بازگشت

حديث الظباء بأرض نينوي في سياق هذا الحديث علي جهته ولفظه


1 ـ حدثنا أحمد بن الحسن بن القطان وکان شيخا لاصحاب الحديث ببلد الري يعرف بأبي علي بن عبد ربه قال: حدثنا أحمد بن يحيي بن زکريا القطان قال: حدثنا بکر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا علي ابن عاصم، عن الحصين بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: کنت مع



[ صفحه 193]



أمير المؤمنين عليه السلام في خرجته إلي صفين، فلما نزل بنينوي وهو شط الفرات قال: بأعلي صوته: يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قال: قلت: ما أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: لو عرفته کمعرفتي لم تکن تجوزه حتي تبکي کبکائي، قال: فبکي طويلا حتي اخضلت لحيته [1] وسالت الدموع علي صدره وبکينا معه وهو يقول: أوه أوه مالي و لال أبي سفيان مالي ولال حرب: حزب الشيطان وأولياء الکفر؟! صبرا يا أبا عبد الله فقد لقي أبوک مثل الذي تلقي منهم، ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلي ما شاء الله أن يصلي.

ثم ذکر نحو کلامه الاول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته ساعة، ثم انتبه فقال: يا ابن عباس، فقلت: ها أناذا، فقال: ألا اخبرک بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت: نامت عيناک ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين، قال: رأيت کأني برجال بيض قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض، قد تقلدوا سيوفهم وهي بيض تلمع، وقد خطوا حول هذه الارض خطة، ثم رأيت هذه النخيل قد ضربت بأغصانها إلي الارض، فرأيتها تضطرب بدم عبيط، وکأني بالحسين نجلي [2] وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث، وکأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون: صبرأ آل الرسول فإنکم تقتلون علي أيدي شرار الناس، وهذه الجنة يا أبا عبد الله إليک مشتاقة، ثم يعزونني ويقولون: يا أبا الحسن أبشر فقد أقر الله عينک به يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ثم انتبهت.

هکذا والذي نفس علي بيده لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم صلي الله عليه وآله، أني سأراها في خروجي إلي أهل البغي علينا وهذه أرض کرب وبلاء، يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلا کلهم من ولدي وولد فاطمة عليها السلام، وأنها لفي السماوات معروفة، تذکر أرض کرب وبلاء کما تذکر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس، ثم قال لي: يا ابن عباس اطلب لي حولها بعر الظباء، فو الله ما کذبت ولا کذبت قط وهي مصفرة، لونها



[ صفحه 194]



لون الزعفران.

قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها علي الصفة التي وصفتها لي، فقال علي عليه السلام: صدق الله ورسوله ثم قام يهرول إليها فحملها وشمها وقال: هي هي بعينها، تعلم يا ابن عباس ما هذه الابعار؟ هذه قد شمها عيسي ابن مريم عليه السلام وذلک أنه مر بها ومعه الحواريون فرأي هذه الظباء مجتمعة فأقبلت إليه الظباء وهي تبکي فجلس عيسي عليه السلام وجلس الحواريون، فبکي وبکي الحواريون وهم لا يدرون لم جلس ولم بکي، فقالوا: يا روح الله وکلمته ما يبکيک؟ قال: أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد وفرخ الحرة الطاهرة [3] البتول شبيهة امي ويلحد فيها وهي أطيب من المسک وهي طينة الفرخ المستشهد، وهکذا تکون طينة الانبياء وأولاد الانبياء، فهذه الظباء تکلمني وتقول: إنها ترعي في هذه الارض شوقا إلي تربة الفرخ المبارک، وزعمت أنها آمنة في هذه الارض، ثم ضرب بيده إلي هذه الصيران [4] فشمها فقال: هذه بعر الظباء علي هذه الطيب لمکان حشيشها، اللهم أبقها أبدا حتي يشمها أبوه فتکون له عزاه وسلوة. قال: فبقيت إلي يوم الناس هذا وقد اصفرت لطول زمنها هذه أرض کرب وبلاء.

وقال بأعلي صوته: يا رب عيسي بن مريم لا تبارک في قتلته والحامل عليه والمعين عليه والخاذل له.

ثم بکي بکاء طويلا وبکينا معه حتي سقط لوجهه وغشي عليه طويلا، ثم أفاق فأخذ البعر فصرها في ردائه وأمرني أن أصرها کذلک، ثم قال: يا ابن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل ودفن بها.

قال ابن عباس: فوالله لقد کنت أحفظها أکثر من حفظي لبعض ما افترض الله علي



[ صفحه 195]



وأنا لا أحلها من طرف کمي، فبينا أنا في البيت نائم إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا وکان کمي قد امتلأت دما عبيطا، فجلست وأنا أبکي وقلت: قتل والله الحسين والله ما کذبني علي قط في حديث حدثني ولا أخبرني بشيء قط أنه يکون إلا کان کذلک لان رسول الله صلي الله عليه وآله کان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره، ففزعت وخرجت و ذلک (کان) عند الفجر فرأيت والله المدينة کأنها ضباب [5] لا يستبين فيها أثر عين، ثم طلعت الشمس فرأيت کأنها کاسفة، ورأيت کأن حيطان المدينة عليها دم عبيط، فجلست وأنا باک وقلت، قتل والله الحسين، فسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول:



اصبـروا آل الــرسول

قتل الفرخ النحول [6] .



نــزل الـروح الاميـن

ببـکــاء وعــويـل



ثم بکي بأعلي صوته وبکيت وأثبت عندي تلک الساعة وکان شهر المحرم ويوم عاشوراء لعشر مضين منه فوجدته يوم ورد علينا خبره وتاريخه کذلک، فحدثت بهذا. الحديث اولئک الذين کانوا معه فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعرکة لا ندري ما هو، فکنا نري أنه الخضر صلوات الله عليه وعلي الحسين، ولعن الله قاتله والمشيع عليه.

وقد روي أن حبابة الوالبية لقيت أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده من الائمة عليهم السلام وأنها بقيت إلي أيام الرضا عليه السلام فلم ينکر من أمرها طول العمر فکيف ينکر القائم عليه السلام.



[ صفحه 196]




پاورقي

[1] أخضلت لحيته أي ابتلت بالدموع.

[2] في بعض النسخ «سخلي».

[3] في بعض النسخ «الخيرة الطاهرة.

[4] جمع الصوار ـ ککتاب ـ وهو القطيع من البعر أو المسک وقال في القاموس: الصور: النخل الصغار. والصيران: المجتمع. والمراد بالصيران هنا المجتمعة من أبعار الظباء.

[5] اليوم صار ذا ضباب ـ بالفتح ـ أي ندي کالغيم أو سحاب رقيق کالدخان.

[6] النحول: الهزال. وفي بعض النسخ «المحول» ولعل المراد العطشان لان المحل: انقطاع المطر ويبس الارض من الکلاء.