بازگشت

ما روي في نرجس أم القائم واسمها مليکة بنت يشوعا بن قيصر المل


في بعض النسخ «يوشعا» وفي بعضها «يستوعا».

1 ـ حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسي الوشاء البغدادي قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر الشيباني قال: وردت کربلا سنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله صلي الله عليه وآله ثم انکفأت إلي مدينة السلام متوجها إلي مقابر قريش في وقت قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم، فلما وصلت منها إلي مشهد الکاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران أکببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة



[ صفحه 83]



وقد حجب الدمع طرفي عن النظر فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحني صلبه، وتقوس منکباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهو يقول لاخر معه عند القبر: يا ابن أخي لقد نال عمک شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان، وقد أشرف عمک علي استکمال المدة و انقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره، قلت: يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منک باتعابي الخف والحافر [1] في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل علي علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيها الشيخ ومن السيدان؟ قال: النجمان المغيبان في الثري بسر من رأي، فقلت: إني اقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الامامة والوراثة إني خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الايمان المؤکدة علي حفظ أسرارهما، قال: إن کنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبک من الاثار عن نقلة أخبارهم، فلما فتش الکتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس [2] من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام وجارهما بسر من رأي، قلت: فأکرم أخاک ببعض ما شاهدت من آثارهما قال: کان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسکري عليهما السلام فقهني في أمر الرقيق فکنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه، فاجتنبت بذلک موارد الشبهات حتي کملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق [فيما] بين الحلال والحرام.

فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رآي وقد مضي هوي [3] من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا أنا بکافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد واخته حکيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر إنک من ولد الانصار وهذه الولاية لم تزل فيکم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزکيک ومشرفک بفضيلة



[ صفحه 84]



تسبق بها شأو الشيعة [4] في الموالاة بها: بسر أطلعک عليه وأنفذک في ابتياع أمة [5] فکتب کتابا ملصقا [6] بخط رومي ولغة رومية، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة [7] صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال: خذها وتوجه بها إلي بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة کذا، فإذا وصلت إلي جانبک زواريق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وکلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلک فأشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارک إلي أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها کذا وکذا، لابسة حرير تين صفيقتين، تمتنع من السفور ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره، بتأمل مکاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتک ستراه، فيقول بعض المبتاعين علي بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان وعلي مثل سرير ملکه ما بدت لي فيک رغبة فأشفق علي مالک، فيقول النخاس: فما الحيلة ولا بد من بيعک، فتقول الجارية: وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسکن قلبي [إليه و] إلي أمانته وديانته، فعند ذلک قم إلي عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معي کتابا ملصقا لبعض الاشراف کتبه بلغة رومية وخط رومي، ووصف فيه کرمه ووفاه ونبله وسخاءه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته، فأنا وکيله في ابتياعها منک.

قال بشر بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في



[ صفحه 85]



أمر الجارية، فلما نظرت في الکتاب بکت بکاء شديدا، وقالت لعمر بن يزيد النخاس: بعني من صاحب هذا الکتاب، وحلفت بالمحرجة المغلظة [8] إنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت اشاحه في ثمنها حتي استقر الامر فيه علي مقدار ما کان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحکة مستبشرة، وانصرفت بها إلي حجرتي التي کنت آوي إليها ببغداد فما أخذها القرار حتي أخرجت کتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه [9] وتضعه علي خدها وتطبقه علي جفنها وتمسحه علي بدنها، فقلت: تعجبا منها أتلثمين کتابا ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني سمعک وفرغ لي قلبک أنا مليکة بنت يشوعا [10] بن قيصر ملک الروم، وأمي من ولدا الحواريين تنسب إلي وصي المسيح شمعون، أنبئک العجب العجيب إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الاخطار سبعمائة رجل وجمع من أمراء الاجناد وقواد العساکر ونقباء الجيوش وملوک العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهو ملکه عرشا مسوغا [11] من أصناف الجواهر إلي صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الاساقفة عکفا ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلبان [12] من الاعالي فلصقت بالارض، وتقوضت الاعمدة [13] .

فانهارت إلي القرار، وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال کبيرهم لجدي: أيها الملک أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملکاني، [14] فتطير جدي من ذلک تطيرا شديدا، وقال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة، وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر [15] المنکوس جده لا زوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنکم بسعوده، فلما فعلوا ذلک حدث علي الثاني ما حدث علي الاول، وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما ودخل قصره وارخيت الستور فأريت في تلک الليلة کان المسيح و الشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا [16] وارتفاعا في الموضع الذي کان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمدا صلي الله عليه وآله مع فتية وعدة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول: يا روح الله إني جئتک خاطبا من وصيک شمعون فتاته مليکة لابني هذا، وأومأ بيده إلي أبي محمد صاحب هذا الکتاب، فنظر المسيح إلي شمعون فقال له: قد أتاک الشرف فصل رحمک برحم رسول الله صلي الله عليه وآله قال: قد فعلت، فصعد ذلک المنبر وخطب محمد صلي الله عليه وآله وزوجني وشهد المسيح عليه السلام وشهد بنوا محمد صلي الله عليه وآله والحواريون، فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا علي أبي وجدي مخافة القتل، فکنت أسرها في نفسي ولا أبديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتي امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس [17] قال: يا قرة عيني فهل تخطر ببالک شهوة فازودکها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدي أري أبواب الفرج علي مغلقة فلو کشفت العذاب



[ صفحه 86]



عمن في سجنک من اساري المسلمين وفککت عنهم الاغلال وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامه لي عافية وشفاء، فلما فعل ذلک جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني وتناولت يسيرا من الطعام فسر بذلک جدي وأقبل علي إکرام الاساري إعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع ليال کأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة النساء أم زوجک أبي محمد عليه السلام، فأتعلق بها وأبکي وأشکو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي، فقالت لي سيدة النساء عليها السلام: إن ابني أبا محمد لا يزورک وأنت مشرکة بالله وعلي مذهب النصاري [18] وهذه اختي مريم تبرأ إلي تعالي من دينک فإن ملت إلي رضا الله عزوجل ورضا المسيح ومريم عنک وزيارة أبي محمد أياک فتقولي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن ـ أبي ـ محمدا رسول الله، فلما تتکلمت بهذه الکلمة ضمتني سيدة النساء إلي صدرها فطيبت لي نفسي، وقالت: الان توقعي زيارة أبي محمد إياک فإني منفذه إليک، فانتبهت وأنا أقول: واشوقاه إلي لقاء أبي محمد، فلما کانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد عليه السلام في منامي فرأيته کأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبک؟ قال: ما کان تأخيري عنک إلا لشرکک وإذ قد أسلمت فإني زائرک في کل ليلة إلي أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلک إلي هذه الغاية.

قال بشر: فقلت لها: وکيف وقعت في الاسر [19] فقالت: أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جدک سيسرب [20] جيوشا إلي قتال المسلمين يوم کذا، ثم يتبعهم فعليک باللحاق بهم متنکرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق کذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي کان من أمري ما رأيت وما شاهدت وما شعر أحد [بي] بأني ابنة ملک الروم إلي هذه الغاية سواک، وذلک باطلاعي إياک عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنکرته وقلت: نرجس، فقال:



[ صفحه 87]



اسم الجواري، فقلت: العجب إنک رومية ولسانک عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي علي تعلم الاداب أن أو عز [21] إلي إمرأة ترجمان له في الاختلاف إلي، فکانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتي استمر عليها لساني واستقام.

قال بشر: فلما انکفأت بها إلي سر من رأي [22] دخلت علي مولانا أبي الحسن العسکري عليه السلام فقال لها: کيف أراک الله عز الاسلام وذل النصرانية، وشرف أهل بيت محمد صلي الله عليه وآله؟ قالت: کيف أصف لک يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به مني؟ قال: فإني اريد [23] أن اکرمک فأيما أحب إليک عشرة آلاف درهم؟ أم بشري لک فيها شرف الابد؟ قالت: بل البشري، [24] قال عليه السلام: فأبشري بولد يملک الدنيا شرقا وغربا ويملأ الارض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن؟ قال عليه السلام: ممن خطبک رسول الله صلي الله عليه وآله له من ليلة کذا من شهر کذا من سنة کذا بالرومية، قالت: من المسيح ووصيه؟ قال: فممن زوجک المسيح ووصيه، قالت: من ابنک أبي محمد؟ قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها علي يد سيدة النساء أمه.

فقال أبو الحسن عليه السلام: يا کافور ادع لي اختي حکيمة، فلما دخلت عليه قال عليه السلام لها: هاهيه فاعتنقتها طويلا وسرت بها کثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله أخرجيها إلي منزلک وعلميها الفرائض والسنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام. [25] .



[ صفحه 88]




پاورقي

[1] کناية عن البعير والفرس.

[2] مهمل.

[3] يعني زمانا غير قليل

[4] في بعض النسخ «سائر الشيعة»، والشأو مصدر الامد والغاية يقال فلان بعيد الشأو أي عالي الهمة.

[5] في بعض النسخ «في تتبع أمره». مکان «في ابتياع أمة».

[6] في بعض النسخ «مطلقا» وفي بعضها «ملفقا».

[7] کذا في أکثر النسخ وفي بعض النسخ «الشنسقة» والظاهر الصواب «الشنتقة» معرب «چنته» وفي البحار «الشقة» وهي بالکسر والضم ـ السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة. وعلي أي المراد الصرة التي يجعل فيه الدنانير.

[8] المحرجة: اليمين الذي يضيق المجال علي الحالف ولا يبقي له مندوحة عن برقسمه. والمغلظة: المؤکدة.

[9] أي تقبله.

[10] في بعض النسخ «يوشعا».

[11] في بعض النسخ «وابرز هو من ملکه عرشا مصنوعا». والبهو: البيت المقدم امام البيوت. وفي بعض النسخ «مصنوعا» مکان «سوغا».

[12] في بعض النسخ «تساقطت الصلبان».

[13] في بعض النسخ «تفرقت الاعمدة» وفي بعضها «تقرضت».

[14] الملکانية أصحاب ملکا الذي ظهر بالروم واستولي عليها. ومعظم الروم ملکانية قالوا: ان الکلمة اتحدت بجسد المسيح (الملل والنحل).

[15] في بعض النسخ «العابر» وفي البحار نقلا عن غيبة الشيخ «العاهر».

[16] يباري السماء: أي يعارضها.

[17] برح به الامر تبريحا: جهده وأضربه.

[18] کذا في البحار وفي جميع النسخ «علي دين مذهب النصاري».

[19] في بعض النسخ «وکيف صرت في الاساري».

[20] أي سيرسل. وفي البحار عن الغيبة «سيسر».

[21] أو عز إليه في کذا: تقدمه.

[22] انکفأت أي رجعت.

[23] في بعض النسخ «أحب».

[24] في بعض النسخ «قال: بل الشرف».

[25] سيأتي ص 427 ما ينافيه في الجملة: ونقلنا هناک في عدم التنافي کلاما.