بازگشت

ارتداد الشلمغاني


الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص289 - 296 روي أصحابنا: أن أبا محمد الحسن السريعي کان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد (عليهم السلام) وهو أول من ادعي مقاماً لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان وکذب علي الله وحججه (عليهم السلام)، ونسب إليهم ما لا يليق بهم وما هم منه براء، ثم ظهر منه القول بالکفر والإلحاد، وکذلک کان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن (عليهما السلام) فلما توفي ادعي البابية لصاحب الزمان، ففضحه الله تعالي بما ظهر منه من الإلحاد والغلو والتناسخ، وکان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد ويقول بالإباحة للمحارم، وکان أيضاً من جملة الغلاة أحمد بن هلال الکرخي، وقد کان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد (عليه السلام) ثم تغير عما کان عليه وأنکر بابية أبي جعفر محمد بن عثمان، فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الزمان والبراءة منه، في جملة من لعن وتبرأ منه. وکذا کان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال، والحسين بن منصور الحلاج، ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقري، لعنهم الله، فخرج التوقيع بلعنهم والبراءة منهم جميعاً علي يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله) ونسخته:

اعرف أطال الله بقاک؛ وعرّفک الله الخير کلّه، وختم به عملک. من تثق بدينه وتسکن إلي نيّته من إخواننا أدام الله سعادتهم: بأن (محمد بن علي المعروف بالشلمغاني) عجّل الله له النقمة ولا أمهله، قد ارتدّ عن الإسلام وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعي ما کفر معه بالخالق جلّ وتعالي، وافتري کذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، کذب العادلون بالله وضلّوا ضلالاً بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً.

وإنّا برئنا إلي الله تعالي وإلي رسوله صلوات الله عليه وسلامه ورحمته وبرکاته منه، ولعنّاه، عليه لعاين الله تتري، في الظاهر منّا والباطن، في السرّ والجهر، وفي کلّ وقت، وعلي کلّ حال، وعلي کلّ من شايعه وبلغه هذا القول منّا فأقام علي تولاّه [توليه] بعده.

أعلمهم تولاّک الله؛ أنّنا في التوقّي والمحاذرة منه علي مثل ما کنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه، من: (السريعي، والنّميري، والهلالي، والبلالي) وغيرهم [1] ، وعادة الله جل ثناؤه مع ذلک قبله وبعده عندنا جميلة، وبه نثق وإيّاه نستعين، وهو حسبنا في کلّ أمورنا ونعم الوکيل..


پاورقي

[1] (السريعي) هو أبو محمد الحسن (والنميري) هو محمد بن نصير النميري (والهلالي) هو أحمد بن هلال الکرخي (والبلالي) هو محمد بن علي بن بلال (وغيرهم) في البحث في الکتب - عشرة أشخاص في أيام الغيبة الصغري ذکر بعضهم الشيخ الطوسي (قدس سره) في کتاب الغيبة، وذکر البعض الآخرون.

1- السريعي:

قال الشيخ قدس سره في کتاب الغيبة: أولهم المعروف بالسريعي أخبرنا جماعة، عن أبي محمد التلعکبري، عن أبي علي محمد بن همام قال: کان السريعي يکني بأبي محمد، قال هارون: أظن أسمه کان الحسن وکان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي بعده (عليهم السلام)، وهو أول من ادعي مقاماً لم يجعله الله فيه، ولم يکن أهلاً له، وکذب علي الله وعلي حججه (عليهم السلام) ونسب إليهم ما لا يليق بهم، وما هم منه براء فلعنه الشيعة، وتبرأت منه وخرج توقيع الإمام بلعنه والبراءة منه.

قال هارون: ثم ظهر منه القول بالکفر والإلحاد قال: وکل هؤلاء المدعين إنما يکون کذبهم أولاً علي الإمام وأنهم وکلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلي موالاتهم ثم يترقي الأمر بهم إلي قول الحلاجية کما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تتري.

2- النميريّ:

ومنهم محمد بن نصير النميري قال ابن نوح: أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد قال: کان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) فلما توفي أبو محمد ادعي مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنه صاحب إمام الزمان وادعي البابية، وفضحه الله تعالي بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبريه منه واحتجاجه عنه وادعي ذلک الأمر بعد السريعي.

قال أبو طالب الأنباري: لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرأ منه فبلغه ذلک فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه ورده خائباً. وقال سعد بن عبد الله: کان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي وأن علي بن محمد [يعني: الهادي] (عليه السلام) أرسله، وکان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن [الهادي] ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإجابة للمحارم، وتحليل نکاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أن ذلک من التواضع والإخبات والتذلل في المفعول به وأنه من الفاعل إحدي الشهوات والطيبات وأن الله عز وجل لا يحرم شيئاً من ذلک.

وکان محمد بن موسي بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده. أخبرني بذلک عن محمد بن نصير أبو زکريا يحيي بن عبد الرحمن بن خاقان أنه رآه عياناً وغلام له علي ظهره قال: فلقيته فعاتبته علي ذلک فقال: إن هذا من اللذات وهو من التواضع لله وترک التجبر.

قال سعد: فلما اعتل محمد بن نصير العلة توفي فيها، قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدم؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد فلم يدر من هو؟ فافترقوا بعده ثلاث فرق: قالت فرقة أنه أحمد ابنه وفرقة قالت: هو أحمد بن محمد بن موسي بن الفرات وفرقة قالت: أنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرقوا فلا يرجعون إلي شيء.

3- الکرخيّ:

ومنهم أحمد بن هلال الکرخي قال أبو علي بن همام: کان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمد (عليه السلام) فاجتمعت الشيعة علي وکالة أبي جعفر محمد بن عثمان رحمه الله بنص الحسين (عليه السلام) في حياته ولما مضي الحسين (عليه السلام) قالت الشيعة الجماعة له: ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه وقد نص عليه الإمام المفترض الطاعة فقال لهم: لم أسمعه ينص عليه بالوکالة، وليس أنکر أباه يعني عثمان بن سعيد فأما أن أقطع أن أبا جعفر وکيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه، فقالوا: قد سمعه غير، فقال: أنتم وما سمعتم، ووقف علي أبي جعفر فلعنوه وتبرءوا عنه.

ثم ظهر التوقيع علي يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.

4- محمد بن علي بن بلال:

ومنهم أبو طاهر محمد بن علي بن بلال وقصته معروفة فيما جري بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري نضر الله وجهه وتمسکه بالأموال التي کانت عنده للإمام وامتناعه من تسليمها وادعائه أنه الوکيل حتي تبرأت الجماعة منه ولعنوه وخرج من صاحب الزمان (عليه السلام) ما هو معروف.

وحکي أبو غالب الزراري قال: حدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيي المعاذي قال: کان رجل من أصحابنا قد انضوي إلي أبي طاهر بن بلال بعدما وقعت الفرقة ثم أنه رجع عن ذلک وصار في جملتنا فسألناه عن السبب قال: کنت عند أبي طاهر يوماً وعنده أبو الطيب وابن خزر وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال أبو جعفر العمري علي الباب ففزعت الجماعة لذلک وأنکرته للحال التي کانت جرت وقال: يدخل، فدخل أبو جعفر رضي الله عنه فقام له أبو طاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس وجلس أبو طاهر کالجالس بين يديه فأمهلهم إلي أنه سکتوا.

ثم قال: يا أبا طاهر نشدتک الله أو نشدتک بالله ألم يأمرک صاحب الزمان (عليه السلام) بحمل ما عندک من المال إلي؟ فقال: اللهم نعم فنهض أبو جعفر رضي الله عنه منصرفاً ووقعت علي القوم سکتة فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطيب: من أين رأيت صاحب الزمان؟ فقال أبو طاهر: أدخلني أبو جعفر رضي الله عنه إلي بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه فقال له أبو الطيب: ومن أين علمت أنه صاحب الزمان (عليه السلام) قال: وقع علي من الهيبة له، ودخلني من الرعب منه ما علمت أنه صاحب الزمان (عليه السلام) فکان هذا سبب انقطاعي عنه. (وقد يحتمل کون ذلک صدر عنه تقية وخوفاً من الظالمين الذين کانوا يتربصون بأصحاب الأئمة (عليهم السلام) کل دائرة - کما مضي منا نقل ذلک عن الشيخ الحر في وسائل الشيعة، في مقدمة الکتاب عند الحديث عن وکلاء آخرين غير النواب الأربعة - والله أعلم).

5- الحلاّج:

ومنهم الحسين بن منصور الحلاج:

أخبرنا الحسين بن إبراهيم، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد الکاتب ابن بنت أم کلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: لما أراد الله تعالي أن يکشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أن أبا سهل ابن إسماعيل بن علي النوبختي رضي الله عنه ممن تجوز عليه مخرقته، وتتم عليه حيلته، فوجه إليه يستدعيه، وظن أن أبا سهل کغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق ويتصوف بانقياده علي غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة علي الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إياه: إني وکيل صاحب الزمان (عليه السلام) وبهذا أولاً کان يستجر (الجهال) ثم يعلو منه إلي غيره - وقد أمرت بمراسلتک وإظهار ما تريده من النصرة لک، لتقوي نفسک ولا ترتاب بهذا الأمر.

أبو سهل يسأل الحلاج:

فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول لک: إني أسألک أمراً يسيراً يخف مثله عليک في جنب ما ظهر علي يديک من الدلائل والبراهين، وهو أني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدة أتخطاهن والشيب يبعدني عنهن وأحتاج أن أخضبه في کل جمعة وأتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلک وإلا انکشف أمري عندهن، فصار القرب بعداً والوصال هجراً، وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتکفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإنني طوع يديک وصائر إليک، وقائل بقولک، وداع إلي مذهبک، مع ما لي في ذلک من البصيرة، ولک من المعونة.

فلما سمع ذلک الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسک عنه ولم يرد إليه جواباً ولم يرسل إليه رسولاً وصيره أبو سهل رضي الله عنه أحدوثة وضحکة ويطنز به عند کل أحد، وشهر أمره عند الصغير والکبير، وکان هذا الفعل سبباً لکشف أمره وتنفير الجماعة منه.

الحلاج في قم:

وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه أن ابن الحلاج (وهو الحسين بن منصور، المعروف بالحلاج، وإن کان أصل اللقب لأبيه ولذا قيل هنا (ابن الحلاج)) صار إلي قم وکاتب قرابة أبي الحسن (والد الصدوق) يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضاً ويقول: أنا رسول الإمام ووکيله، قال: فلما وقعت المکاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه: ما أفرغک للجهالات؟ فقال له الرجل - وأظن أنه قال: إنه ابن عمته أو ابن عمه - فإن الرجل قد استدعانا فلم خرقت مکاتبته وضحکوا منه وهزءوا به، ثم نهض إلي دکانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.

إخراج الحلاج من قم

قال: فلما دخل إلي الدار التي کان فيها دکانه نهض له من کان هناک جالساً غير رجل رآه جالساً في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلما جلس وأخرج حسابه ودواته کما تکون التجار، أقبل علي بعض من کان حاضراً فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له: تسأل عني وأنا حاضر فقال له أبي: أکبر تک أيها الرجل وأعظمت قدرک أن أسألک فقال له: تخرق رقعتي وأنا أشاهدک تخرقها فقال له أبي: فأنت الرجل إذاً. ثم قال: يا غلام برجله وبقفاه فأخرج من الدار العدو لله ولرسوله، ثم قال له: أتدعي المعجزات؟ عليک لعنة الله... فما رأيناه بعدها بقم.

من خرافات الحلاج:

قال المحقق النوري في مستدرکه - نقلاً عن بعض المجاميع المخطوطة للشهيد الأول قدس سره: (أبو معتب الحسين بن منصور الحلاج الصوفي کان جماعة يستشفون ببوله (وقيل) إنه ادعي الربوبية، ووجد له کتاب فيه: إذا صام الإنسان ثلاثة أيام بلياليها ولم يفطر، وأخذ وريقات هندباء فأفطر عليها أغناء عن صوم رمضان (ومن) صلي في ليلة رکعتين من أول الليل إلي الغداة أغنته عن الصلاة بعد ذلک. (ومن) تصدق بجميع ما يملک في يوم واحد أغناه عن الحج (وإذا) أتي قبور الشهداء بمقابر قريش [يعني: الکاظمية] فأقام فيها عشرة أيام يصلي ويدعو ويصوم ولا يفطر إلا علي قليل من خبز الشعير والملح أغناه ذلک عن العبادة)(مستدرک الوسائل ج3 ص372).

6- الشلمغاني:

ومنهم ابن أبي العزاقر أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الکاتب ابن بنت أم کلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قال حدثتني الکبيرة أم کلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنهما قالت: کان أبو جعفر ابن أبي العزاقر وجيهاً عند بني بسطام، وذاک أن الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه وأرضاه کان قد جعل له عند الناس منزلة وجاهاً فکان عند ارتداده يحکي کل کذب وبلاء وکفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه، حتي انکشفت ذلک لأبي القاسم فأنکره وأعظمه ونهي بني بسطام عن کلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا علي توليه.

تمويه الشلمغاني علي العامة:

وذاک أنه کان يقول لهم: إنني أذعت السر وقد أخذ علي الکتمان فعوقبت بالإبعاد بعد الاختصاص لأن الأمر عظيم لا يحتمله إلا ملک مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤکد في نفوسهم عظم الأمر وجلالته.

فبلغ ذلک أبا القاسم رضي الله عنه فکتب إلي بني بسطام بلعنه والبراءة منه وممن تابعه علي قوله، وأقام علي توليه، فلما وصل إليهم أظهروه عليه فبکي بکاءً عظيماً ثم قال: إن لهذا القول باطناً عظيماً وهو أن اللعنة الإبعاد، فمعني قوله: لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي ومرغ خديه علي التراب وقال: عليکم بالکتمان لهذا الأمر.

قالت الکبيرة رضي الله عنها: وقد کنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن أم أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوماً وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتي انکبت علي رجلي تقبلها فأنکرت ذلک وقلت لها: مهلاً يا ستي [يعني: يا سيدتي] فإن هذا أمر عظيم، وانکببت علي يدها فبکت.

قوله بالحلول:

ثم قالت: کيف لا أفعل بک هذا وأنت مولاتي فاطمة؟ فقلت لها: وکيف ذاک يا ستي فقالت لي: إن الشيخ يعني أبا جعفر محمد بن علي [الشلمغاني] خرج إلينا بالستر قالت: فقلت لها: وما الستر؟ قالت قد أخذ علينا کتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت، قالت: وأعطيتها موثقاً أني لا أکشفه لأحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه يعني أبا القاسم الحسين بن روح.

قالت: إن الشيخ أبا جعفر قال لنا: إن روح رسول الله (صلّي الله عليه وآله) انتقلت إلي أبيک يعني أبا جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنه، وروح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) انتقلت إلي بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة (عليها السلام) انتقلت إليک فکيف لا أعظمک يا ستنا. فقلت لها: مهلاً لا تفعلي فإن هذا کذب يا ستنا. فقالت لي: سر عظيم وقد أخذ علينا أن لا نکشف هذا لأحد فالله الله في لا يحل بي العذاب ويا ستي لولا حملتني علي کشفه ما کشفته لک ولا لأحد غيرک.

قالت الکبيرة أم کلثوم رضي الله عنها: فلما انصرفت من عندها دخلت إلي الشيخ أبي القاسم ابن روح رضي الله عنه فأخبرته بالقصة وکان يثق بي ويرکن إلي قولي فقال لي: يا بنية إياک أن تمضي إلي هذه المرأة بعد ما جري منها، ولا تقبلي لها رقعة إن کاتبتک، ولا رسول إن أنفذته إليک، ولا تلقاها بعد قولها فهذا کفر بالله تعالي وإلحاد قد أحکمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقاً إلي أن يقول لهم: بأن الله تعالي اتحد به، وجل فيه، کما تقول النصاري في المسيح (عليه السلام) ويعدو إلي قول الحلاج لعنه الله.

قالت: فهجرت بني بسطام: وترکت المضي إليهم ولم أقبل لهم عذراً ولا لقيت أمهم بعدها، وشاع في بني نوبخت الحديث فلم يبق أحد إلا وتقدم إليه الشيخ أبو القاسم وکاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه وممن يتولاه ورضي بقوله أو کلمه فضلاً عن موالاته.

ثم ظهر التوقيع من صاحب الزمان (عليه السلام) بلعن أبي جعفر محمد بن علي والبراءة منه وممن تابعه وشايعه ورضي بقوله، وأقام علي توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع.

سبب قتل الشلمغاني:

وله حکايات قبيحة وأمور فظيعة ينزه کتابنا عن ذکرها، ذکرها ابن نوح وغيره، وکان سبب قتله أنه لما أظهر لعنه أبو القاسم بن روح واشتهر أمره وتبرأ منه وأمر جميع الشيعة بذلک، لم يمکنه التلبيس، فقال في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة وکل يحکي عن الشيخ أبي القاسم لعنه والبراءة منه: اجمعوا بيني وبينه حتي آخذ يده ويأخذ يدي فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه وإلا فجميع ما قاله في حق ورقي ذلک إلي الراضي لأنه کان ذلک في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه وقتله فقتل واستراحت الشيعة منه (غيبة الطوسي (قدس سره): ص244 وما بعدها). (أقول) وکانت له فتاوي فاسدة، ومذاهب باطلة ذکر بعضها الشيخ (قدس سره) في الغيبة، وذکر آخر منها غيره أيضاً لا ضرورة لاستيعابها هنا.

7- محمد بن أحمد بن عثمان:

أبو بکر المعروف بالبغدادي، ابن أخي محمد بن عثمان العمري - النائب الثاني لصاحب الأمر (عليه السلام) - وحفيد عثمان بن سعيد العمري - النائب الأول -.

وأمره في قلة العلم والمروة أشهر من أن يذکر (غيبة الطوسي (قدس سره): ص256).

وکان معروفاً لدي عمه أبي جعفر العمري بالانحراف، ولم يکن معروفاً لدي البعض الآخر من أصحابه.

ومن هنا کان جماعة من الأصحاب الموالين في مجلس العمري (رضي الله عنه) وهم يتذاکرون شيئاً من روايات الأئمة (عليهم السلام)، فأقبل عليهم أبو بکر محمد بن أحمد بن عثمان أبن أخيه، فلما بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة مشيراً إليه: أمسکوه فإن هذا الجاني ليس من أصحابکم.

أدعي السفارة، وکان له أصحاب منهم (أبو دلف محمد بن المظفر الکاتب) وکان في ابتداء أمره مخمساً - [جاء في هامش (الغيبة) - 256: المخمسة من الغلاة يقولون: أن الخمسة سلمان وأبا ذر والمقداد وعمار وعمرو بن أمية العمري هم الموکلون بمصالح العالم من قبل الرب. (ولکن) في الملل والنحل - للشهرستاني: ج2 ص13 هکذا: (هم فرقة من الغلاة يقولون بألوهية أصحاب الکساء الخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلي الله عليه وعليهم أجمعين) بأنهم نور واحد، والروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد علي الآخر)] - مشهوراً بذلک، لأنه کان تربية الکرخيين وتلميذهم وصنيعتهم، وکان الکرخيون مخمسة لا يشک في ذلک أحد من الشيعة، وقد کان أبو دلف يقول ذلک ويعترف به ويقول: نقلني سيدنا الشيخ الصالح قدس الله روحه ونور ضريحه عن مذهب أبي جعفر الکرخي إلي المذهب الصحيح - يعني أبا بکر البغدادي - [الغيبة: ص255] وسنذکر أبا دلف مستقلاً.

قال الراوي: فلما دخل [أي أبا بکر البغدادي] قام إليه أبو دلف الکاتب وعدل عن الطائفة وأوصي إليه. لم نشک أنه علي مذهبه فلعناه وبرئنا منه لأن عندنا أن کل من أدعي الأمر بعد السحري فهو کافر منمس ضال مضل (الغيبة: ص255).

وکان أبو دلف هذا يدافع عن أبي بکر البغدادي ويفضله علي أبي القاسم بن روح وعلي غيره.

فلما قيل له في وجه ذلک قال: لأن أبا جعفر محمد بن عثمان قدم اسمه علي اسمه في وصيته، فقلت له: فالمنصور أفضل من مولانا أبي الحسن موسي (عليه السلام).

قال: وکيف؟

قلت: لأن الصادق (عليه السلام) قد أسماه علي اسمه في الوصية.

فقال لي: أنت تعصب علي سيدنا ومولانا وتعاديه؟.

فقلت: والخلق کلهم تعادي أبا بکر البغدادي وتتعصب عليه غيرک وحدک وکدنا نتفاءل ونأخذ بالأزياق.

8 و9 - الباقطاني وإسحاق الأحمر:

أخرج العلامة المجلسي في البحار (الطبعة القديمة: ج13 ص79) عن أبي جعفر الطبرسي بإسناد مرفوع عن أحمد الدينوري أنه حمل معه ستة عشر ألف دينار لصاحب الأمر (عليه السلام) وجاء إلي بغداد وبحث عمن أشير إليه بالنيابة، فقيل له: إن هاهنا رجلاً يعرف بالباقطاني، يدعي النيابة، وآخر معروف بإسحاق الأحمر يدعي النيابة، وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعي النيابة.

قال فبدأت بالباقطاني وصرت إليه فوجدته شيخاً مهيباً له مروءة ظاهرة وفرس عربي... إلي أن قال فلما لم يأت بحجة فصرت إلي إسحاق الأحمر.. فلم يأت بحجة [تدل علي أنه نائب صاحب الأمر عليه السلام].

قال! وصرت إلي أبي جعفر العمري... الخ (قد نقلنا تفصيل هذا الحديث في المقدمة فلا نکرره).

ويظهر من هذا النقل أن الباقطاني والأحمر کانا قد ادعيا النيابة في أوائل الغيبة الصغري حيث لم تکن الشيعة بعد تعرف النواب الحقيقيين.

کما يظهر منه - أي من تفصيله الذي مر في (المقدمة) - أنهما کانا يزيدان علي أنفسهما بالفخفخة، ليموها علي السذج والبسطاء الأمر، لکي يعيشا من هذا السبيل.

10- أبو دلف الکاتب:

واسمه محمد بن المظفر، کان قد آمن بأبي بکر البغدادي - کما مر - ثم عند موته أوصي أبو بکر البغدادي إليه بالنيابة، وأصبح أبو دلف يدعي السفارة عن صاحب الأمر بعد وفاة (السمري) - آخر النواب الأربعة - رغم صدور التوقيع الرفيع بوقوع الغيبة الکبري، وانقطاع السفارة الخاصة.

وکان أبو دلف هذا معروفاً بالإلحاد.

فقد أخرج الأردبيلي في رجاله قال:

(أبو دلف المجنون، روي الشيخ الطوسي عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن عن بلال المهلبي قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول: أما أبو دلف الکاتب - لا حاطه الله - فکنا نعرفه ملحداً ثم أظهر الغلو، ثم صار مفوضاً وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ولا عرفته الشيعة إلا مديدة يسيرة والجماعة تبرأ منه وممن يتنمس به... الخ) (جامع الرواة ج2 ص469).

وقد مضي بعض ما يرتبط به في الحديث عن أبي بکر البغدادي.