سياق حديث معمر المغربي أبي الدنيا علي بن عثمان بن الخطاب بن
1 ـ حدثنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر السجزي [1] قال: حدثنا أبو بکر محمد بن الفتح الرقي، [2] وأبو الحسن علي بن الحسن بن الاشکي [3] ختن أبي بکر قالا: لقينا بمکة رجلا من أهل المغرب فدخلنا عليه مع جماعة من أصحاب الحديث ممن کان حضر الموسم في تلک السنة وهي سنة تسع وثلاثمائة فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية کأنه شن بال، [4] وحوله جماعة هم أولاده وأولاد أولاده ومشائخ من أهل بلده، وذکروا أنهم من أقصي بلاد المغرب بقرب باهرت العليا و شهدوا هؤلاء المشائخ أنا سمعنا آبائنا حکوا عن أبائهم وأجدادهم أنا عهدنا [5] هذا الشيخ
[ صفحه 199]
المعروف بأبي الدنيا معمر واسمه علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد وذکروا أنه همداني، وأن أصله من صنعاء اليمن [6] فقلنا له: أنت رأيت علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال بيده [7] ففتح عينيه وقد کان وقع حاجباه عليهما ففتحهما کأنهما سراجان، فقال: رأيته بعيني هاتين وکنت خادما له، وکنت معه في وقعة صفين، وهذه الشجة من دابة علي عليه السلام، وأرانا أثرها علي حاجبه الايمن، وشهد الجماعة الذين کانوا حوله من المشايخ ومن حفدته وأسباطه بطول العمر، وأنهم منذ ولدوا عهدوه علي هذه الحالة.
وکذا سمعنا من آبائنا وأجدادنا، ثم إنا فاتحناه وساءلناه عن قصته وحاله و سبب طول عمره فوجدناه ثابت العقل، يفهم ما يقال له ويجيب عنه بلب وعقل، فذکر أنه کان له والد قد نظر في کتب الاوائل وقرأها وقد کان وجد فيها ذکر نهر الحيوان وأنها تجري في الظلمات، وأنه من شرب منها طال عمره، فحمله الحرص علي دخول الظلمات فتحمل وتزود حسب ما قدر أنه يکتفي به في مسيره، وأخرجني معه و أخرج معنا خادمين باذلين وعدة جمال لبون (عليها) روايا وزادو أنا يومئذ ابن ثلاثة عشر سنة، فسار بنا إلي أن وافينا طرف الظلمات، ثم دخلنا الظلمات فسرنا فيها نحو ستة أيام ولياليها، وکنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار کان يکون أضوء قليلا وأقل ظلمة من الليل، فنزلنا بين جبال وأودية ودکوات، [8] وقد کان والدي رضي الله عنه يطوف في تلک البقعة في طلب النهر لانه وجد في الکتب التي قرأها أن مجري نهر الحيوان في ذلک الموضع، فأقمنا في تلک البقعة أياما حتي فني الماء الذي کان معنا واستقيناه جمالنا، ولولا أن جمالنا کانت لبونا لهلکنا وتلفنا عطشا، وکان والدي يطوف في تلک البقعة في طلب النهر ويأمرنا أن نوقد نارا ليهتدي بضوئها إذا أراد الرجوع إلينا، فمکثنا في تلک البقعة نحو خمسة أيام ووالدي يطلب النهر فلا يجده
[ صفحه 200]
وبعد الاياس عزم علي الانصراف حذرا علي التلف لفناء الزاد والماء، والخدم الذين کانوا معنا ضجروا فأوجسوا التلف علي أنفسهم [9] وألحوا علي والدي بالخروج من الظلمات فقمت يوما من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل قدر رمية سهم فعثرت بنهر ماء أبيض اللون، عذب لذيذ، لا بالصغير من الانهار ولا بالکبير، ويجري جريانا لينا فذنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أو ثلاثة فوجدته عذبا باردا لذيذا، فبادرت مسرعا إلي الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء، فحملوا ما کان معنا من القرب والادوات لنملاها، ولم أعلم أن والدي في طلب ذلک النهر وکان سروري بوجود الماء، لما کنا عدمنا الماء وفني ما کان معنا، وکان والدي في ذلک الوقت غائبا عن الرحل مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية [10] علي أن نجد النهر، فلم نهتدي إليه حتي أن الخدم کذبوني وقالوا لي: لم تصدق، فلما انصرفت إلي الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي: يا بني الذي أخرجني إلي هذا المکان وتحمل الخطر کان لذلک النهر ولم أرزق أنا وأنت رزقته وسوف يطول عمرک حتي تمل الحياة، و رحلنا منصرفين وعدنا إلي أو طاننا وبلدنا وعاش والدي بعد ذلک سنيات ثم توفي رضي الله عنه.
فلما بلغ سني قريبا من ثلاثين سنة وکان (قد) اتصل بنا وفاة النبي صلي الله عليه وآله و وفاة الخليفتين بعده خرجت حاجا فلحقت آخر أيام عثمان فمال قلبي من بين جماعة أصحاب النبي صلي الله عليه وآله إلي علي بن أبي طالب عليه السلام فأقمت معه، أخدمه وشهدت معه وقايع وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته، فما زلت مقيما معه إلي أن مضي لسبيله عليه السلام، فألح علي أولاده وحرمه أن اقيم عندهم فلم أقم وانصرفت إلي بلدي.
وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي إلي هذه الغاية ما خرجت في سفر إلا ما کان [إلي] الملوک في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلي حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت و کنت أتمني وأشتهي أن أحج حجة اخري فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي.
وذکر أنه قد سقطت أسنانه مرتين أو ثلاثة، فسألناه أن يحدثنا بما سمعه من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فذکر أنه لم يکن له حرص ولا همة في العلم في وقت صحبته لعلي بن أبي طالب عليه السلام، والصحابه أيضا کانوا متوافرين فمن فرط ميلي إلي علي بن أبي طالب عليه السلام ومحبتي له لم أشتغل بشيء سوي خدمته وصحبته، والذي کنت أتذکره مما کنت سمعته منه قد سمعه مني عالم کثير من الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز، وقد انقرضوا وتفانوا وهؤلاء أهل بيتي وحفدتي قد دونوه فأخرجوا إلينا النسخة، فأخذ يملي علينا من حفظه: [11] .
2 ـ حدثنا [12] أبو الحسن علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني المعروف بأبي الدنيا معمر المغربي رضي الله عنه حيا وميتا قال: حدثنا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني، ومن أبغض أهل اليمن فقد أبغضني.
3 ـ وحدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: حدثنا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من أعان ملهوفا کتب الله له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات.
ثم قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من سعي في حاجة أخيه المؤمن [13] ـ لله عزوجل فيها رضاء وله فيها صلاح ـ فکأنما خدم الله عزوجل ألف سنة لم يقع في معصيته طرفة عين.
4 ـ وحدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: أصاب النبي صلي الله عليه وآله جوع شديد وهو في منزل فاطمة عليها السلام، قال علي عليه السلام:
[ صفحه 201]
فقال لي النبي صلي الله عليه وآله: يا علي هات المائدة فقدمت المائدة وعليها خبز ولحم مشوي.
5 ـ وحدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: جرحت في وقعة خيبر خمسا وعشرين جراحة فجئت إلي النبي صلي الله عليه وآله فلما رآي ما بي من الجراحة بکي وأخذ من دموع عينيه فجعلها علي الجراحات فاسترحت من ساعتي.
6 ـ وحدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من قرأ «قل هو الله أحد» مرة فکأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فکأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فکأنما قرأ القرآن کله.
7 ـ وحدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: کنت أرعي الغنم فإذا أنا بذئب علي قارعة الطريق فقلت له. ما تصنع ههنا: فقال لي: وأنت ما تصنع ههنا؟ قلت: أرعي الغنم، قال لي مر ـ أو قال ذا الطريق ـ قال: فسقت الغنم فلما توسط الذئب الغنم إذا أنا بالذئب قد شد علي شاة فقتلها، قال: فجئت حتي أخذت بقفاه فذبحته وجعلته علي يدي وجعلت أسوق الغنم فما سرت غير بعيد إذا أنا بثلاثة أملاک: جبرئيل وميکائيل وملک الموت عليهم السلام فلما رأوني قالوا: هذا محمد بارک الله فيه فاحتملوني وأضجعوني وشقوا جوفي بسکين کان معهم وأخرجوا قلبي من موضعه وغسلوا جوفي بماء بارد کان معهم في قارورة حتي نقي من الدم، ثم ردوا قلبي إلي موضعه وأمروا أيديهم إلي جوفي، فالتحم الشق بإذن الله عزوجل فما أحسست بسکين ولا وجع، قال: وخرجت أعدوا إلي امي ـ يعني حليمة داية النبي صلي الله عليه وآله ـ فقالت لي: أين الغنم؟ فخبرتها بالخبر فقالت: سوف يکون لک في الجنة منزلة عظيمة.
8 ـ وحدثنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: ذکر أبو بکر
[ صفحه 202]
محمد بن الفتح الرقي؛ [14] وأبو الحسن علي بن الحسين الاشکي أن السلطان بمکة لما بلغة خبر أبي الدنيا تعرض له وقال: لا بد أن اخرجک معي إلي بغداد إلي حضرة أمير المؤمنين المقتدر فإني أخشي أن يعتب علي إن لم اخرجک، فسأله الحاج من أهل المغرب وأهل المصر والشام أن يعفيه ولا يشخصه فإنه شيخ ضعيف ولا يؤمن ما يحدث عليه، فأعفاه.
قال أبو سعيد: ولو أني حضرت الموسم في تلک السنة لشاهدته، وخبره کان مستفيضا شائعا في الامصار، وکتب عنه هذه الاحاديث المصريون والشاميون و البغداديون ومن سائر الامصار ممن حضر الموسم وبلغه خبر هذا الشيخ وأحب أن يلقاه ويکتب عنه هذه الاحاديث نفعنا الله وإياهم بها. [15] .
9 ـ وأخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيي بن الحسن بن جعفر بن عبد الله ابن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فيما أجازه لي مما صح عندي من حديثه؛ [16] وصح عندي هذا الحديث برواية الشريف أبي عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين [17] بن إسحاق بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام أنه قال: حججت في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وفيها حج نصر القشوري صاحب المقتدر بالله [18] ومعه عبد الله بن حمدان المکني بأبي الهيجاء فدخلت مدينة الرسول صلي الله عليه وآله في ذي القعدة فأصبت قافلة المصريين وفيها أبو بکر محمد بن علي الماذراثي
[ صفحه 203]
ومعه رجل من أهل المغرب وذکر أنه رآي [رجلا من] أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله فاجتمع عليه الناس وازدحموا وجعلوا يتمسحون به وکادوا يأتون علي نفسه فأمر عمي أبو القاسم طاهر بن يحيي رضي الله عنه فتيانه وغلمانه، فقال: أفرجوا عنه الناس ففعلوا وأخذوه وفأدخلوه إلي دار ابن أبي سهل الطفي وکان عمي نازلها، فادخل واذن للناس فدخلوا وکان معه خمسة نفر [و] ذکروا أنهم أولاد أولاده فيهم شيخ له نيف و ثمانون سنة فسألناه عنه، فقال: هذا ابن ابني، وآخر له سبعون سنة فقال: هذا ابن ابني، وإثنان لهما ستون سنة أو خمسون سنة أو نحوها وآخر له سبع عشرة سنة، فقال: هذا ابن ابن ابني ولم يکن معه فيهم أصغر منه، وکان إذا رأيته قلت: هذا ابن ثلاثين سنة أو أربعين سنة، أسود الرأس واللحية، شاب نحيف الجسم أدم، ربع من الرجال خفيف العارضين، [هو] إلي القصر أقرب، قال أبو محمد العلوي: فحدثنا هذا الرجل واسمه علي بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مؤيد بجميع ما کتبناه عنه وسمعنا من لفظه، وما رأيناه من بياض عنفقته [19] بعد اسودادها ورجوع سوادها بعد بياضها عند شبعه من الطعام.
وقال أبو محمد العلوي رضي الله عنه: ولولا أنه حدث جماعة من أهل المدينة من الاشراف والحاج من أهل مدينة السلام وغيرهم من جميع الافاق، ما حدثت عنه بما سمعت وسماعي منه بالمدينة وبمکة في دار السهميين في دار المعروفة بالمکبرية وهي دار علي بن عيسي بن الجراح وسمعت منه في مضرب القشوري ومضرب الماذرائي عند باب الصفا، وأراد القشوري أن يحمله وولده إلي مدينة السلام إلي المقتدر، فجاءه أهل مکة فقالوا: أيد الله الاستاذ إنا روينا في الاخبار المأثورة عن السلف أن المعمر المغربي إذا دخل مدينة السلام فنيت وخرجت وزال الملک فلا تحمله ورده إلي المغرب. فسألنا مشايخ أهل المغرب ومصر فقالوا: لم نزل نسمع به من آبائنا ومشايخنا يذکرون اسم هذا الرجل، واسم البلدة التي هو مقيم فيما طنجة [20] وذکروا أنهم کان يحدثهم بأحاديث
[ صفحه 204]
قد ذکرنا بعضها في کتابنا هذا.
قال أبو محمد العلوي [رضي الله عنه]: فحدثنا هذا الشيخ أعني علي بن عثمان المغربي ببدء خروجه من بلدة حضر موت، وذکر أن أباه خرج هو وعمه محمد وخرجا به معهما يريدون الحج وزيارة النبي صلي الله عليه وآله فخرجوا من بلادهم من حضر موت وساروا أياما، ثم أخطأوا الطريق وتاهوا في المحجة فأقاموا تائهين ثلاثة أيام وثلاث ليال علي غير محجة فبينا هم کذلک إذا وقعوا علي جبال رمل يقال لها: رمل عالج، متصل برمل إرم ذات العماد.
قال: فبينما نحن کذلک إذا نظرنا إلي أثر قدم طويل فجعلنا نسير علي أثرها، فأشرفنا علي واد وإذا برجلين قاعدين علي بئر أو علي عين، قال: فلما نظرا إلينا قام أحدهما فأخذ دلوا فأدلاه فاستقي فيه من تلک العين أو البئر، واستقبلنا وجاء إلي أبي فناوله الدلو فقال أبي: قد أمسينا ننيخ [21] علي هذا الماء ونفطر إن شاء الله، فصار إلي عمي وقال له: اشرب فرد عليه کما رد عليه أبي، فناولني وقال لي: اشرب فشربت فقال لي: هنيئا لک إنک ستلقي علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبره أيها الغلام بخبرنا وقل له: الخضر وإلياس يقرئانک السلام، وستعمر حتي تلقي المهدي وعيسي بن مريم عليهما السلام فإذا لقيتهما فأقرئهما منا السلام، ثم قالا: ما يکونان هذان منک؟ فقلت: أبي وعمي، فقالا: أما عمک فلا يبلغ مکة، وأما أنت وأبوک فستبلغان ويموت أبوک وتعمر أنت ولستم تلحقون النبي صلي الله عليه وآله لانه قد قرب أجله.
ثم مرا فو الله ما أدري أين مرا في السماء أو في الارض فنظرنا فإذا لا بئر ولا عين ولا ماء، فسرنا متعجبين من ذلک إلي أن رجعنا إلي نجران فاعتل عمي ومات بها وأتممت أنا وأبي حجنا ووصلنا إلي المدينة فاعتل أبي ومات، وأوصي بي إلي علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذني وکنت معه أيام أبي بکر وعمر وعثمان وأيام خلافته حتي قتله ابن ملجم لعنه الله.
[ صفحه 205]
وذکر أنه لما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني فدفع إلي کتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلي علي بن أبي طالب عليه السلام وکان غائبا بينبع في ضياعه وأمواله فأخذت الکتاب وسرت حتي إذا کنت بموضع يقال له: جدار أبي عباية فسمعت قرآنا فإذا أنا بعلي بن أبي طالب عليه السلام يسير مقبلا من ينبع وهو يقول: «أفحسبتم أنما خلقناکم عبثا وأنکم إلينا لا ترجعون» فلما نظر إلي قال: يا أبا الدنيا ما وراءک؟ قلت: هذا کتاب أمير المؤمنين عثمان، فأخذه فقرأه فإذا فيه:
فان کنت مأکولا فکن أنت آکلي [22] .
وإلا فـأدرکنـي ولمـا امزق
فإذا قرأه قال: برسر [23] فدخل إلي المدينة ساعة قتل عثمان بن عفان فمال عليه السلام إلي حديقة بني النجار وعلم الناس بمکانه فجاؤوا إليه رکضا وقد کانوا عازمين علي أن يبايعوا طلحة بن عبيد الله، فلما نظروا إليه ارفضوا إليه ارفضاض الغنم يشد عليها السبع، فبايعه طلحة ثم الزبير، ثم بايع المهاجرون والانصار فأقمت معه أخدمه فحضرت معه الجمل وصفين فکنت بين الصفين واقفا عن يمينه إذا سقط سوطه من يده، فأکببت آخذه وأدفعه إليه وکان لجام دابته حديدا مزججا [24] فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدغي، فدعاني أمير المؤمنين عليه السلام فتفل فيها وأخذ حفنة من تراب [25] فترکه عليها فوالله ما وجدت لها ألما ولا وجعا، ثم أقمت معه عليه السلام وصحبت الحسن بن علي عليهما السلام حتي ضرب بساباط المدائن، ثم بقيت معه بالمدينة أخدمه وأخدم الحسين عليه السلام حتي مات الحسن عليه السلام مسموما، سمته جعدة بنت الاشعث ابن قيس الکندي لعنها الله دسا من معاوية.
ثم خرجت مع الحسين بن علي عليهما السلام حتي حضرت کربلاء وقتل عليه السلام وخرجت هاربا من بني أمية، وأنا مقيم بالمغرب أنتظر خروج المهدي وعيسي بن ـ مريم عليه السلام.
[ صفحه 206]
قال أبو محمد العلوي رضي الله عنه: ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ علي ابن عثمان وهو في دار عمي طاهر بن يحيي رضي الله عنه وهو يحدث بهذه الاعاجيب وبدء خروجه فنظرت عنفقته قد احمرت ثم ابيضت فجعلت أنظر إلي ذلک لانه لم يکن في لحيته ولا في رأسه ولا في عنفقته بياض، قال: فنظر إلي نظري إلي لحيته وإلي عنفقته وقال: أما ترون أن هذا يصيبني إذا جعت وإذا شبعت رجعت إلي سوادها، فدعا عمي بطعام فأخرج من داره ثلاث موائد فوضعت واحدة بين يدي الشيخ وکنت أنا أحد من جلس عليها فجلست معه ووضعت المائدتان في وسط الدار وقال عمي للجماعة: بحقي عليکم إلا أکلتم وتحرمتم بطعامنا، فأکل قوم وامتنع قوم، وجلس عمي عن يمين الشيخ يأکل ويلقي بين يديه فأکل أکل شاب وعمي يحلف عليه وأنا أنظر إلي عنفقته تسود حتي عادت إلي سوادها وشبع.
10 ـ فحدثنا علي بن عثمان بن الخطاب قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني.
پاورقي
[1] في بعض النسخ «الشجري».
[2] مجهول لا يعرف. وفي بعض النسخ البرقي، وفي بعضها «المزني» وفي بعضها «المرکي» وفي بعضها «المرکني» وجعل في جميع هذه النسخ «القاسم» بدل «الفتح».
[3] في بعض النسخ «علي بن الحسين بن حثکا اللائکي» واحتمل کونه علي بن الحسن اللاني المعنون في تقريب التهذيب.
[4] أي القربة الخلقة الصغيرة.
[5] في بعض النسخ «أنهم سمعوا آباءهم واجدادهم أنهم عهدوا».
[6] في بعض النسخ «صعيد اليمن».
[7] أي أشار. وفي معني القول توسع.
[8] الدک: ما استوي من الرمل کالدکة والمستوي من المکان، والتل والجبل.
[9] في بعض النسخ «في أنفسهم» وفي بعضها «وخشوا علي أنفسهم».
[10] أي زمانا طويلا.
[11] في بعض النسخ «من خطه».
[12] معلق علي السند الاول وکذا ما يأتي.
[13] في بعض النسخ «أخيه المسلم».
[14] تقدم الکلام فيه وفي قرينه ص 538.
[15] في بعض النسخ «ويکتب عنه نفعهم الله وايانا به».
[16] ذلک لان أبا محمد الحسن بن محمد بن يحيي العلوي روي عن المجاهيل أحاديث منکرة وقال العلامة: رأيت أصحابنا يضعفونه (صه عن جش) وقال ابن الغضائري. انه کان کذابا يضع الحديث مجاهرة، ويدعي رجالا غرباء ولا يعرفون (صه) توفي 358. (جامع الرواة).
[17] في بعض النسخ «الحسن».
[18] في بعض النسخ «حاجب المقتدر بالله».
[19] العنفقة، الشعر الذي في الشفة السفلي، وقيل. الشعر الذي بينها وبين الذقن (النهاية).
[20] بلدة بساحل بحر المغرب (ق).
[21] أناخ الجمل: أبرکه.
[22] رواه القاموس في مادة «مزق» وفيه «خير آکل».
[23] رجل برسر أي يبر ويسر (الصحاح).
[24] المزجج: المرقع الممدود. وفي بعض النسخ «مدمجا» أي مستحکما.
[25] الحفنة هي ملء الکف.