بازگشت

ظاهرة انتهاء فکرة الإمام المهدي


الظاهرة السادسة: ظاهرة انتهاء فکرة الإمام المهدي إلي الاتکالية طالما هو يفجر الثورة الکبري في اللحظة المناسبة. فکأنها توحي إلي الناس جميعاً بأن لا تعملوا أي شيء، فإنني سأعمل کل شيء.

والجواب: أولاً: إن إعطاء کل شيء حجمه، ووضع الأشياء في أطرها ينتهي بالموضوعية لا بالاتکالية، فإذا قلنا بأن الشمس ستشرق في وقت معين، وتضيء الدنيا، فليس معني ذلک قتل الشمعة التي أقصي تضحيتها أن تنير دائرة محدودة حولها. فما من رسول من أولي العزم إلا وکانت تسبقه البشائر بظهوره ونجاحه في قيادة عملية التغيير إلي الأفضل، وما کانت هذه البشائر توحي بالاتکالية إلي أحد، وإنما کانت تعيد الآمال إلي حجم الطاقات التي تنطلق منها حتي لا يحاول أکثر مما يستطيع فيزهد فيما يستطيع ويعجز عما لا يستطيع ويضيع بين ما لا يرضي به وبين ما لا يقدر عليه.

إن الإعلان عن وجود رئيس الجمهورية - مثلاً - في مکتبه الأعلي، لا يعني إلا إعادة الموظفين إلي دوائرهم المختلفة حسب صلاحياتهم. لا إقالتهم من وظائفهم.

وإن الإعلان عن وجود المصلح الأکبر علي الطريق لا يثبط أحد من إصلاح من يستطيع من أهله ومجتمعه وشعبه.

ثانياً: إن کل فرد يدخل حلبة الصراع الاجتماعي الرهيب يشعر بالعجز عن إنجاز ما يطمح إليه قبل أن يدخل الحلبة: وهذا الشعور بالعجز ينسف کثيراً من الآمال التي تضيع طريقها إلي النور. فتکريس هذه الآمال في المصلح المنتظر تشجع الآمال المنهارة علي قارعة الطريق أن تنهض وتواصل السير فمهما تقلبت الأجواء فلها المطاف الأخير. فالمقدمة لا تستسلم إذا علمت أن ورائها جيش ساحق، ولکنها تستسلم فور ما تعلم أنها يتيمة لا تعقبها نجدة.

ثالثاً: إن هنالک من لا يخوضون الممارسات العنيفة لأسباب مختلفة، ولکنهم إذا سئلوا عن السبب أجابوا بأن الإمام المهدي (عليه السلام) سيظهر ويصلح العالم، لا لأنهم يرون أن فکرة الإمام المهدي (عليه السلام) تؤدي بهم إلي الموقف الذي يقفونه، ولکنهم لا يريدون إعلان السبب الواقعي، ويريدون وضع حد لمتابعة السؤال، فيظن البعض أن إيمانهم بالإمام المهدي (عليه السلام) هو السبب الواقعي لاتخاذ ذلک الموقف.

کما أن المؤمنين بالله إذا سئلوا عن ترک قضية ولم يريدوا کشف السبب الواقعي أجابوا بالتوکل علي الله، فيظن الملحدون أن الإيمان بالله يؤدي إلي الاتکالية وترک الأمور علي عواهنها. بينما الذين يعرفون موارد استخدام هذه التعبيرات يدرکون أن هذا النوع من الإجابة قد يکون بمثابة رد دوبلماسي لسؤال لا يريد عنه المسؤول جواباً.

وقد يکون لغير ذلک أيضاً.