکزوا جهودهم علي إتقان أساس کل الخطوات التالية وهو
استخراج الهوية الکاملة لاحاديث السنة الشريفة، أو لموضوع خاص منها کموضوع
الامام المهدي عليه السلام. والحمد لله أن بوادر هذا الاتجاه بدأت تظهر في الحوزات
العلمية و المؤسسات التحقيقية.