دور موسي
فلما ظهر الفراعنة في مصر تطور الأمر من ناحيتين: الأولي: أن الفراعنة حاولوا تأسيس إمبراطورية واسعة - في ظل دعوي الربوبية - فأسسوا جيشاً نظامياً، ووجهوا فصائله إلي الأقطار المجاورة، من أجل إخضاعها لحکم الفراعنة. الثانية: ظهر في أيامهم السحر، وتقدم بسرعة مذهلة، فکان الملک الفرعوني يحکم بسلطتين: سلطة جيش نظامي جرّار، وسلطة سحرة أشداء. والمؤمنون الذين کانوا ينتظرون ظهور موسي بن عمران، کانوا يظنون أن موسي بن عمران - حينما يظهر - يستخدم الأساليب والوسائل التي استخدمها إبراهيم الخليل (عليه السلام) فکانوا يشکّون في انتصاره علي الفراعنة، وما کانوا يعلمون أن موسي بن عمران (عليه السلام) يظهر بتسع آيات بينات يتضاءل أمامها السحر والسحرة، وبقوة عصاه التي تلقف ما يأفکون، وبقوة البحر الذي يبتلع فرعون وجنوده. ما کانوا يعلمون ذلک، فکان من الطبيعي أن يشکّوا في انتصار موسي بن عمران علي الفراعنة. فلما جاء موسي بن عمران بتلک الوسائل عرف الناس أن أنبياء الله قد يأتون بمثلها. وقضي موسي بن عمران علي أسطورة السحر الذي لا يقهر، والجيش الذي لا ينهزم، والملک الذي لا تطاله قوة حتي يقول: أنا ربکم الأعلي.