صلوات الجمعة
الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص51-53 طبع طهران1391هـ، عن الکفعمي في المصباح: أن هذه الصلوات مروية عن صاحب الأمر (عليه السلام)، وقد خرج إلي أبي الحسن الضراب الأصفهاني في مکة:...
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل علي محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وحجة رب العالمين المنتجب في الميثاق [1] المصطفي في الظلال [2] المطهر من کل آفة البريء من کل عيب المؤمل للنجاة المرتجي للشفاعة المفوض إليه دين الله [3] .
اللهم شرف بنيانه وعظم برهانه وأفلج حجته وارفع درجته وأضئ نوره وبيض وجهه وأعطه الفضل والفضيلة والمنزلة والوسيلة [4] والدرجة الرفيعة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون وصل علي أمير المؤمنين ووارث المرسلين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين.
وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين [5] .
وصل علي الحسين بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي علي بن الحسين إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي جعفر بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي موسي بن جعفر إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي علي بن موسي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي علي بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.
وصل علي الخلف الهادي المهدي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين [6] .
اللهم صل علي محمد وأهل بيته الأئمة الهادين العلماء الصادقين الأبرار المتقين دعائم دينک وأرکان توحيدک وتراجمة وحيک وحججک علي خلقک وخلفائک في أرضک الذين اخترتهم لنفسک واصطفيتهم علي عبادک وارتضيتهم لدينک وخصصتهم بمعرفتک وجللتهم بکرامتک. وغشيتهم برحمتک وربيتهم بنعمتک وغذيتهم بحکمتک وألبستهم نورک ورفعتهم في ملکوتک وحففتهم بملائکتک وشرفتهم بنبيک صلواتک عليه وآله. اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة زاکية نامية کثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمک ولا يحصيها أحد غيرک.
پاورقي
[1] کلمة (المنتجب) ذات دلالات ثلاث: الأولي: دلالة المادة - التي هي النجب - وهي ذات طبيعة لازمة ذاتية من نوع الحلم والصبر والحسد. ويمکن تسميتها بـ(إيجابية ملتزمة).
الثانية: دلالة الصيغة - التي هي صيغة المفعول - وهي ذات طبيعة لازمة غيرية أي لا تتحقق إلا بطرفين لأنها تعني المطاوعة التي تکشف خلفية متعدية، فالمفعول لا يتحقق إلا علي أثر صدور فعل من فاعل. ويمکن تسميتها بـ(سلبية ملتزمة).
الثالثة: دلالة الباب - الذي هو باب الافتعال - وهو ذو طبيعة متعدية غيرية مع الإيحاء والصعوبة. ويمکن تسميتها بـ(إيجابية نثرية).
وقلنا: أنه ذو طبيعة متعدية رغم أنه في البعض المواد لا يردف بمفعول به کالاقتتال - حيث يقال: اقتتل زيد وعمرو - لأن الباب يعبر عن الفعل ورد فعل أي عن فعلين متعديين صادرين عن طرفين کل منهما فاعل ومفعول به في وقت واحد فيکتفي بذکر الفاعلين، وإذا أردف بمفعول به، فلمجرد الدلالة علي أن الطرف الآخر هو البادئ، لا لدلالة علي وحدة الفعل، أي للتمييز بين طرف الفعل وطرف رد الفعل. وهذه الدلالات الثلاث - في کلمة (المنتجب) - تعبر عن لزوم توفر ثلاث شروط - في الشخص (المنتجب) - وهي
الأول: القابلية الذاتية للنجب. التي - بدونها - تهدر عملية الإنتجاب.
الثانية: المطاوعة لعملية الإنتجاب وعدم رفضها. وعملية الإنتجاب - في حقيقتها - تشبه الاعتراف بالنجب. أو إعطائه صفة الرسمية.
الثالثة: التجاوب الفعلي مع تلک العملية أي أداء رد الفعل.
ويلاحظ إن الألفاظ التي استخدمت في التعبير عن عملية انتخاب الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله) لمقام الرسالة الخاتمة أربعة:
1: الإنتجاب، الوارد في هذه الصلوات وأمثالها (المنتجب في الميثاق).
2: الاختيار، الوارد في الحديث المشهور بين جميع المحدثين، ونصه - حسب رواية السيوطي في شرحه علي ألفية ابن مالک -: (يا علي! إن الله اطلع علي الأرض اطلاعة فاختارني منها...).
3: الأنباء، الوارد في تتمة هذا الحديث وأمثاله: (... فجعلني نبياً...)
4: الإرسال: الوارد في کثبر من الأحاديث والآيات مثل قوله تعالي: (إنا أرسلناک شاهداً ومبشراً ونذيراً) سورة فتح آية 8، (وما أرسلناک إلا کافة للناس) سورة سبأ آية 28 وربما نستطيع الدخول في أجواء هذه الألفاظ واستنباط المراحل التي مر بها الرسول الأکرم (صلّي الله عليه وآله) من خلال هذه الألفاظ، ونمهد لذلک بما يلي:
إن عملية تکريس أي شخص في أي منصب لا يتم إلا عبر مراحل أهمها:
الأولي- اکتشاف شخصيته وتکميل الشروط اللازمة فيه.
الثانية- تعريضه للامتحان ومفاضلته مع أقرانه.
الثالثة- تعيينه المبدئي، أي ترشيحه ودراسة التيارات المتناقضة حوله.
الرابعة- إصدار قرار بتعيينه.
ويبدو - من خلال الأحاديث الواردة في هذا المجال - أن الرسول الأکرم (صلي الله عليه وآله) مر بمراحل مشابهة:
فالأولي- مرحلة اکتشاف شخصيته وتنميتها وبلورتها بالشکل المناسب وقد عبر عنها بمرحلة (الانتجاب). وقد تمت في عالم الظلال. أي قبل خلق السماوات والأرض.
والثانية- مرحلة الامتحان والمفاضلة التي أخبر عنها الرسول (صلّي الله عليه وآله) بقوله: (إن الله اطلع علي الأرض اطلاعة فاختارني منها... (وقد عبر عنها بمرحلة (الاختيار). وقد تمت بعد خلق السماوات والأرض، ولکن قبل إفراز الأقدار أي في الاطلاعة الأولي.
والثالثة- مرحلة فتح قناة الوحي إليه (صلّي الله عليه وآله) ويعبر عنها بمرحلة (النبوة). وقد ابتدأت قبل خلق آدم (عليه السلام) کما قال (صلّي الله عليه وآله): (کنت نبياً وآدم بين الماء والطين).
الرابعة- مرحلة المسؤولية القيادية، ويعبر عنها بمرحلة (الرسالة) وقد ابتدأت يوم البعثة في غار حراء.
وإذا تجاوزنا دلالات الألفاظ نجد في مجموعة من الأحاديث، تفصيلاً مسهباً عن (العهد) و(الميثاق) وخلاصته: أن الله استعرض الخلق في بعض العوالم السابقة علي عالم الدنيا، وعهد إليهم عهداً وأخذ منهم ميثاقاً، وقد کان (العهد) و(الميثاق) حول أصول الدين وبعض فروعه، وقد أشار القرآن في أکثر من آية إليهما، فقال: (واذکروا نعمة الله عليکم وميثاقه الذي واثقکم به) سورة المائدة، آية 7. (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئک هم الخاسرون) سورة البقرة، آية 27. (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئک لهم اللعنة ولهم سوء الدار) سورة الرعد، آية25.
فيکون معني قول الإمام المهدي (عليه السلام) هنا: (المنتجب في الميثاق) أن الاعتراف بنبوة النبوة الأکرم (صلّي الله عليه وآله) کان من جملة بنود (العهد) الذي أخذ الله عليه الميثاق من عباده قبل أن ينقله إلي عالم الدنيا.
[2] الظلال جمع ظله: کالتلال جمع تله. والظلة: الفيء. و(عالم الظلال) عالم سبق عالم الدنيا. وفي الحديث: (إن الله خلق الخلق، فخلق ما أحب مما أحب، وکان ما أحب أن خلقه من طينة من الجنة. وخلق ما أبغض مما أبغض، وکان ما أبغض أن خلقه في طينة من النار. ثم بعثهم في الظلال...). وفي کلام للإمام علي (عليه السلام): (... کنا تحت ظل غمامة، اضمحل في الجو متلقفها ومجتمعها). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله آخي بين الأرواح في الأظلة، قبل أن يخلق الأجسام بألفي عام...). وفي حديث آخر: (... قلت: وما الظلال؟ قال: ألم تر إلي أن ظلک في الشمس شيء وليس بشيء).
والمراد من (الظلال): الأرواح المجردة من الأجساد، فيکون المقصود من (عالم الظلال) عالم المجردات، أي المخلوقات اللطيفة أو (الطاقة) والتي سبقت خلق المخلوقات الکثيفة. وفي حديث إثبات الصانع: (... أزلياً صمدياً لا ظل يمسکه، وهو يمسک الأشياء بأظلها) أي ليس الله مرکباً من جسم وروح، حتي يحفظه روحه، وإنما هو يحفظ الأشياء بأرواحها. وفي عدد من آيات القرآن إشارة إلي ذلک، کقوله تعالي: (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وکرهاً وظلالهم بالغدو والآصال) أي يسجدون هم وأرواحهم.
وعلي هذا فيکون معني قول الإمام المهدي (عليه السلام): (المصطفي في الظلال) أن اختيار النبي (صلّي الله عليه وآله) لمقام النبوة الخاتمية ثم في عالم الأرواح. وهو تعبير مشابه لقول النبي (صلّي الله عليه وآله): (کنت نبياً وآدم بين الماء والطين).
[3] فوض تفويضاً إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاکم فيه. والمفوض من فوضت إليه إدارة أعمال بلد کالمفوض السامي أو دائرة کمفوض الشرطة، أو من انتدبته دولته أو جماعته ليمثلها في مؤتمر أو نحوه... (المنجد). فوض إليه أمره: رده إليه... (مجمع البحرين) والأمور علي نوعين، أمر واحد لا يتجزأ - عرفاً - مثل: (آمن بالله) وأمره واحد هدفاً ولکنه مرکب من أمور عديدة، مثل: (أقم الصلاة) والنوع الأول غير القابل للتفويض، لأن المأمور إما يطيع أو لا يطيع، والنوع الثاني قابل للتفويض لأن للتطبيق أنحاء مختلفة يخير المأمور بينها. فلکل عمل من النوع الثاني جانبان، جانب محدود وجانب مطلق، فأنت عندما تکلف شخصاً بإيصال رسالة إلي شخص ثالث فإن له جانباً محدوداً بثلاثة حدود: رسالة معينة، منک بالذات، إلي شخص ثالث بالذات، فإذا التزم الرسول بهذه الحدود الثلاثة يأتي الجانب المطلق، الذي لا يفرق بين إيصالها ليلاً أو نهاراً، وسراً أو جهراً، واقفاً کان الرسول أو قاعداً...
وهذان الجانبان موجدان في عمل محدد بالأصل کإيصال رسالة من شخص إلي شخص، ويتسع الجانبان کلما اتسع العمل.
والله سبحانه عندما أرسل رسالته علي النبي الأکرم (صلّي الله عليه وآله) - وهي رسالة واسعة تشتمل علي تبليغ دين وترکيز دولة وبناء أمة - وضع له مقاييس ثابتة ثم أطلق له حرية التحرک في نطاق تلک المقاييس. وهذا أمر طبيعي.
فرئيس جمهورية عندما يکلف شخصاً بتشکيل وزارة، فإنه يضع لعمله حدوداً مدونة في کتب القانون، ويطلق له صلاحية التحرک في اتّباع ما يراه مناسباً خارج القانون أي في التفاصيل. ويزداد الأمر اتساعاً کلما کانت وجهات النظر متقاربة، کما لو کان المکلف بتشکيل الوزارة أکثر تلامذة رئيس الجمهورية انسجاماً معه.
فإذا تم التوافق في الرأي بين الآمر والمأمور.
وکانت الصلاحية في التفاصيل.
يصبح الأمر أکثر من طبيعي.
ونجد هذين الأمرين - بوضوح - في أحاديث التفويض، ففي بعض الحديث: (إن الله أدب نبيه بتأديبه، ففوض إليه دينه...). وفي حديث آخر: (قد فوض الله إلي النبي (صلّي الله عليه وآله) أمر دينه، ولم يفوض إليه تعدي حدوده).
ومهما تکن حقيقة التفويض، وکيفما کان مفهومنا من أحاديث التفويض، فالذي لا شک فيه أن النبي (صلّي الله عليه وآله) خرج من هذا التفويض أکثر وهجاً من اليوم تحمله، فقد خرج التقرير النهائي عن مسلکية النبي (صلّي الله عليه وآله) في أداء الرسالة قرآناً: (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) سورة النجم، آية 3 - 4.
فهذا التفويض کان نوعاً من الصلاحية تکريماً للنبي الأعظم دون سواه من الأنبياء (عليهم السلام)، ولکن النبي (صلّي الله عليه وآله) بقي ملتزماً بحرفية الوحي تعظيماً لله.
[4] إشارة إلي قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) سورة المائدة، آية 35.
(أولئک الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة) سورة الإسراء، آية 57.
وفي الحديث عن النبي (صلّي الله عليه وآله): (سلوا الله لي الوسيلة).
وروي: (إنها أعلي درجة في الجنة...).
وقد تکون في معناها اللغوي أي مطلق ما يتقرب به، وما يتقرب به إلي الله کثير ودرجات القرب کثير، فحتي النبي (صلّي الله عليه وآله) رغم قربه يطمح إلي قرب أخص فيبحث عما يتقرب به أکثر فأکثر، وما دام الله لا يتناهي فالقرب إليه لا يتناهي، فطموح المتقربين إليه لا يتناهي من جانب الله، وأما من جانب الناس فيتناهي بانتهائهم، لأن الممکن متناه مهما بلغ.
[5] المقام المحمود، قيل: هو المقام الذي يحمده في جميع الخلائق کتعجيل الحساب والإزاحة من طول الوقوف. وقيل: هو الشفاعة.
ويظهر من سياق التعبيرات: أن المقام المحمود اسم لمقام معين هو أفضل مقامات عالم القيامة. ومن الطبيعي أن من يتبوأ ذلک المقام يکون سيد الموقف، فيغبطه به الأولون والآخرون.
[6] في هذا التکرار تأکيد علي أن کل منهم له هذه الصفات.